02 نوفمبر 2025

تسجيل

الطاقة المستدامة .. منهجيات جديدة في الاقتصاد الخليجي

05 يونيو 2013

تسعى اقتصادات الدول إلى توجيه إمكاناتها وطاقاتها لتأسيس بنية تحتية في الطاقة المستدامة، مستقاة من الموارد البيئية المتاحة والزاخرة التي لم تستغل بعد، وفي إنشاء العديد من مراكز الرصد والبحث العلمية لاكتشاف القدرات الكامنة لطاقات الرياح والشمس وحرارة باطن الأرض والأمطار والمياه والكربون، وصياغة خطط مستقبلية واحترازية لمواجهة قضايا نضوب الطاقة والمياه والتصحر والجفاف.. وهي مشكلات بدأت تطفو على سطح الكيانات الاقتصادية القائمة، وستزداد تفاقماً في ظل الزيادة السكانية والطفرة العمرانية. تنوه دراسة بحثية صادرة عن وزارة الطاقة بالإمارات أنّ مشاريع الطاقة المتجددة تحظى باهتمام متزايد لفوائدها البيئية والاقتصادية، وتوقع تقرير لمؤسسة "بلومبيرج" أن يصل معدل الإنفاق العالمي في قطاع الطاقة المتجددة نحو "200" مليار دولار، كما قامت الدول الاقتصادية الكبرى باستثمارات ضخمة في مجال التقنيات النظيفة، فمثلاً الصين استثمرت في 2009 "34،5" مليار دولار في نظم توربينات الرياح والألواح الشمسية، وأنفقت الولايات المتحدة الأمريكية حوالي "16،6" مليار دولار في تقنية الطاقة البديلة. ونوهت أنّ المنطقة العربية تتمتع بميزات مناخية وجغرافية مهولة من المقدرات البيئية، ولديها طاقة شمسية هائلة، ويتوقع أن يزداد الطلب عليها بنسبة "7%" سنوياً خلال الأعوام العشرة القادمة، ويمكن أن تلعب هذه الطاقة دوراً مؤثراً في تلبية احتياجات المنطقة. كما نوه تقرير صادر عن مركز الدراسات الاقتصادية أنّ طاقتي الشمس والرياح في منطقة الشرق الأوسط من البرامج الواعدة، لأنها تلبي احتياجات العالم من الطاقة، وأنّ مصر والمغرب والسعودية تمتلك ثروة ضخمة من الطاقات الكامنة، حيث شرعت المغرب في بناء محطات رياح وطاقة شمسية، وشرعت مصر في بناء محطات للرياح البرية. وأشار إلى أن معظم الدول العربية تقع على الحزام الشمسي التي تسطع عليها الشمس طوال العام، وذكر تقرير جامعة الدول العربية في إستراتيجية 2010ـ2030 أن إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة من المتجددة تبلغ "3،7%" من الحجم الكلي، وأشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنه يتم إنتاج "90%" من الكهرباء باستخدام المواد الهيدروكربونية في وقت لا تشكل الموارد الجديدة سوى "3،5%" فقط، وهذا يدل على أنّ الطاقة الكامنة في البيئة مستقبل واعد. ولو أخذنا دول مجلس التعاون الخليجي مثالاً على الإعداد المستقبلي لتأمين طاقة مستدامة، فإنها انتهجت خططاً واعدة في إنشاء مصانع ومدن صناعية ومراكز بحثية، تقوم على دراسة علوم الطاقة البديلة والمتجددة. ورغم صغر الفترة الزمنية التي بدأت فيها منطقة الخليج جهودها لتأمين الطاقة المستدامة والذي يقدر عمر البدايات بالسنوات العشر الماضية، إلا أنها بدأت بخطى حثيثة، حيث تمتلك الجزيرة العربية أكثر من "114" مشروعاً لتوليد الطاقة، ويقدر إجمالي قيمتها "160" مليار دولار، ومستندة إلى الخبرات الدولية في هذا المجال، وقد أسست العديد من المدن الصناعية العملاقة التي تقوم على إعداد بحوث في الطاقة والمصادر البديلة. فقد ربطت قطر إنماء الطاقة البديلة بالاستثمار، وسعت إلى تأسيس شراكات محلية وخليجية ودولية لدراسة إمكانات الدولة في الاستفادة من مخزون الطاقة الطبيعية لديها، فمثلاً أسست شركة قطرية للاستثمار في الكهرباء والمياه برأسمال قدره "مليار" دولار وهو نوع من الاستثمارات الآمنة التي تحقق مردوداً على المدى البعيد. كما تشرع المؤسسات البحثية حالياً إلى ترسيخ مفهوم الأبنية الخضراء في المنشآت، وتنويع الاستثمارات في مجالات الاقتصاد القائم على الطاقة المتجددة، وإنشاء مركز بحثي لرصد الكربون ولبحوث الطاقة الشمسية. في المملكة العربية السعودية أنجزت بناء المجمع الشمسي لإنتاج الطاقة في القرية الشمسية، ووضعت مخططاً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بحلول 2032. وتقدر المؤشرات الدولية مكانة المملكة في المرتبة "12" لتقدمها في مؤشر الطاقة الشمسية، فهناك مشروع مدينة "ينبع" الصناعية بتكلفة "1،1" بليون دولار. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة أنجزت الدولة بناء مشروع "شمس" بتكلفة "600" مليون دولار لتغذية أكثر من "20" ألف منزل وتأمين احتياجاتها الأساسية من الكهرباء بحلول 2020، كما أنجزت بناء مدينة "مصدر" لإنتاج ما يقارب "68%" من الطاقة المتجددة في المنطقة، وأنشأت "3" مصانع للطاقة الشمسية في إسبانيا، ومشروعا في لندن الذي يعتبر أكبر مزرعة بحرية للرياح، وطورت مشروع "شمس" بطاقة "100" ميجاواط. كما تخطط دول الخليج لإنفاق استثمارات ضخمة في الطاقة النووية المفيدة، فمثلاً دولة الكويت تخطط لبناء مفاعلات نووية بحلول 2022 لتشجيع استخدام هذه الطاقة في الأغراض الطبية والبيئية والصناعية الآمنة. وترى دراسة إماراتية أنّ استمرارية نجاح جهود الطاقة هو في الدعم المادي والمعنوي، وتنشيط البحث في مجالات الطاقة الشمسية، وإنشاء مصادر لمعلومات الإشعاع الشمسي ودرجات الحرارة وشدة الرياح والغبار، وتحديث مجالات البحث بالاستعانة بخبرات الدول الأوروبية. على المستوى الدولي قامت أكثر من "100" دولة في 2010 بوضع سياسات لتطوير الطاقة المتجددة مقارنة ًبـ"55" دولة في 2005، وهذا يدلل على أنّ الطاقة المستدامة تعد من الأولويات في برامج الدول المتقدمة، وعلى تنامي الزيادة في استخدامات المتجددة. ففي فرنسا تعتمد على الطاقة النووية منخفضة الكربون، وتوجه اليابان إلى الاعتماد على الطاقة البديلة بعد كارثة "هيروشيما"، وألمانيا تعتمد على شبكة الطاقة الكهربائية الأوروبية، وتعتمد الدول الإسكندنافية على طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية. وأخيراً.. فإنّ الطاقة البديلة هي نهج عالمي يخطو بقوة لإثبات مكانته الاقتصادية في سوق الطاقة القائم وأنه مطلب حيوي وإستراتيجي مستقبلي في ظل مشكلات بيئية تشكل تحدياً كبيراً.