14 سبتمبر 2025

تسجيل

المؤشرات الإسكانية

05 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حملت العناوين الرئيسية على موقع صندوق النقد الدولي لعدد من الدراسات والبحوث تحذيرات بالغة الأهمية من التغيرات السريعة النمو السكاني العالمي بعد أن تضاعف عدد سكان العالم من نحو 3 مليار عام 1960 إلى نحو 7. 5 مليار عام 2016. وتفرض هذه التحولات تحديات جسيمة، فهي تهدد النمو الاقتصادي، واستقرار المالية العامة، وجودة البيئة، وتحقيق الأمن والرفاهة للبشرية. ولكن التغلب على أي منها ليس أمرا مستحيلا وأفضل السبل للتعامل معها هي تحرك صناع السياسات في القطاع العام والقطاع الخاص للعمل بشكل حاسم وتعاوني وعاجل. ويتضمن هذا التحرك المعاجلة بإصلاح سياسة التقاعد، ووضع سياسة للهجرة العالمية وغيرها. ولعل من الخطأ توهم أن دول مجلس التعاون الخليجي هي بمنأى عن هذه التحذيرات أو التهديدات، حيث يعتبر الخلل السكاني في دول المجلس ظاهرة فريدة من نوعها في العالم، إذ تتجاوز نسبة السكان غير المواطنين نسبة المواطنين في أربع من دول المجلس. وبلغ إجمالي سكان دول المجلس عام 2013 نحو 49. 3 مليون نسمة بحسب الإحصاءات الرسمية، وسجّل نموًا بنسبة 4% سنويًا خلال الأعوام 2012 - 2000، وهي بين الأعلى عالميًا. ويعود النمو السكاني المطرد في دول مجلس التعاون، أساسًا، إلى تدفق العمالة الأجنبية. فقد بلغ معدل نسبة نمو السكان الوافدين خلال 37 سنة (2012 - 1975) إلى 6. 5% مقابل 3. 2% للمواطنين. وتتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة دول المجلس من حيث الخلل السكاني، حيث يبلغ السكان الأجانب نسبة 88. 4% وأدناها سلطنة عمان بنسبة بحدود 43%. إن التحولات الديمجرافية الراهنة في دول مجلس التعاون الخليجي بدأت تبرز ملامحها منذ منتصف السبعينيات أي بعد طفرة أسعار النفط وما تلاها من نهضة عمرانية في كل الميادين، فأصبحت تمثل دول المجلس منطقة جذب العمالة الأجنبية من مختلف بقاع العالم خاصة العمالة الوافدة من الدول الأسيوية. وصحيح أن جزءا من أسباب الزيادات الهائلة في العمالة الأجنبية هو وجود نقص في العمالة المؤهلة والمدربة وغير المدربة التي اشتغلت في مختلف المشاريع العمرانية، لكن الصحيح أيضا هو عدم المبادرة مند البداية إلى الاستثمار والاستخدام الأمثل والتوظيف الكامل لقوة العمل المحلية وتأهيلها وتنميتها من أجل تحمل مهام التنمية الاقتصادية، علاوة على تسارع تشييد مشاريع الخدمات والبنية التحتية. وفي أواسط الثمانينيات تم التحول الديمجرافي الآخر نتيجة لعوامل عديدة أهمها انخفاض أسعار النفط وبروز العجوزات لأول مرة في موازين دول المجلس، ما أدى إلى تغيير استراتيجيات الإنفاق الحكومي. وشهدت اقتصاديات دول المجلس فترة من التراجع الاقتصادي. كذلك بسبب الانتهاء النسبي من معظم مشاريع البيئة التحتية التي بدأت قبل عقد من الزمن والتوسع الهائل في خدمات الصحة العلاجية والوقائية أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الوفيات في معظم دول المجلس وزيادة معدلات المواليد، وبالتالي بروز الاتساع بين المعدلين، ومن ثم ارتفاع المعدلات الطبيعية للسكان. كما تتميز مجتمعات دول مجلس التعاون بأنها مجتمعات فتية، حيث ترتفع نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة. وفي ظل هذه التطورات برزت منذ ذلك الوقت ظاهرة البطالة في صفوف المواطنين، ولعل مرور اقتصاديات دول المجلس بفترات من الرواج خلال التسعينيات والألفية الأولى من القرن الجديد لم يؤد إلا إلى بقاء تلك الظاهرة تحت السطح تتفاقم بشكل هادئ، حتى باتت اليوم في ظل تراجع أسعار النفط والأنفاق الحكومي كأهم تحد يواجه مستقبل الاقتصاديات الخليجية. والأخطر من ذلك أنه يثار حاليا جدلا أمميا واسعا حول ما اصطلح على تسميته بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعمالة المهاجرة. ﻭﻗﺪ ﻋﺮفت اﺗﻔﺎﻗـﻴﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤـﺪﺓ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺤـﻤﺎﻳﺔ ﺣﻘـﻮﻕ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻤﺎﻝ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺃﻓﺮاد ﺃﺳـﺮﻫﻢ ﻟﺴـﻨﺔ ۱۹۹٠ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ ﺑﺄﻧﻪ "اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬﻱ ﺳـﻴﺰاﻭﻝ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺑـﺮﺡ ﻳﺰاﻭﻝ ﻧﺸـﺎﻃﺎ ﻣﻘﺎﺑـﻞ ﺃﺟﺮ ﻓﻲ دﻭﻟﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺭﻋﺎﻳﺎﻫﺎ" بغض النظر عن المدة التي يمكث فيها في هذه الدولة". وتستغل الدول المصدرة للأيدي العاملة هذه التشريعات في هذه المرحلة من أجل تحسين شروط تشغيل عمالتها في دول المجلس، لكن ما ليس واضحا هي الخطوة التالية بعد أن يتم تعميم مفهوم العمالة المهاجرة بدلا من العمالة الوافدة في دول المجلس. لقد باتت الحاجة ملحة وبصورة أكبر للتعرف بعمق على المؤشرات الديمجرافية في دول المجلس وفي مقدمتها هيكلية السكان من حيث الجنسية والعمر والسكن ومستوى المعيشة، وكذلك توزيع قوة العمل حسب المجموعات المهنية والنشاطات الاقتصادية والقطاعية كمقدمة لتنفيذ استراتيجيات واضحة تقوم على التعامل بصورة جدية مع ظاهرة العمالة الأجنبية والخلل السكاني والاستخدام الأمثل للعمالة الوطنية خاصة المرأة، كما تقوم على حماية مستقبل الأجيال القادمة وحقوقها في بلدانها.