10 سبتمبر 2025

تسجيل

إستراتيجية التنمية الوطنية (4) قوى عاملة جاهزة للمستقبل

05 مارس 2024

مع صدور القرار الأميري بإنشاء ديوان الخدمة المدنية وعودته مرة أخرى للحياة بعد تجربة تأثير غيابه عن المشهد الوظيفي في الدولة، بات واضحاً للجميع أن هناك خطة حكومية كبيرة لإعادة هيلكة القطاع الحكومي في الدولة، ليس على مستوى المؤسسات فقط، بل على مستوى كفاءة الأفراد ونجاعة اللوائح والأنظمة وجودة الخطط وحوكمة كافة الأعمال. لهذا جاءت إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة متماهية مع هذا التوجه عبر تركيزها على هدف بناء قوى عاملة جاهزة للمستقبل من خلال تمكين المواطنين وتأهيلهم ليصبحوا أفراداً قادرين على المنافسة في سوق العمل، واستقطاب وافدين ذوي مهارات عالية كشركاء في مسيرة قطر التنموية. والمطلع على الإستراتيجية يرى أن الطموحات الحكومية تركز على بناء قوى عاملة ماهرة ذات إنتاجية عالية ومشاركة أعلى للقطريين في القطاعات الاقتصادية المختلفة وبناء قاعدة كفاءات ذات دافعية وأكثر تنافسية. وتبني إستراتيجية التنمية الوطنية خطتها عبر خطوات واضحة هي إصلاح سياسة الاستقدام لتعزيز القدرة على استقطاب أصحاب المهارات العالية واعتماد أنواع جديدة من التأشيرات لرواد الأعمال والعاملين المستقلين والطلاب والمواهب وتطبيق برامج واسعة وفعالة لبناء المهارات وتطويرها في المؤسسات الحكومية وتقديم حوافز ومكافآت للشركات التي توظف المواطنين وتجديد معايير اختيار المدرسين وتطوير مهارتهم وتعزيز التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. لكن ما هي هذه البرامج التي سيتم بناءها لبناء وتطوير المهارات في المؤسسات الحكومية، هل هي نفسها الدورات التي رفعت شعارها وزارة التنمية الإدارية سابقاً وكان الموظفون يذهبون إليها من باب تأدية الواجب للحصول على الترقية الدورية، أم هناك ثورة حقيقية على مستوى البرامج التدريبية تبدأ بإعادة الاختصاص لأهله، بحيث يكون هناك لدى كافة مؤسسات الدولة خططها التطويرية والتدريبية الخاصة في بناء القدرات، وخطط في ديوان الخدمة لتطوير القدرات العامة. إن أي نجاح لهذه الخطة مرهون بأن تنظر المؤسسات الحكومية لديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي كمؤسسة مساندة لها، تساعدها في تحقيق تطلعات الدولة، وتساهم معها في إنجاز ما يساهم في تطوير حكومي متكامل على مستوى الخدمات والأفراد، وأن تستفيد منه بأكبر قدر ممكن، وأن تعمل بنفس وتيرة التغيير الساعي لها إن لم يكن أسرع منه. إن النظر لديوان الخدمة كخصم ورقيب ومنافس ومدقق أو أي نظرة تجعله في الكرسي المقابل للمؤسسة الحكومية سيضر بعمل الطرفين، وسينعكس ذلك على الأداء الحكومي والإنجاز العام للدولة. وفي إطار شعار الإستراتيجية « قوى عاملة جاهزة للمستقبل» يجب أن نعلم أن ذلك لن يحدث طالما هياكل المؤسسات الحكومية مثقلة ببطالة مقنعة، مستشارين وخبراء ومفرغين ومبعدين ومحولين لإدارات خارج التخصص ومسؤولين في مكان غير مناسب، فلا يمكن صناعة قوى عاملة جاهزة دون تظافر كل الجهود، واستثمار كل الموارد، ولا يمكن أن يصنع مسؤولا لا يفقه في التخصص أو في مكان غير مناسب قوى جاهزة للمستقبل وهو لا يفقه في الحاضر. أجمل ما في هذا البند هو رغبة الدولة الحقيقية في أن تكون نسبة نسبة العاملين المهرة أو ذوي المهارات العالية من إجمالي القوى العاملة 46% وهو تحول مهم بعد الانتهاء من أكبر مشاريع البنية التحتية ومشاريع كأس العالم، فتطوير المواطن يشمل رفع مستوى كفاءة الأيدي العاملة الأجنبية، وهو هدف يتم بالتوازي وبالشراكة بين القطاع الخاص والعام .. وبدعم من الدولة.