14 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمة أوكرانيا والقرم تعوق الإصلاحات الدولية للاقتصاد

05 مارس 2014

مع تفاقم الوضع في أوكرانيا، وضبابية الحلول السياسية بين الدول الكبرى روسيا وأمريكا والمجموعة الأوروبية، فإنّ الاقتصاد العالمي الذي يحاول النهوض من عثرته بعد أزمات مالية في 2008، وديون متراكمة في منطقة اليورو والعجز في الدين الأمريكي، سيخبو مرة أخرى، وستتعرض الأسواق بلا شك إلى هزة اقتصادية ومالية، قد تكون آثارها أشد من الأزمات السابقة.الأزمة الأوكرانية ليست خلافاً سياسياً فحسب، إنما نزاع على اقتسام الثروات، ستنعكس آثاره سلباً على اقتصادات الدول الكبرى، الذي سيؤثر على الاقتصادات الصغيرة، خاصة أنه يمر في وقت عصيب، حيث محاولات أوروبية جاهدة لإنقاذ اليورو من كبوة ديونه.ففي الوقت الذي تعاني فيه أوروبا من تراكمات الديون، وتعاني الولايات المتحدة الأمريكية من العجز المالي، فإنّ منطقة الشرق الأوسط تعاني من اضطرابات لا تهدأ، وكما نعلم أنّ الاقتصاد يتطلب بيئة آمنة لإقامة أنشطة واستثمارات قادرة على النمو.وأستعرض حجم المخاطر التي يعاني منها الاقتصاد الدولي.. ففي تقرير أمريكي ذكر أنّ تداعيات أزمة 2008، اعتبرت الأسوأ منذ زمن 1929، وامتدت لتشمل الدول الأوروبية والآسيوية والعربية، وقد وصل عدد البنوك المنهارة إلى "19"بنكا، فيما توقعت المصادر المالية انهيار ما يقارب "8400" بنك حول العالم.وقد توقف سقف الدين الأمريكي في فبراير الماضي عند "17" تريليون دولار، إلا أن استمرارية هذا العجز سيجعلها غير قادرة على تسديد مديونياتها.وإذا انتقلنا إلى منطقة اليورو فإنّ الديون المتراكمة للدول الأوروبية بلغت "12" تريليون دولار، ومع جهود التقشف والإصلاحات الحكومية التي اتبعتها تمكنت من تقليص الديون، والنزول بها إلى "9" تريليونات، علماً بأنّ الوضع الراهن للأزمة الأوكرانية سيفاقم من حدتها.وفي منطقة الشرق الأوسط فقد قدرت خسائر دول الربيع العربي بـ"800" مليار دولار، ورغم محاولات الحكومات النهوض بالجهود الاقتصادية وبرامج الإنعاش الجديدة، إلا أنّ عدم الاستقرار أصبح سمة مقلقة.ما استعرضته من مؤشرات إحصائية عن خسائر الكيانات الاقتصادية العالمية غربيا وعربيا، يبين حجم الضرر الكبير والمؤثر على الاقتصاد، الذي لا بد أن ينتهج سياسة أكثر حداثة في النمو، إلا أنّ الكلفة الباهظة لبرامج الإنعاش والإصلاحات التي تتبعها الحكومات لا تزال دون مستوى الطموح.أضف إلى ذلك الانعكاس السلبي للتوتر في أوكرانيا وجمهورية القرم، والتوجه نحو التصعيد العسكري سيؤثر بكل تأكيد على الاقتصاد العالمي، فقد بدا من أول وهلة من اندلاع الأزمة، تذبذب أسواق الأسهم وعدم استقرار أسعار السلع والخدمات والاتصالات والغذاء، إذ إنّ الهدوء السياسي هو من ينعش الحراك الاقتصادي.يشير تقرير لـ"الاقتصادية" إلى أن طرد روسيا أو فرض عقوبات عليها كما تحاول الدول الكبرى الاتفاق عليه، سيشعل حرباً اقتصادية تتعرض فيه الدول الناشئة لهزة غير مضمونة الأبعاد والنتائج.كما أنّ الدخول في مواجهة اقتصادية مع روسيا يعني فشل خطة الدول الكبرى ضخ تريليوني دولار على مدى السنوات الخمس القادمة لتعزيز النمو، إذ إنّ التوجه سيكون وقتها نحو إصلاح الانهيارات التي ستصيب السوق مجدداً. فأوكرانيا تحتل المرتبة الثانية عالمياً من أكبر مصدري الحبوب والذرة وتمثل "20%" من إجمالي الصادرات العالمية، وتعد أيضاً رابع أكبر مصدري الشعير في العالم بنسبة "11،4%"، كما أنّ روسيا في مقدمة دول منطقة البحر الأسود من حيث إنتاج الحبوب بنسبة "45،5%" من الإجمالي العالمي، تليها أوكرانيا، فإذا سقطت روسيا في فخ الحرب، فمن المتوقع انفجار أزمة مالية عالمية جديدة. وقد امتدت آثار تفاقم الأزمة لتؤثر على الأسواق الأوروبية، منها هبوط معظم أسواقها المالية، وكذلك الآسيوية التي تأثرت بالصدمة والقلق، كما قامت الشركات والمصنعون والموردون بتخزين كميات كبيرة من المواد التموينية والغذائية الرئيسية والتعدينية تحسباً لنقص حاد في السوق الدولي. وفي الوقت الذي يدرس فيه صندوق النقد الدولي كيفية تقديم مساعدات مالية إنعاشية للدول الأوروبية المخفقة في الإصلاحات، مثل إسبانيا وسلوفانيا وأوكرانيا والبرتغال، والتي كانت أكثر تعرضاً لمخاطر الأزمة المالية، إلا أنّ أزمة أوكرانيا والقرم والتدخل الروسي، ستعوق الإصلاحات الضرورية المرتبطة بالدول الكبرى، وأبرزها روسيا لكونها ضمن مجموعة الدول السبع.والتساؤل هنا.. هل سيدخل الاقتصاد العالمي في دوامة أزمة مالية جديدة؟، هذا ما ستكشفه المفاوضات الجارية على مستوى دولي لإنقاذ الاقتصاد من السقوط.