31 أكتوبر 2025

تسجيل

العمل الخليجي المشترك

05 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قررت القمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، التي اختتمت أعمالها في الرياض الأسبوع الماضي، تشكيل هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية التي تهدف إلى تعزيز الترابط والتكامل والتنسيق بين دول المجلس في جميع المجالات الاقتصادية والتنموية، وتسريع وتيرة العمل المشترك لتحقيق الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون. ونحن تطرقنا في مقالات سابقة عبر هذه الزاوية إلى الحاجة لتسريع وتيرة التعاون الاقتصادي الخليجي والانتقال به لمرحلة جديدة. فحتى ما قبل تصاعد التحديات الاقتصادية الراهنة بعد انخفاض أسعار النفط، كانت مسيرة التعاون الاقتصادي الخليجي تعاني من البطء، وبرهنت على الحاجة لآليات تنفيذ فاعلة تتجاوز مرحلة القوانين الاسترشادية والإستراتجيات البعيدة المدى والقرارات العليا إلى مرحلة آليات وبرامج التنفيذ الملزمة والقرارات التنفيذية لقرارات القمم. كما أن برامج التكامل الاقتصادي الخليجية كانت تعاني من التأخير، بما في ذلك الاتحاد الجمركي الموحد الذي تم تمديد فترة تنفيذه الكامل بنحو 13 عاما عن الموعد الأصلي لقيامه. وقد أقر المجلس الأعلى في دورته في الرياض إنشاء هيئة للاتحاد الجمركي، بدأت أعمالها في الأول من يونيو 2012. لكن بعد مرور أربع سنوات لا تزال وجهات النظر متباينة بشأن العديد من القضايا من بينها آلية تحصيل الإيرادات وصندوق الإيرادات الجمركية وتوزيعه والتعويضات وغيرها. كما أن المعوقات غير الجمركية ولاسيما تلك التي تحصل في المنافذ الجمركية لا تزال تأخذ حيزا كبيرا من هموم التجار من مصدرين ومستوردين.كذلك بالنسبة للسوق الخليجية المشتركة التي أعلن عن قيامها عام 2008، أي قبل ثماني سنوات، حيث لا يزال التفعيل الكامل لها يصطدم بمساواة مواطني المجلس في حقوق العمل والأجور والضمان الاجتماعي وغيره، كذلك حرية تأسيس الشركات والاستثمار في الأسهم والعقارات وإقامة فروع للبنوك التجارية وغيرها. ينطبق نفس الحديث على الاتحاد النقدي الذي بدأت أولى خطواته عام 2001 مع موافقة المجلس الأعلى في ديسمبر 2001 على برنامجه الزمني وتبني الدولار الأمريكي مثبتاً مشتركاً لعملات دول المجلس اعتباراً من عام 2003. وخلال السنوات التي تلت بدأت لجان مختلفة العمل على وضع معايير للتقارب الاقتصادي وتحديد مكوناتها وطريقة حسابها، وبما يسهِّل إصدار العملة الموحدة. وتلى ذلك إصدار المجلس الأعلى في دورته التاسعة والعشرين (في شهر ديسمبر من عام 2008م) قراره باعتماد اتفاقية الاتحاد النقدي واعتماد النظام الأساسي للمجلس النقدي. وبالفعل صادقت أربع دول على الاتفاقية عام 2009. وبعد مضي نحو سبع سنوات على تأسيس لمجلس النقدي، فإنه لا يزال يعمل على تهيئة وتجهيز البنى الأساسية المطلوبة لقيام الاتحاد النقدي وعلى الأخص العمل من إنشاء البنك المركزي وإرساء قدراته التحليلية والتشغيلية، لكن لغاية اليوم لم يتم الإعلان بصورة رسمية عن موعد إطلاق الوحدة النقدية.ومنذ يونيو 2004، برزت تحديات جديدة تمثلت في انخفاض إيرادات النفط الخليجية الذي يقدره صندوق النقد الدولي بنحو 300 مليار دولار عام 2016 (التوقعات مبنية على أساس سعر 40 دولارا للبرميل). وقد أثر هذا الانخفاض على حجم الإنفاق الحكومي بكافة أشكاله، ولا سيما المشاريع الكبيرة ومشاريع البينة التحتية ومن ثم أدى لانخفاض معدلات النمو الاقتصادي. كما انعكس على انخفاض أعمال وأنشطة القطاع الخاص. كما تولدت ضغوط على السيولة في الأسواق وخاصة البنوك المحلية مما يقلص من قدرتها على الإقراض، كما قد تزداد مشكلة الديون المصرفية المتعثرة. إن جميع هذه التأثيرات دفعت دول الخليج للبحث عن آليات وإستراتيجيات جديدة لتسريع التكامل الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل. لذلك، لاحظنا ما تضمنه إعلان الرياض الذي صدر عن القمة الخليجية في الرياض نهاية العام الماضي من قرارات واضحة كانت تهدف لتسريع تنفيذ مشاريع التكامل الاقتصادي الخليجية، حيث دعا لاستكمال متطلبات قيام الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، بل وذهب أبعد من ذلك بوضع جدول زمني للانتهاء من تفعيل هاتين الخطوتين خلال العام الجاري.ومنذ ذلك الحين، شهدنا تكثيفا في اللقاءات والاجتماعات الخليجية للجان والأجهزة المعنية لتحقيق هذه الأهداف، لكن الآليات التي تحكم هذه اللقاءات والاجتماعات والهرمية في رفع التوصيات لغاية صيرورتها كقرارات تلقي بظلال على إمكانية تحقيق تلك الأهداف كما طالبت قمة الرياض. ومن هنا، باعتقادي، برزت الحاجة لاتخاذ المزيد من الخطوات لتجاوز هذه العقبات، ومن ثم الإعلان عن تأسيس هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، حيث يفترض أن تمتلك هذه الهيئة صلاحيات أكبر في البت في القرارات المتعلقة بإزالة كافة العقبات التي تتعلق بالتفعيل الكامل لمشاريع التكامل الاقتصادي، وفي مقدمتها الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والمفاوضات التجارية مع المجاميع الإقليمية وغيرها.