11 سبتمبر 2025
تسجيل«لطالما وستظل قطر دوما مستمرة في إدانة معاداة السامية والإسلاموفوبيا وكل أشكال خطابات الكراهية بأقسى العبارات». جاء هذا في بيان للسفارة القطرية في واشنطن ردًّا على ادّعاءات علاقة قطر مع جامعات أمريكية لدعم أجنداتها الخاصة مؤكدة أنها معلومات مغلوطة ومضللة وغير مسؤولة والتي يفترض أن تُدان من قِبَل جميع الأطراف. موضحة أن «الاتفاقيات المالية موجهة للكلف التشغيلية لفروع الجامعات الأمريكية في الدوحة لتمويل البناء والصيانة والرواتب وغيرها داخل قطر وليس في أمريكا»، مؤكدة «أن قطر لا تتدخل أبدا في المراكز التعليمية أو في المقررات لأي من المدارس أو الكليات أو الجامعات الأمريكية». تغلّف الادّعات ذلك بأنه تغيير أولويات وما هو إلا تبديل أدوات الدعاية في وقت خرجت فيه المظاهرات الطلابيه من يد الداخل الأمريكي كما أسلفت في المقال السابق. الغريب أنّ المصالح الأمريكيّة تريد استمرار قطر كقطب فاعل رئيس في الوساطة في القضايا التي وقعت في وحلها خصوصا وأن أمريكا نفسها استفادت من قوة قطر الدبلوماسية في ملف أفغانستان بعد انسحابها منه 2021 فصنّفت قطر حليفا رئيسا من خارج الناتو منذ يناير 2022 لدورها في إجلاء ما يزيد على 70 ألفا من الأمريكيين والأفغان وحاملي الإقامات الدائمة واستضافتهم في مرحلة انتقالية. ثمّ يأتي التناقض السافر بتقريع قطر على استمرار فروع الجامعات فيها وتشكيل صورة مضللة عنها خلال حرب المحتل على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 نظرا لاستضافة قطر قادة حماس السياسيين واتهام الجزيرة بحماس واتهام جامعة نورث ويسترن بماذا؟ بالشراكة مع الجزيرة «الشبكة الإخبارية» وللأسف في تهم باطله بنعتها فما لحماس... وهلمّ جرّا في دائرة لا تنتهي، كلّ ذلك العالم شاهد ويشهد ولأول مرّة في التاريخ وعلى الهواء مباشرة من كلّ منصات التواصل الاجتماعي وليس الجزيرة فحسب يشاهد المحرقة والمجازر السافرة التي ينتهكها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين العزّل كل دقيقة، مع استمرار بروباغندا الحرب التي لم تعد خافية على العالم باتهام حماس في دفاعها المشروع عن أرواح شعبهم واحتلال أرضهم ومقدساتهم وتشريدهم وتصفيتهم والتطهير العرقي الذي ركّز على قتل أطفالهم ونسائهم وتفجير أرحام نسائهم بمن فيها باستمرار الآلة في إطلاق مصطلح منظّم سلفا وتسميته بـ «الإرهاب». ثم اتهام كل من يدافع عن الحق الفلسطيني بذات التهم. أمريكا هي من طلبت من قطر استضافة قادة حماس السياسيين كما طلبت منها استضافة حكومة طالبان من قبل وتقلد زمام الوساطة بيد أنها تتخذ منهجيّة مدروسة قائمة على الابتزاز السياسي والإعلامي بسلاح مرتّب سلفا صاغته مؤسساتها العسكرية الحربيّة الدعائية بمصطلح جديد لا هو قوة صلبة ولا ناعمة بل أنعم وأقوى أسمته «القوّة أو القدرة على الإرغام» Power to Coerce جاء الفصل الأول منه فيما ذكرته في المقال السابق من اتهام قطر بحيازة أبحاث الطاقة النووية في تكساس أي أند إم والذي كذَّبه رئيس جامعتها بنفي وجود قسم لهذا النوع من الهندسة جملة وتفصيلا، ثمّ بتقريع نورث ويسترن على الشراكة مع الجزيرة بوصفها بـ «المحرّضة» وما هو إلا فصل مدروس ومتوقّع بعد امتداد شرارة المظاهرات الطلابية إلى الجامعات الأوروبية في دول هي شريكة في تمويل وتسليح المجازر على غزّة. محاولات الإرغام أو بالعامية «لي الذراع» تسعى لتشويه صورة الطرف الآخر، لكن الغريب أن الطرف الآخر هنا - في حملة الجامعات الأمريكيّة في قطر - لم يأتِ من أمريكا كخصم وهذه هي المفارقة بل كشريك وحليف وصديق لأمريكا ولكن المصلحة العليا للصهيونية والمحتل الإسرائيلي تقتضي استخدام طريقة تضليلية احترافية لأن طعن الصديق لا يأتي بالقوة الصلبة ولا الناعمة بخفي أنعم وأشدّ نفوذا هو باختصار برجماتية بحتة بملمس الثعابين. ثمّ يأتي الفصل الثاني من إستراتيجية الإذعان وهي الحرب الاقتصاديّة فالمحلّل لعمقها الإستراتيجي سيرى التضييق الاقتصادي على قطر ليس من الحكومة بشكل مباشر ولا على حكومة قطر بشكل مباشر، بل كما حدث قبل في أزمات أخرى مفتعلة على قطر من خلال استغلال جماعات الضغط ومراكز البحوث من أطراف سياسيّة متداخلة للعزف على ذات المنظومة وتحقيق ذات الهدف، أسوق مثالا واحدا فقط للتأمل، فقد وجّه منتدى الشرق الأوسط الذي يُحسب على اللوبي الصهيوني الأمريكي في اجتماعاته يناير الماضي رسائل إلى 12 شركة وصندوق تحوط حثّها فيها على قطع علاقاتها الاستثمارية مع جهاز قطر للاستثمار باستخدام ذات التهم التضليلية السابقة الذكر، وهذا ما يطلق عليه «التحشيد» أو «حشد التأييد» في لوبيات معروفة تعمل بالمال؟ والمال يأتي حتما من أطراف لا تجهلونها!! ثم يأتي الفصل الثالث في الاستغلال السياسي الخارجي لقطر والنفاق السياسي الداخلي المساوي في والقوة المختلف في الاتجاه وذلك بالدفع بجماعات الضغط ذاتها للتعبئة الدعائية والضغط السياسي لخدمة المحتل من خلال حملات رقميّة واضحة يكشفها من يتصفّح موقع منتدى الشرق الأوسط بل ويغرق بها منصّات التواصل الاجتماعي باستكتاب شخصيّات ثعبانية مأجورة ومعروفة من الصهاينة هناك والمتصهينين على المستوى العربي لنشر سردّية اتهاميّة لقطر ومحاربة قوة قطر الدبلوماسية الدوليّة، هذه حتما لا تقتضي منّا الجلوس متفرّجين بل تحليلها وفضحها ونشرها في كلّ قنوات ومنصّات التواصل الشعبية لا انتظار حسابات المؤسسات الحكومية الرسميّة أو الدبلوماسية بحيث تكون حساباتنا نحن الشعوب العربية الواعية والشعب القطري الذي يعاني حرب الثعابين سمّا على من ينفثه خصوصا أولئك الطلاّب القطريين وإخوتهم من غير القطريين الذين جاؤوا من مختلف دول العالم ليدرسوا في قطر وقد شهدوا بيئة تعليمية حرّة نزيهة، لقد جاء دورهم لكي يقفوا وقفة حقّ دفاعا عن الحقّ وعن مؤسسات عريقة علَّمتهم في قطر دون أن تبث فيهم أجندات سياسيّة ونحن وهم من درس الإعلام هنا وفي الغرب على وعي بحملة ضروس تُشّن على الإسلام كله بسبب الحرب الدائرة في غزّة وتلميع الغرب جلّه لموقف إسرائيل المحتلّة. وإننا إذ نرفض اتهام الدفاع المشروع بالإرهاب واتهام كل ما يأتي في ديننا بالإرهاب يجب أن نعري ما أسسه الغرب من جماعات نسبها للإسلام أو للمسلمين أو لدوله والإسلام منها بريء.. وما هم إلا نتاج وصناعة أجندات غربية أيديولوجية استخباراتية لخدمة أهدافهم أدركها العالم كله ولم تعد خافية على انتفاضة الجامعات هناك. ألا ترون أن هناك ضوءا في آخر النفق قد اقترب نحوكم؟ والله إننا لنراه !! وإن غدا لناظره قريب!!!