13 سبتمبر 2025
تسجيلهيثم شاب فلسطيني من مواليد قطر هاجر والده من الأراضي المحتلة في خمسينيات القرن الماضي وعمره لا يتجاوز الـ 15 عاماً ليكون قدره العيش في قطر مغامراً بالعيش وحده في بلد عربي لا يعرف عنه شيئاً في سبيل البحث عن رزقه في دولة لم تكن آنذاك وجهة مغرية للباحثين عن حياة جديدة ومستقبل مشرق، لتكون قطر بالنسبة له بعد ذلك وطنه الذي عوضه عن حرمانه من وطن ينتسب له ويعاني من ضنك الحياة والشتات في بقاع الأرض.بدأت معاناة أسرة هيثم في عدم توفر أوراق وإثباتات تُثبت هوياتهم ويستطيعون من خلالها أن يبحثوا عن مصدر رزقهم، حتى شاءت الأقدار أن تصدر لهم وثائق سفر مصرية كون أصولهم تعود إلى قطاع غزة المكلومة والتي تتجرع الويلات من الاحتلال ومن ضيم جيرانها المصريين وغيرهم من العرب!.وبالرغم من أنها وثائق غير معترف بها ولا يمكن لصاحبها أن يتنقل بحرية كاملة فإنه من سوء طالع حَمَلَتِها أنهم يذوقون الذل والإهانة من العاملين في تلك السفارات التي تصدر هذه الوثائق حتى وصل بهم الحال إلى أنهم يحتاجون تجديد هذه الوثائق قبل أن تنتهي بسنتين ليستلموها بعد التقديم أيضاً بسنتين! صديقنا هيثم لم يفارقه سوء طالعه منذ نشأته وعزمه فك الارتباط عن والده والاعتماد على نفسه، فبدأ مسلسل حظه العاثر عندما قُدّر له أن يُصاب بالتهاب في الزائدة الدودية جعلته ضحية طبيب متدرب في مستشفى حمد تهاون في معالجته حتى انفجرت الزائدة في بطنه وقام بشقه من أعلى قفصه الصدري إلى آخر بطنه لا يزال يعاني من إثرها مشاكل صحية حتى ساعتنا هذه، عانى هذا الشاب للبحث عن كيانه والتخفيف من على كاهل والده الذي يُعيل أسرة كاملة تعاني معاناة شقيقهم هيثم!.يحكي لي هذا الشاب قصته مع سوء الطالع بأنه في كل رحلة سفر له يتعرض للتدقيق والتمحيص في وثيقة سفره حتى أصبح متأقلماً على مكوثه في كل المطارات التي يصلها بالساعات للتدقيق على جوازه التعيس، ويتابع صديقنا قصة حظه العاثر والظروف التي واكبت ارتباطه بهذه الوثيقة وكيف أن القانون لا يسمح له أن يتزوج بفتاة عربية والمجيء بها إلى قطر إلا في أضيق الحدود وفي حال كانت الزوجة أجنبية! وهو ما جعله يرتبط بفتاة أوكرانية علها تفك النحس عنه ويستطيع أن يحصل من خلال الارتباط بها على الجنسية الأوكرانية.لم تنتهِ حكاية هيثم.. ففي آخر سفرياته لأوكرانيا استقل طائرة "فلاي دبي" بعد حادثة سقوطها في روسيا بأيام متوجهاً لـ "كييف" وبعد وصولها إلى الأجواء الإيرانية تم الإعلان عن بلاغ بوجود قنبلة على متن هذه الطائرة، وحبس الركاب وقائد وطاقم الطائرة أنفاسهم حتى وصلوا إلى مطار كييف ليتم حجز جميع الركاب ومنهم صديقنا صاحب "الحظ الأقشر" الذي ناله من التحقيق والضرب ما ناله فقط لأنه يحمل وثيقة مصرية وهم يحملون خلفية ليست بالجيدة عن دولة السيسي والتي لن تخدم بالتأكيد وضع صاحبنا هذا.وبعد ساعات من المعاناة تبيّن للمحققين والسلطات الأوكرانية بأن البلاغ كاذب وبأنه لا توجد قنبلة على متن هذه الطائرة .فاصلة أخيرةلو كان هيثم من أصحاب العيون "الزرق" الذين لا قيمة لهم في دولهم الغربية لكان وضعه وحظه أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ولكن هي أقدار يقدّرها العزيز الحكيم.