27 ديسمبر 2025

تسجيل

العلاقات في المجتمع القطري (3-3)

05 مارس 2020

أصبح هناك سباق واضح لإقامة علاقات عمودية مباشرة مع مصدر الريع سواء فرد او جهة او مؤسسة من الجميع من المواطن والمقيم كذلك، وبالتالي لم تعد هناك مسافة اجتماعية تحفظ للمجتمع استقراره وتوازنه. ما العمل؟ كيف يمكن اعادة نمط العلاقات الافقية المتوازنة في المجتمع؟ وما أهمية وجود مثل هذه العلاقة للفرد وللمجتمع وللدولة؟ ❶ العلاقة الافقية مصدر اساسي ورئيسي في بناء ارادة مجتمعية، ليس هناك ارادة للمجتمع دون وجود علاقة سليمة بين افراده. ❷ لأنها سمة من سمات وجود الطبقة الوسطى في المجتمع التي هي صمام أمان توازن المجتمع ومستودع القيم فيه. ❸ لأنها أساس لقيام مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني الذي يسعى كل مجتمع لقيامه كوسيط بينه وبين الدولة حيث الفرد أمام الدولة مباشرة يساوي صفراً كبيراً. اليوم العلاقات الافقية في المجتمع تتلاشى أمام العلاقات التي أنشأها الريع الاقتصادي، التي يبدو المجتمع من خلالها وكأنه يقف على رأسه لا قدميه، وبالتالي يتراجع مفهوم القيمة المعنوي امام مفهوم القيمة المادي الآني. على كل حال لا يمكن اخفاء تأثر الدولة بما يتعرض له العالم من نزعة استهلاكية عارمة وجارفة تحول معها الانسان الى مستهلك دائم لا مجال لإشباع نهمه، وتحولت الحاجة المحدودة لدى الافراد الى رغبة لا تشبع، إلا إننا كمجتمع وكمثقفين لابد لنا من دور في إذكاء الوعي لاعادة الاعتبار الى الانسان كقيمة والى العلم كقيمة، كما على الدولة مسؤولية عظمى في فك الارتباط بين الريع كوسيلة وبين استقرار المجتمع والحفاظ على جوهره التاريخي والاجتماعي كغاية. لا يمكن ان تستقر علاقتك بالآخر قبل ان تستقر علاقتك بنفسك، وبالتالي لا يمكن ان يستقر المجتمع دونما علاقات حقيقية قائمة على فكرة الاستقرار لا فكرة الغنيمة. ولن يتحقق ذلك الا بوجود علاقات أفقية سليمة بين جميع مكوناته وإعادة طرح قضية الوعي نحو أسئلة المجتمع لا سؤال الفرد على المجتمع أن يعيد ترتيب اوراقه وليساعد الدولة، حيث وعي الدولة لا يكفي دون وعي المجتمع. سؤال العلاقة الافقية هو سؤال المجتمع المدني، هو سؤال الطبقة الوسطى، هو سؤال المواطنة هو سؤال الدستور الذي يحكم العلاقة في المجتمع. الوعي بهذه الامور أولوية قبل انجراف المجتمع نحو سؤال البنية الثقافية والسياحية والترفيهية، يكفي المجتمع الوعي بذلك ويكفي الدولة السعي الى تحقيقه. لماذا الدولة شريك بل واساس لإيجاد علاقات سليمة في المجتمع؟ لأنه كما تلاحظون منذ البداية أن أصالة الوجود في منطقتنا للدولة حسب الظرف التاريخي الذي مرت به المنطقة، بينما المجتمع ليس سوى امتداد او ماهية لها لكن في المقابل وجودها مرهون بوجوده وتقدمها مرهون بتقدمه، فإرادة المجتمع تنطلق من رغبته ومن ايمان الدولة بهذه الرغبة، ولا يكتفي المجتمع فقط بتبني خطاب الدولة، بل من المهم أن يشارك في انتاج هذا الخطاب. تذكروا ان نمط العلاقات السائد حالياً ليس نمطاً سليماً، ويضر بالمجتمع بكل فئاته من مواطن ومقيم، بروز العلاقة الرأسية على حساب العلاقة الافقية يجعل المجتمع في سباق مع نفسه دون هدف مشترك يلوح في الافق. التعويل على دور الدولة من خلال التشريعات القانونية التي تصب في ايجاد علاقة افقية سليمة كبير، والأمل في قيادتنا كبير بعد ان اثبتت ازمة الحصار تلاحم المجتمع والقيادة بشكل اذهل العالم واربك دول الحصار. قبل أن أنتهي أود الإشارة الى بعض المفاهيم التي أرى انها ضرورية لفهم موضوع العلاقة في المجتمع عبر الحقب الثلاث او الأربع السابقة. المسافة الاجتماعية: هي المسافة بين الجماعات المختلفة وكذلك بين الافراد ومواقعهم الاجتماعية. المجال العام: هو البنية التحتية لمجتمع مدني فعال، غيابه يلقي بالمسؤولية على أجزاء أخرى لا تمتلك ان تقوم بدوره مثل خطيب المسجد او مغرد تويتر او ناشط في الاتصال الاجتماعي مما يسبب احباطاً للمجتمع. العقل الأداتي: عقل مهيمن في المجتمعات الرأسمالية الحديثة، تحوَل من مَلَكَة فكرية الى مجرد أداة لتحقيق أهداف معينة. العقل التواصلي: عقل لم يعد مكتفياً بدوره كجوهر وانما صار يبحث عما هو عقلاني ولا يقوم على الضغط وانما على التوافق. الهوية السردية: الهوية الشخصية+ الزمن [email protected]