20 سبتمبر 2025
تسجيلشكلت القبيلة هاجس قلق لمشاريع التحول الديمقراطي في دول الخليج العربية، ولو تتبعنا ما كتب عنها من بحوث ومقالات في العقود الماضية في محاولة لفك هذا الاستغلاق التاريخي أمام طريق التحول الديمقراطي المنشود في هذه المجتمعات لوجدنا كماً هائلاً قد سُطر ووقتاً طويلاً قد استنفد، ولم نصل إلى فائدة تُذكر، والسبب في اعتقادي في خطأ وجهة المقاربة، كان من المفترض أن تبدأ من الدولة وليس من القبيلة.. لماذا؟ في اعتقادي أن قيام الدولة في منطقتنا كان ظاهرة سياسية حتمتها الظروف الخارجية في معظمها قبل اكتمال شروط قيامها الداخلية بشكل يجعل منها تمظهراً حقيقياً لمجتمعها، سواء كان ذلك بسبب قرار بريطانيا الانسحاب من شرق السويس كما كان يقال بسبب تراجع قوتها ومكانتها الدولية مع بروز الولايات المتحدة أم بسبب اكتشاف النفط وأهمية المنطقة عالمياً وضرورة قيام الدولة كمشروع سياسي تبعاً لذلك، والجميع يعرف التوافقات التي قامت بها بريطانيا بين مكونات هذه الدول اجتماعياً لتأمين ذلك. مع مرور الزمن استلزم الأمر إجراء إصلاحات مستمرة من جانب هذه الدول لكي تتطور مع العصر، وكان واضحاً أسبقية الإصلاح المادي بأشكاله على الإصلاح السياسي، واحتفظت القبيلة بمكانتها في هذه المجتمعات إلا أنها أضعف من أن تهدد وجود الدولة، التي ركزت كما قلت على حماية وجودها عسكرياً وأمنياً بشكل كبير، بل إن القبيلة في أحيان كثيرة أصبحت ورقة سياسية في يد الدول. فالحديث عن القبيلة كعقبة في طريق التحول الديمقراطي حديث لا يمت إلى الواقع بصلة، وكل ما نشاهده هو استمرار الدولة في المنطقة في استخدام ورقة القبيلة سلباً أو إيجاباً كما يحقق أهدافها، المدخل إذن يتأتى من إصلاح الدولة لا من ترويض القبيلة. لو لاحظنا ما حصل في الولايات المتحدة أثناء الانتخابات الماضية، يثبت أن إصلاح الدولة هو المدخل وإلا كانت "قبيلة ترامب" أن تعصف بها حينما احتلت مبنى الكونغرس لولا قوة وأصالة المؤسسات الدستورية في الدولة الأمريكية. إصلاح الدولة هو المدخل المناسب والوحيد أمام مجتمعاتنا الخليجية، إقامة أو التحول إلى الدولة الدستورية التي تسكن الأقلية فيها في قلب الأكثرية دون خوف، ويمارس الفرد حريته دون وجل ضمن قانون الأكثرية، الإشكالية أن الدولة في منطقتنا منذ قيامها ولكي تستمر بشكلها القائم تراكمت عمودياً ولم تنتشر أفقياً، وبالتالي سحبت مكونات المجتمع معها رأسياً مما جعله في حالة توتر دائم مع مكوناته وفي مقدمتها القبيلة. [email protected]