13 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد العالمي .. وبوادر الانتعاش

05 مارس 2014

في الوقت الذي ينظر العديد من المراقبين إلى العام الجديد على أنه بداية لانحسار الركود الذي عانى منه الاقتصاد العالمي خلال الأعوام الماضية ومع أن الاقتصاد العالمي بالفعل يظهر بوادر للتحسن أفضل من السابق، فبحسب المحللين الاقتصاديين في معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في بلجيكا فإن العام الجديد سيشهد انتعاشا، حيث «يستمر الانتعاش الاقتصادي العالمي، حيث ازداد الإنتاج الصناعي العالمي في الفصل الثالث من عام 2013 بنسبة لم يحققها منذ بداية عام 2012، وتحققت هذه الزيادة في البلدان الناشئة والبلدان المتقدمة على حد سواء، وإن كانت الزيادة أكبر في المجموعة الأولى».وهو ما يعني تحسن مؤشرات الاقتصاد العالمي أو على الأقل فإن النصف الأول من السنة الجديدة سيكون حاسما بالنسبة لبعض الاقتصادات ولا يختلف عن سابقيه بالنسبة للبعض الآخر، فمؤشرات التباطؤ لا تزال حاضرة بقوة، خاصة أن العام الجديد ربما يمتاز بانتعاش يبدو واضحا على بعض الاقتصادات وتقلبات تختلف حدتها من البعض إلى البعض الآخر بمعنى أن الأعوام الماضية شهدت مجموعة من الإصلاحات المالية تساوت فيها كل الاقتصادات، من ضمنها تخفيض الفوائد التي من المتوقع أن تشهد ارتفاعات متتالية خلال العام الحالي في الوقت الذي لا تزال فيه البطالة والضرائب مرتفعة وكذلك قدرة المستهلك بين التدني وتفضيل التوفير بدل الإنفاق، إضافة إلى تسارع وتيرة نمو المواد الاستهلاكية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والطاقة وإذا كانت منطقة اليورو بدأت تظهر بوادر للانتعاش أو على الأقل قد تعدت أسوأ ما في الركود بعد ما أظهرته اقتصادات ألمانيا وفرنسا، مما زاد الآمال بأن تعافيا للاقتصاد العالمي بدأ يظهر بالفعل، حيث ازدادت النشاطات الاقتصادية للفصل الثاني على التوالي وبلغت نسبة النمو 0.1 في المائة، وقد كانت مساهمة التجارة الخارجية سلبية في النمو الاقتصادي بسبب تجاوز الواردات للصادرات خلال الفصل الثالث من عام 2013، بينما أسهم الطلب الداخلي إيجابيا في النمو الاقتصادي. ومن الجدير بالذكر أن الأوضاع الاقتصادية تحسنت في بلدان جنوب أوروبا، فقد تخلصت إسبانيا من الركود الذي استمر لمدة سنتين، وتقلص تراجع النشاطات الاقتصادية في إيطاليا. وهي حركة بطيئة لهذه الاقتصادات بدأت بارتفاع معدل النمو بنسبة 0.4 في المائة في الربع الأخير من العام 2009 مقارنة مع انكماش وصل إلى 0.2 في المائة في الربع الثاني، مدعومة بتوقعات المفوضية الأوروبية أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي بمنطقة اليورو 0.7 في المائة هذه السنة و1.5 في 2011 من انكماش يصل إلى 4 في المائة في العام 2009 وهي توقعات تأتي بالتزامن مع أنباء مماثلة بالولايات المتحدة واليابان، حيث ازداد الطلب الداخلي وبلغ النمو الاقتصادي في الفصل الثالث من العام الماضي 1.0 في المائة مقارنة بالفصل الثاني. أما في اليابان فقد تباطأ النمو الاقتصادي بشكل كبير في الفصل الثالث مقارنة بالفصل الثاني بسبب ضعف نمو الطلب الداخلي، ومحصلة سلبية للتجارة الخارجية في النمو الاقتصادي الذي بقي إيجابيا وبلغ 0.3 في المائة ومع أن هناك الكثير من التفاؤل بالعام الجديد أن يكون عام بداية التعافي الحقيقي، إلا أن آثار الأزمة المالية لم تنته بعد، بل من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الأمريكي خاصة مزيدا من التقلبات رغم خطط التحفيز الحكومية التي زادت على ثلاثة تريليونات دولار، حيث لا يزال الإقراض بين البنوك شبه مجمد وتجد الشركات والأعمال صعوبة في الاقتراض الميسر، ما يحد من النشاط الاقتصادي عموما. على عكس الاقتصاد الصيني الذي استطاع أن يحقق معدل نمو منذ 2009 حيث وصل إلى 8 في المائة وبحسب تقرير أصدره مركز بحوث التنمية الذي يقدم المشورة للحكومة فقد نما في 2010 بنسبة 9.5% بدعم من نمو الاستثمار العقاري ومحدودية التضخم وحاليا استفادت من زيادة صادراتها بفضل انتعاش النشاط الاقتصادي على الصعيد العالمي، كما أسهمت زيادة الصادرات بتحسن النمو الاقتصادي في الهند أيضا.. ومع أن منطقتنا العربية والتي تضاف جملة إلى ما يعرف بالدول النامية والتي لم تسلم من تداعيات الأزمة المالية كما تجاهلها التقرير جملة وتفصيلا، فإن بعضها يسير على خطى الاقتصادات المنتعشة والبعض الآخر يسير على وقع الدمار، حيث تشهد أكبر نسبة للفقراء وصلت إلى ما بين 40 إلى 60 في المائة من العالم العربي وذلك في وقت بلغت فيه قيمة إجمالي ثروات أغنى خمسين ثريا عربيا أكثر من مائتي مليار دولار خلال هذا العام، بل إن بعضهم ازداد ثراء على ثراء رغم كل هذه الأزمات. كما أن أسعار النفط التي تعتمد بعض الدول العربية عليها، خاصة الخليجية منها، عرفت تدنيا ملحوظا من 147.3 للبرميل في يوليو 2008 إلى ما دون الخمسين دولارا في نفس الفترة من 2009 وبالتالي فالفائض المعلن في الموازنات الخليجية لعام 2008 والبالغ 32 مليار دولار قد تحول إلى عجز في موازنة 2009 بفعل ضغوط الأزمة وتراجع أسعار النفط وصعود أسعار المواد الأساسية، يقدر بـ 24.05 مليار دولار في موازنات 2009 وربما يحول تحسّن الوضع الاقتصادي الدولي المرتقب في السنة الجديدة وانتعاشه وخروجه من دوّامة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أدّت إلى انكماشه، لاسيَّما في أكبر الدول المستهلكة للنفط ومنها أمريكا التي تستهلك لوحدها حوالي %25 من استهلاك العالم من هذه المادة، فضلا عن أوروبا واليابان اللتين تعتبران ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم. دول الخليج تحولت إلى كتلة اقتصادية مهمة على الخارطة الاقتصادية العالمية في ظل التحوّلات القائمة والانتقال التدريجي الحاصل في القوّة الاقتصادية باتجاه الجنوب والشرق.