15 سبتمبر 2025
تسجيلقالت وطفلها الصغير يصرخ ويشير بيده إليها، لا أستطيع أن أحمله فلم أتعود على ذلك، فمنذ صغره وولادته لم أضمه ولا أقوى على حمله، فقد تكفلت والدتي والمربية بذلك، فكيف يمكن أن أقوم بذلك، فانبرت إحداهن قائلة لها: كيف يكون لك قدرة على تجاهل صراخه ولهفته عليك، فلم تستطع أن تنطق وسكتت، وظل الصغير في يد المربية تحاول تهدئته وإطعامه الحليب وهو ينظر بعينيه الصغيرتين إليها وآثار الدموع مازالj فيهما!! لا أستطيع أن أطلق على تلك المرأة لقب "أم"، فهذا اللقب بعيد عنها فكيف بأي أم مهما كانت مشغولة أن تبعد نفسها عن طفلها ولا تضمه إلى صدرها، ليحس بحنانها وبدقات قلبها التي تنطق باسمه وتردده في كل لحظة، فهذه نعمة من الله عزل وجل لا يمكن إنكارها وكم من امرأة ورجل أنفقوا أموالاً كثيرة، وهجر النوم أعينهم وهم يدعون الله عز وجل أن يرزقهم طفلاً، ينطق باسمهم، ويناديهم بماما وبابا، وكم طاف غيرهم البلاد البعيدة والقريبة، وتحملوا تكاليف الأدوية والعمليات العديدة في محاولة الإنجاب وقضوا أياماً لا تفارق عينيهما الدمعة بعد فشل تلك العمليات، وهم يشاهدون الأطفال في أحضان آبائهم وأمهاتهم، وكم سنة مرت وهم ينتظرون طفلاً يطل عليهم يملأ حياتهم سعادة وبهجة ويمنحهم شعوراً مختلفاً، وحبذا لو أن هذه الأم، عفواً المرأة ذات الطفل، حيث إنها لا تستحق ذلك اللقب، وهو يطوف بشوارع الحي مبتهجاً سعيداً وهو يجر عربة طفله الذي أنجبه بعد سنوات طويلة ذاق هو وزوجته الحرمان، والتهما كميات كبيرة من الأدوية وتعرضا للعديد من عمليات محاولة الإنجاب باءت أغلبها بالفشل، حتى وصل سنه إلى أكثر من ثلاث سنوات!! وها هو يفرح هذا العام بتخرجه من الكلية. لا أتصور قلب أم يتحمل دموع طفل يناديها بأجمل لفظ في الحياة "ماما" وهي تبعده عنها لأنها مشغولة بموعد عشاء لا تريد أن تتأخر عنه، وتخشى أن تتسخ ثيابها إذا ما حملته وهدأت من روعه، وألصقته بصدرها ليشم رائحتها ويهدأ. للأسف أن هناك الكثير من أمثال هذه المرأة التي تفتخر بأنها أنجبت ولديها الأبناء والبنات، وهي لا تدري عنهم شيئاً، فهم في أغلب الأوقات مع الخادمة والمربية حتى أصبحت مهمة هؤلاء إطعامهم والتنزه معهم واصطحابهم إلى الطبيب، فلا غرابة أن نرى طفلة تحملها الخادمة لتأخذ جرعتها من التطعيم وهي لم تتعد العام الأول من عمرها!! فبعض الأمهات ما أن تنجب طفلاً إلا وقد استقدمت خادمة أو مربية له تقوم على جميع متطلباته وخدمته والأم ما عليها إلا استقبال الضيوف وتلقي الهدايا بمناسبة ولادتها!! ما أروع أن تكون هناك توعية واضحة لكل امرأة مقبلة على الإنجاب بأهمية الأمومة ورعاية أطفالها، وأهمية أن تقوم هي بنفسها بهذا كله، وإن كان لابد من الحاجة إلى مربية أو خادمة فتكون في أمور معينة للمساعدة دون أن نترك كل شؤون أطفالنا في أيديها ونحن في واد وأطفالنا في واد آخر!! وأن تدرك كل امرأة أن الام ليست فقط من أنجبت وحملت من قبل ذلك في أحشائها الطفل، ولكن لقب "الأم" تحمله من قامت على شؤون الطفل وأعطته من حليبها واستطاعت أن تضمه أول ضمته لحظة خروجه إلى الحياة، ومن تسهر معه وتقلق على صحته ولا تسمح أن ينام بعيداً عنها، ومن سوف تقوم بكل احتياجاته عندما يقوى عوده ويبدأ مشوار حياته فلتكن هناك دروس تعطى لكل امرأة تستعد للزواج، وحبذا لو وضعت مناهج للبنات تبين أهمية لقب الأم في حياة كل امرأة!!