27 أكتوبر 2025

تسجيل

الحــرب التي ســـوف تستمـر !

05 يونيو 2022

المتتبع للحرب الروسية الأوكرانية اليوم يستطيع أن يميز كفة من هي الأرجح لكسب المعركة، التي يمكن أن تطول أكثر مما حُدد لها، فرغم مرور ما يزيد على ثلاثة شهور على غزو روسيا لأراضي أوكرانيا، والذي بدأ نهار يوم الخميس الموافق 24 فبراير الماضي لم تستطع أوروبا التي اجتمعت على إدانة الدب الروسي أن تمنع بوتين من مواصلة حربه غير العادلة ضد أوكرانيا، كما لم تستطع الولايات المتحدة العدو التاريخي لروسيا أن تحد من تقدم القوات الروسية من أطراف العاصمة كييف رغم العقوبات الهائلة سواء التي أقرتها واشنطن على روسيا أو ما اجتمعت عليه كافة دول أوروبا من عقوبات على شخصيات وكيانات ومؤسسات روسية لها مصالحها وممتلكاتها خارج روسيا، ورغم كل هذا لا يبدو بوتين على عجلة من أمره في إنهاء حربه ضد أوكرانيا بل إنه يلمح اليوم لتوجيه دفة الحرب ضد فنلندا والسويد اللتين أعلنتا رغبتهما في الانضمام لحلف الناتو، وهو أحد الأسباب التي دفعت موسكو لغزو أوكرانيا والسيطرة على بعض المدن الكبرى فيها والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم هو: هل سوف تطول هذه الحرب وإلى متى؟. الجواب هو لا جواب فالرئيس الروسي، والذي أثبت أنه لا دولة عظمى اليوم غير دولته بالنظر إلى قدرته على مواصلة الحرب رغم التهديدات والعقوبات والتلويح بالقوة من قبل أصدقاء أوكرانيا يبدو متمرسا في الاستمرار بحربه لا سيما وأن موسكو لها باع طويل في الحروب الطويلة وقادرة على التحوير والتغيير في مساراتها كما تشاء بعكس أوكرانيا التي وجدت نفسها يوماً شعباً مهجراً مشتتاً على منافذ أوروبا البرية والجوية والبحرية يطلب لجوءاً مثل أي شعب أجبرته الحروب والمآسي على طلب المساعدة من الآخرين. كما أن بوتين لا يبدو بذلك المستوى العقلي المتواضع لأن لا يحسب ألف حساب لما هو عليه اليوم، فهو بلا شك قد درس أنه يمكن أن يقع هو وبلاده تحت ضغوطات هائلة من العالم ودعوات من الدول الصديقة والمقربة إلى بلاده لوقف آلة الحرب ضد أوكرانيا، كما أنه بلا شك قد فكر بكمية العقوبات التي سوف تنهال على كيانات وشخصيات ومؤسسات في بلاده وعليه هو شخصياً، وحسب حساباً للصدام المباشر مع الولايات المتحدة وما يفعله اليوم بايدن من وعيد وتهديد وضخ المساعدات المالية الطائلة للقوة العسكرية الأوكرانية لصد العدوان الروسي، لذا فمن الطبيعي أنه قد درس أن تمتد هذه الحرب شهوراً طويلة وربما سنينا عديدة وتندرج تحتها أوكرانيا تحت بند الدول المنكوبة من الحرب مثلها مثل ليبيا وسوريا وغيرهما ممن طحنتها الحروب، وعليه فإن بوتين لا يبدو بالرجل السهل الذي يمكنه أن يخرج من المعركة خاسراً أو موسوماً بالخسارة، لأنه في المقابل يعي جيداً أنها حرب ليست كالتي خاضتها بلاده من قبل أو حرب غير متكافئة كالتي واجهها في سوريا الذي أعلنت روسيا مؤخرا انتهاء (مهامها) فيها، لأن الخصم هذه المرة هو أوروبا كاملة بجانب الولايات المتحدة التي وإن أعلنت عدم استخدامها القوة العسكرية أمام روسيا ولن تحارب القوات الأمريكية لبلد غير أرضها، فإنها قوضت المجتمع الدولي كله ضد روسيا التي تفتخر اليوم بوقوف الصين القوة العظمى بين خمس دول عظمى تسيطر على العالم ومجلس الأمن بجانب بلاده وهي التي تجاهر بالعداء ضد واشنطن التي شكلت لنفسها حزباً معادياً للصين منذ رئاسة ترامب للبلاد واتهامه المتكرر لبكين بأنها سبب انتشار وباء كورونا في العالم وخسارة أمريكا للتصدي له والتي قُدّرت بمليارات الدولارات. لذا لا تسألوا عن حرب روسيا وأوكرانيا متى تنتهي وقد اشتعلت فعلياً بين عدة دول لا يهم أكثرها إن كانت أوكرانيا بخير أم لا، ولكن لأن روسيا الطرف الأول فيها فهي حرب لا هوادة فيها وهاتوا آلة الحاسبة الخاصة بكل شخص فيكم ليحسب ما مضى وما هو قادم. [email protected] @ebtesam777