20 سبتمبر 2025
تسجيلبقدر ما تراءت المأساة السورية في المرآة الأوكرانية مجدداً، وكأن المسلسل السوري تُعاد حلقاته الطويلة في أوكرانيا، بقدر ما انعكس ذلك على الحياة السورية الداخلية أيضاً من باب أولى، ما دام المعتدي واحدا، وما دامت الدعايات والتبريرات والأضاليل هي نفسها. فكان من الطبيعي أن ينقسم السوريون بين محبين وعاشقين للحرية ضحوا على مدى 12 عاماً بأعز ما يملكون، وبين الطرف الآخر الذي استنجد بالعصابات الطائفية والمحتلين من أجل بقائه في السلطة متحكماً برقاب شعب، قُدر له أن يحكمه لنصف قرن. على الفور وبعد ساعات من الحرب الروسية في أوكرانيا كان وزير الدفاع الروسي يحط رحاله في الساحل السوري، مطالباً بدفع الفاتورة على وقوف دولته إلى جانب النظام ضد الشعب السوري، وهو الذي دفعها اقتصادياً ومالياً وعلى أشكال سندات، ولكن الدفع بالدم هو المطلوب اليوم، حيث أصر وزير الدفاع على تجنيد قوات نخبوية للنظام السوري وتحديداً من فرقة الطراميح 25 بقيادة العميد سهيل الحسن الذي يحظى بعلاقة مباشرة مع بوتين، بالإضافة إلى قوات من الحرس الجمهوري، والقوات الخاصة، والفرقة الرابعة، وقد لاحظ ثوار سوريا انسحاب بعض هذه القوات من جبهات في إدلب، وكذلك في البادية السورية بمواجهة تنظيم الدولة، مما قد يوفر فرصة للأخير في تصعيد عملياته. ولم تمض سوى أيام على هذه الزيارة حتى حفلت صفحات موالية للنظام بصور قتلى لضباط سوريين شاركوا في الحرب بأوكرانيا، وقدرت بعض الأوساط أعدادهم بـ 23 ألف جندي نخبوي، ولكن لم يمنع هذا القوات الروسية من مواصلة هوايتها في الطلعات الجوية ودكّ الآمنين في قراهم بالشمال السوري المحرر، وأحياناً يتم الإيعاز لمليشياتها السورية باستهداف المدارس والقرى كما حصل بالأمس مع معارة النعسان حين قتل أربعة أطفال طلبة كانوا يتوجهون إلى مدرستهم الابتدائية. وبينما يتابع أهالي المناطق المحررة في سوريا، وأهالي المخيمات الحرب الأوكرانية بدقائقها وتفاصيلها، حتى باتوا يعرفون أسماء القرى والبلدات والجبال الأوكرانية كمعرفتهم بالأسماء السورية، حيث يرون أن استهداف كل دبابة أو طائرة روسية، إنما هو استهداف لمن كان يستهدفهم بالأمس، إن كان في حمص ودرعا والغوطة، أو حلب والجزيرة وو. الحرية والاستبداد لن يلتقيا، وهما خطان متوازيان، لا لقاء بينهما، وما دام الشعب السوري قد انقسم في غالبيته المطالبة بالحرية والتحرر والعيش بحياة كريمة، وبين أقلية استقوت كذباً وزوراً بنظام دولي يحميها ما دامت هي الدولة الحاكمة، فإن هذا الانقسام سيمتد حتى إلى أوكرانيا، فعشاق الحرية وقفوا ودعموا الشعب الأوكراني، تماماً كحال المستنجدين بروسيا وإيران وغيرهما لقمع ثورة السوريين، حيث وقفوا إلى جانب المعتدي في أوكرانيا ولا يزالون. مقاطع الفيديو التي ظهرت أخيراً من طرطوس حيث خزان الجيش الأسدي الذي قمع الثورة السورية لـ 12 عاماً، تكشف عمق الحياة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأهالي، فحتى البطاطا التي كان يستهزئ بزراعتها ضباط المخابرات السورية في المناطق المحررة لم يعودوا يجدونها بعد أن ارتفعت أسعارها، فضلاً عن اللحم والدجاج التي غدت كالزئبق الأحمر. اللافت أن الشمال السوري المحرر الذي لا تقارن مساحته بالمساحة التي سيطرت عليها العصابة، ومع هذا لا تزال المواد متوفرة فيها، ويعزو البعض ذلك إلى أن الأرض التي تم السيطرة عليها لا وجود لمن كان يزرعها ويعتني بها، بعد أن هجر 14 مليون سوري، وبالتالي فإن العصابة متخصصة بالقتل والاستخبارات على مدى تاريخها، ولا خبرة لها في إعمار الأرض، ففلسفتها تكمن في تدمير الأرض.