14 سبتمبر 2025
تسجيلفي المدارس حيث بدأنا مشوار التعليم نحن ابناء المناطق الخارجية، كانت بيئة الطالب صغيرة ورفاقه محدودين والجميع يعرف الجميع والمسافة من البيت قريبة، في مثل هذه الظروف سادت أخلاقيات الفريج الواحد على طبيعة سلوك الطلبة، وكان احترام المدرس في مقدمتها والخوف من الناظر نابعا من طبيعة وجود المدرسة الحديثة في وسط هذه البيئة، أخلاقيات الفريج الواحد أو المنطقة الواحدة، حيث لم يكن الاتصال ميسراً، كما نرى اليوم، ولم يكن الذهاب للدوحة بشكل يومي أو حتى أسبوعي لشباب تلك الأيام إلا لضرورة استطباب أو لحاجة ماسة، ولم تكن تسمى في الأغلب بالدوحة، حيث يشير الكبار في الأغلب إليها بمسمى «البلاد»، فتسمع أنا رايح البلاد، ويقصد الدوحة.. ما يعنيني هنا نمط سلوكيات الطلبة من جيلنا في ذلك الوقت حين انتقلنا إلى مدرسة قطر الإعدادية في الدوحة، بعد أن كنا من طلبة المناطق. اندمجنا في مجتمع آخر من مجموع طلبة المناطق المختلفة في الدوحة الذين كانوا يسكنون القسم الداخلي، نظراً لصعوبة الانتقال اليومي لمدارسهم وكذلك بطلبة من الجاليات العربية التي كانت تسكن وتعمل في قطر، هذا المزيج، أفرز سلوكيات أكثر جدية أكثر حدة ومواجهة ومقاومة عما سبق أثناء دراستنا في مدارس مناطقنا الخارجية، قل احترامنا للمدرس وبالتالي الخوف منه، بل اصبح التنمر عليه نمطاً شائعا وبطولياً لدى الطلاب، كما ساعدتنا مساحة المدرسة الواسعة للاختفاء عن الأنظار واجتياز السور والذهاب للأسواق والمطاعم، داخل الصف أيضاً لم نعد أولئك الطلبة الصامتين الخائفين، نمط جديد من الأخلاقيات أنتجه هذا التمازج لم نكن نعهده في مناطقنا الخارجية، حيث العزلة السائدة إلى حد كبير، خرجنا من أخلاقيات الفريج إلى أخلاقيات المدينة، كان احترام المدرس من صميم اخلاق الطالب، الاشكالية التي جعلت من التنمر اسلوباً محبباً لدى الطلاب لاحقاً ناتجة من خطأ ادخال الخوف من "المدرس" في قلب الطالب" حين شاعت عبارة "لك اللحم ولنا العظام" التي كان يرددها آباؤنا وهو يسحبون ابناءهم سحباً نحو المدرسة في بداية التعليم، كان شعوراً انتقامياً من الجهل ومحبة في التعلم الا ان التعبير عنه اوجد اشكالية الخوف واستجابة التحدي اثباتاً للذات وللخروج من جلباب الاباء.