18 سبتمبر 2025

تسجيل

«النفط الجديد» يمكن أن يعزز الآفاق لقطاع النفط والغاز

05 يونيو 2023

تُوصف البيانات أحيانًا بأنها ’النفط الجديد‘، حيث أضحت القوة الاقتصادية لاستخدام مجموعات البيانات الضخمة “Big Data” في نمو دراماتيكي مستمر مع تطور أشكال معقدة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI). ويؤدي النفط «الجديد» أيضًا دورًا قويًا في طريقة تكيف صناعة إنتاج النفط «القديم» مع التغيرات التاريخية. ورغم أن هناك تحولاً جوهريًا في قطاع النقل وتوليد الكهرباء بعيدًا عن الوقود الأحفوري، لا يزال يُستخدم النفط والغاز في العديد من المجالات مثل إنتاج الوقود الانتقالي والمكونات البلاستيكية التي تُستخدم على نطاق واسع، بما في ذلك في التكنولوجيا الأنظف مثل صناعة السيارات الكهربائية. وفي ظل الحاجة إلى تقليل التأثير البيئي في جميع جوانب صناعة النفط والغاز وتعزيز الكفاءة، ستحظى أنظمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بأهمية متزايدة. ومن المتوقع أن يسجل الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز معدل نمو سنوي مركب يزيد عن 10٪ خلال الفترة حتى عام 2027. وهناك فرصة تاريخية متاحة أمام دولة قطر لتعزيز استدامة صناعات النفط والغاز، وتنويع مواردها الاقتصادية، والتحول إلى مركز عالمي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وهناك علامات إيجابية على حدوث ذلك، حيث توجد استراتيجية تنص على وضع الذكاء الاصطناعي في صميم جهود التنمية الاقتصادية وردت في الاستراتيجية التي أصدرتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالاشتراك مع جامعة حمد بن خليفة ومعهد قطر لبحوث الحوسبة. ويمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في ضمان إجراء تحسينات جذرية في صناعة النفط والغاز في ثلاثة مجالات حيوية هي: تحسين الكفاءة وتوفير النفقات؛ وتقليل الأثر البيئي؛ وتعزيز سلامة الموظفين. ويمكن لقطر أن تكون دولة رائدة عالميًا في تلك المجالات الثلاثة المذكورة. وهناك تطبيقات للذكاء الاصطناعي تستخدم في مجموعة كاملة من أنشطة صناعة النفط والغاز ومن بينها الأمثلة المذكورة أدناه. التنقيب والإنتاج: يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا بداية من المرحلة الأولى من عملية التنقيب، عبر تشغيل الروبوتات التي يمكنها اكتشاف تسرب النفط والاحتياطيات في أعماق البحار، بما في ذلك تحت المحيط. ويمكن لهذه الروبوتات تحليل الموجات الدلالية “Semantic waves” والمساعدة في اكتشاف وجود النفط والغاز بأقل جهد وبسرعة عالية. وتعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على تحسين دقة رسم خرائط رواسب النفط الطبيعية؛ حيث يمكن استخدامها للتنبؤ بأحجام المخزون، ودمج البيانات الخاصة بكل من الاحتياطيات واتجاهات السوق في نموذج الأعمال. الحفر والتكرير: يمكن أن يكون الحفر مركّزًا ودقيقًا، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد أفضل مواقع الحفر والتنبؤ بمخاطر عملية الحفر. كما يتيح إمكانية التنبؤ الدقيق بالإنتاج اليومي والشهري وإنتاج الآبار مدى الحياة، واكتشاف العيوب والأمور غير المعتادة. المعدات والخدمات الميدانية في الحقل: تتميز عمليات التنقيب والاستخراج والإنتاج والتكرير بترابطها. وإذا تم ابقاء البيانات منفصلة، فسوف يؤدي ذلك إلى غياب التنسيق الأمثل. وتتمتع تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالقدرة الحسابية على تنسيق جميع هذه العمليات، وهو ما يحسن من الكفاءة الإجمالية لها بشكل كبير. وتمتلك جميع المعدات المستخدمة في صناعة النفط والغاز عمرًا محدودًا. وتشتمل عملية الصيانة التنبؤية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الوقت الذي يقترب فيه أحد المكونات، مثل الصمام أو جزء من الأنبوب، من نهاية عمره الافتراضي، بحيث يمكن استبداله أو إصلاحه قبل تعطله، وهو ما قد يؤدي إلى توقف الإمدادات. وتشتمل تقنية التوأم الرقمية “Digital twin technology” على بناء نسخة افتراضية طبق الأصل للجزء التشغيلي. ويتم تحديث هذا الأصل الرقمي باستمرار بالبيانات التشغيلية، بما في ذلك من المستشعرات الموجودة في الموقع. وتقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بمراقبة الأداء في الوقت الفعلي، وهو ما يؤدي إلى إصدار إشارات مبكرة تتعلق بتعطل الأصول. وتتميز هذه التكنولوجيا بأنها أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنةً بنشر فريق من موظفي الصيانة. وعلاوة على ذلك، فإنها تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لتطبيقات الأتمتة تحسين كفاءة عمليات المكتب الخلفي، كما هو الحال في القطاعات الصناعية الأخرى. الخدمات اللوجيستية والنقل: يمكن أن تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في قطاع الخدمات اللوجستية في تحسين تشغيل سلسلة التوريد بأكملها. وتتمتع أدوات الذكاء الاصطناعي بالقدرة الحاسوبية لضمان تحقيق الكفاءة المثلى عبر الاستفادة من المستشعرات المرتبطة بإنترنت الأشياء والأجهزة الذكية في جميع العمليات، ونقل بيانات إدارة الأسطول مثل أداء السيارة، واستخدام الوقود، والمخزون. وتساهم جميع هذه التحسينات التشغيلية في تقليل الضرر البيئي مع تحسين كفاءة العمل في الوقت نفسه، حيث يقلل الاستهداف الدقيق لأماكن الحفر بشكل كبير من الأعطال التي تحدث عند استخدام الطرق التقليدية الأكثر عشوائية. وهناك تحسينات أخرى لحماية البيئة يمكن تحقيقها عبر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن تحسين أنظمة احتجاز الكربون، على سبيل المثال لتحديد الكمية المثلى من ثاني أكسيد الكربون التي يمكن تخزينها بأمان في موقع من الصخور المسامية. كما تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لمراقبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمساعدة في تقليلها خلال عمليتي الإنتاج والنقل. وتطبق دولة قطر خطةً مُحكمة لبناء صناعة ذكاء اصطناعي متقدمة، بما في ذلك التطبيقات المتخصصة لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري المستدام، والتي ستبقى في صميم التنمية الاقتصادية لبعض الوقت في المستقبل. وهناك تحولات تاريخية جارية في كل من تكنولوجيا الحوسبة والنفط والغاز. ومن المتوقع أن تتبوأ دولة قطر موقعًا رياديًا في كليهما.