11 سبتمبر 2025
تسجيلنظر بوراشد إلى صديقه المقرب والعزيز على قلبه بوحسين وقال له بصوت من وجد «الضالة» وفهم «الغمنده» (الخلاصة أو السر في أمر ما)، ثم قال «بس يا بوحسين، أبشر والله بالشور (أي الرأي والمشورة) اللي بيخليك ما تعرف وين تخش بيزاتك من كثرها (خشَ يخشُ فهو مخشوش، أي يحفظه في مكان سري، والبيزات جمع بيزه وهو المال في اللهجة العامية)»، رد بوحسين على صاحبه بوراشد «عجيب شنهو هل المشروع اللي بيفلنا فل (أي سيغنينا) واحنا لا عندنا راس مال ولا شي، وعلى الله ثم على المعاش، ليكون مشروعك يا بوراشد بنطمر لنا على بنك (طمر يطمر أي يقفز)»، ضحك بوراشد من كلام بوحسين وقال له «لا بنطمر على بنك ولا بنتاجر في الممنوع، والموضوع سهل ولا يبغي له راس مال كبير، يدوب سلفة صغيرونه مني ومنك على البنك اللي تبغي تطمر عليه، ويقوم المشروع، وبعدها عاد احسب ربحك على قولت القايل»، وقبل أن يستفسر بوحسين عن طبيعة المشروع قال بوراشد «اسمعني وركز معاي، المشروع سلمك الله بسيط وعلى قدنا، نسوي لنا كشك صغير للقهوة في واحد من المولات الكبار، ولمشى الحال نفتح لنا فروع ثانية، والسالفة كلها الا ماي وقهوة وحليب وسكر، وهل الشباب هابين اللحين في شرب القهوة، ويسمونها لاتيه وفبتشينو واسبريسو وما ادري شنهو، والسالفة كلها مثل ما قلت لك ماي حار وقهوة محموسة»، صمت بوحسين قليلا ثم قال «مع اني مب مقتنع بمشروعك لكن خلنا نحسبها بالورقة والقلم ونشوف كم بتكلفنا»، قاطع بوراشد بوحسين وقال له «يا ريال ما يبغيلها حسبه، التجهيز كله ما راح يكلف ٥٠ ألف، ونشوف لنا عاملين نخلي حد يعلمهم ويشتغلون وخلصنا»، ابتسم بوحسين وقال «شكلك عيل ما دريت عن سالفة بوعلي»، قال بوراشد «شفيه بوعلي من زمان ما وايهته (واجهته، أي التقيت معاه)»، قال بوحسين «بوعلي سلمك الله قبل حوالي سنة فتح نفس مشروعك اللي تقول وبدون ما يحسبها صح واللحين تراكمت عليه ديون وهموم، وصار ما يصفى من معاشه شي بسبب خصميات قرض البنك والتزامات المشروع، وهذا هو صكر مشروعه وصفى على الدين». «حك راسه» بوراشد وأخذ يلعب بلحيته بأصابعه وكأنه «يدورها في راسه»، ثم قال «ليش خسر يعني؟ أكيد ما كان يوايه (أي يتابع) مشروعه، وشيبانا يقولون عينك على حلالك دوا، أكيد همل (أهمل) المشروع وخلى العمال يلعبون على كيفهم»، رد بوحسين قائلا «سلامتك الا كان اربعة وعشرين ساعة متابع المشروع لكن خلني بقولك سبب خسارته، أول شي الكشك كلفه وايد لأن فيه اشتراطات صحية تطلبها البلدية لسلامة العاملين والزباين، بعدين تكلفة أغراض تجهيز القهوة والبيع من مكينة وثلاجة وأدوات عالية، مثلا المكينة اللي تسوي الاسبريسو واللاتيه وغيره على قولتك، فأرخص مكينة بتلقاها بحوالي عشرة آلاف وفوق، يعني الموضوع مب ماي وسكر وقهوة يا حلو، غير هذا فيه مصاريف تشغيلية شهرية مثل إيجار مكان الكشك في المول اللي بتفتح فيه، وسكن العمال، ورواتب ومواصلات وفواتير كهرماء ونسبة عمليات الدفع البنكي ونسبة شركات التوصيل ومصروفات المواد الأساسية اليومية وغيرها وغيرها، يعني نفقات أكثر من المبيعات، وأكيد في النهاية النتيجة بتكون الخسارة». وختاما أقول: سالفة بوراشد وبوحسين للأسف تجسيد للواقع الذي نراه من خسارة الكثير من المشاريع الصغيرة للشباب، والسؤال هنا هل تم بحث ودراسة الأسباب والمسببات من قبل الجهات المسؤولة حتى نجنب شبابنا هم الدين؟، وهل هناك توعية كافية لكل من يقبل على البدء في تنفيذ مشروع ما قبل إعطائه الموافقات؟ ولماذا لا يتم تبني نظام القروض الحسنة من قبل بنك التنمية للمشاريع الناشئة وبالأخص مشاريع الشباب.