25 أكتوبر 2025

تسجيل

العقلاء والمجنون

05 يونيو 2014

خصوم السلطة وحدهم سيكونون في المواجهة والصمود، وحدهم الذين سيبقى صوتهم عاليا متوهجا وسط الغمام، وحدهم يقفون ضد زعيم ديكتاتور محاط بسياج زبانية القصر، ومهما ارتفع نجمه واحتفى به الإعلام صباحا ومساء وفي الظهيرة، فإنه لن يمتلك أو يحتكر بلدا كبيرا عظيما في حالة ثورة متوهجة، كيف تسول له نفسه الاستبداد بهذا الشعب الثائر مرة أخرى لإعادة اعتلاء نظام كهذا سدة الحكم، تلك الطغمة التي لفظها الشعب وثار عليها لن يكون محلها إلا مزابل التاريخ. ليس كل شيء يمكن أن يكون في طوعهم وملك يمينهم فاليوم ليس كالأمس، وما كان مقبولا في مرحلة صار العقل والواقع لا يستوعبانه في مرحلة أخرى، والعقلاء لن يسلموا حلمهم وثورتهم ووطنهم لأي شخص تُنسج حوله روايات التعظيم الأسطوري والهبات الإلهية في ردة عنيفة لمفاهيم العصور السحيقة في واقع تتساقط فيه القداسات المزعومة والديكتاتوريات المنتفخة. هل ينتصر المجانين على العقلاء، وهل باستطاعة مجنون واحد أن يهدد الملايين، نحن نعيش في عالم من العقلاء ولهذا فالعقلاء لا يهتز لهم بدن عندما يسمعون مجنونا يهدد ويتوعد ويعتلي الكرسي على جثث الآخرين // إذا كانت الحماقة أعيت من يداويها// فإن هذه الحماقة لن تجرؤ على عقاب شرائح من الشعب المسالمين المسلمين الذين لم يرتكبوا جريمة إلا أنهم قالوا رأيهم الصريح في نظام ذاقوا منه الويل فلفظوه وأعلنوا مقاطعته وإن قدروا بأمنياتهم أن يعلنوا اجتثاثه. المسالمون هم الذين هزوا أركان كرسي الدكتاتور وحولوه من نظام مستبد إلى أشباح يستجدي قوته ويطالب بالمساعدات ليستطيع أن يعيش ويبقى على قيد الحياة، الشعب وحده الذي يحق له أن يسقط هذه الإمبراطورية التي قامت على البطش والظلم والظلام رغم ما يتشدق به أولئك المتسلطون بامتلاكهم أكبر جيش وأقوى عتاد وأعتى نظام دكتاتوري، إلا أن عزة الشعب جعلت من الثورة عنوانا، فلم يستطع الشعب تحمل الجوع الدائم ولا الطغيان المستمر ولا وضع المعارضين في مستشفيات الإمبراطورية دون أن يطلق رصاصة واحدة. الشعب مع تعاقب سنوات القهر والتجارب المريرة آمن بأن الديمقراطية هي مصدر السلطات وهي التي تحترم حقوق الإنسان، فوجدها ملاذا لقهر الديكتاتورية فقام بثورة تاريخية مباركة تم إخمادها في الحال، وظهر منها رجل واحد حاول أن يتحدى العالم وأوهمه جنونه بأنه قادر على أن يبيد الملايين ويقضي على الشعب، ويحول الأحرار إلى رقيق. المجانين مكانهم مستشفى المجاذيب لا قصر /القبة/ أو قصر /عابدين/ والشعب المصري الذي ذاق مرارة الديكتاتورية والطغيان عشرات السنين لا يمكن أن يرضى عودة الأيام السوداء من جديد. مجنون واحد لن يستطيع أن يخيف عالما من العقلاء. وسلامتكم