13 سبتمبر 2025
تسجيللا يزال المشهد يتداوله العالم ويختصر الوجع ولا يمكن للذاكرة العربية المرفهة أن تختزنه في جنباتها كثيرا إلا لمن يشعر بهذا الوجع الذي لم يخف ولا للحظة منذ أكثر من خمسة شهور طويلة ويدخل شهره السادس بوجع أكبر لا سيما في شهر رمضان المبارك الذي يحل على أهل غزة وهم لا يزالون تحت النار وتحت القصف وتحت الموت وتحت الرصاص وتحت الظلم وتحت الهامش العربي المخجل، وهو مشهد يجب أن يعرفه كل شخص اليوم ويتمثل في تدافع المئات من أطفال وأبناء غزة الباسلة على الشواطئ ليتلقفوا المساعدات الإنسانية العربية التي لم تسمح إسرائيل بمرورها براً وإيصالها للمحتاجين لها في شمال وجنوب القطاع المحاصر لكنها سمحت للطائرات العربية أن تعلو سماء غزة وتلقي بمساعداتها على الشعب المكلوم والجائع بشكل عشوائي وفي مشهد مؤلم، والفلسطينيون يتدافعون ويركضون لينالوا شيئاً من هذه (الصدقات) أو ما قيل عنها مساعدات في وقت كان شعب غزة ينتظر أن ينتهي هذا العدوان الفاشي الذي أودى بأرواح عشرات الآلاف وجرح أضعافهم، بينما لا يزال الآلاف أيضا تحت الأنقاض وقد تحللت أجسادهم، معظم الحصيلة كلها من الأطفال والرضع والخدج والنساء فهل كان هذا المشهد يدعو للفخر أم للألم من مشاهدة هؤلاء الذين يتضورون جوعا وعطشا ومرضا وقهرا وألما وهم يلاحقون لقمة هي بيننا في مكب القمامة بلا شعور بالندم؟! هل كان مشهدا يدعو للشعور بالتمام والرضا في أداء ما كان يجب تجاه هؤلاء أم انه مشهد يدل على خيبتنا العربية التي لم تسمح إسرائيل بأن نشهدها براً فإذا تصريحها يأتي لنا جوا ليكون عشرات الفلسطينيين تحت مرمى نيرانها الغادرة وينغمس الخبز بالدم وتختنق اللقمة بخروج الروح؟!. إنني أشعر بالخجل فعلا أننا مع مرور أكثر من خمسة شهور على بدء العدوان النازي والدامي الإسرائيلي لا تزال إسرائيل صاحبة الكلمة العليا في نجدة أهل غزة بالطريقة التي تزيد بها إرهابها وعدوانها وقتلها للصغير والكبير في القطاع المنكوب المكلوم فلا العرب استطاعوا أن يتقدموا شبرا واحدا في الحد من العدوان أو التخفيف من أشكال الإبادة التي تحدث أمام أنظار العالم بأسره ولا استطاع هذا العالم ببلدانه التي تتغنى بالحقوق الإنسانية والمؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية أن يلوي ذراع هذا الكيان المجرم الذي وصل نهمه بالقتل حتى مهود الأطفال الخدج ومحاربتهم بمنع الغذاء والدواء والوقود وقتلهم والعالم كله يرى ويسمع لكنه أخرس متواطئ في هذه الجريمة وإن كان متحدثا بحق أهل غزة في الحياة فها هو شهر رمضان يحل والغزيون يواصلون الصيام تلو الصيام فلم يعد يفرق لديهم إن أتى رمضان مثل كل عام أم توارى عنهم هذا العام خجلا من وضعهم الذي لا يمكن أن يتخيله أحد منا ممن افترش مكانه ومرقده ووجد ضالته، لقمته وغرق في ملذاته وسهره وليس كالذي يعيش عراء من تحته ومن فوقه وجوعا جعله يسابق دود الأرض لأكله من أعلاف الحيوانات والطيور حتى وصل به الحال لانتزاع العشب والحشائش الطفيلية التي تنمو في أحراش الأرصفة والطرقات لطبخها وأكلها فماذا يريد العالم أكثر من هذا يا من يتنعم الصغير فيه وينافسه الكبير في مأكله ومشربه ومسكنه وملبسه وصولاته ثم جولاته ؟! ماذا ننتظر لنكف عن ترديد إنها إبادة جماعية ونفعل شيئا لوقفها؟! ماذا ننتظر ونحن على أبواب شهر كريم تصفد فيه الشياطين والجن لكن إسرائيل تمضي دون أن يجرؤ العالم على تكبيلها ووقف بحور الدم التي تستهدفها في مشاهد باتت تقتل الجماد من فظاعتها ولكنها أثبتت أنها أضعف من أن تقتل البشر للأسف؟! لذا لا يجب أن نفخر إن حظي واحد من عشرة بالمساعدات الساقطة من السماء في وقت لم يعتد الفلسطينيون من السماء إلا أن ترمي بصواريخها المدججة عليهم لتقتل وتحول كل حي إلى أشلاء لأننا فشلنا أن نشعر بما يشعرون به من فقد وحرمان وجوع وعطش ومرض وخوف وألم وعليه لا يمكن أن تفعل المساعدات شيئا يذكر صدقوني!.