15 سبتمبر 2025

تسجيل

دعاء الحظ

05 فبراير 2016

ختمت إحدى عماتي اتصالي بها الذي اعتدت أن أقوم به من باب صلة الرحم كل شهر أو شهرين لجميع أقاربي من الدرجة الأولى سواءً من جهة الوالد أو الوالدة (رحمهما الله جميعاً) والتي أعتبرها جرعات علاجية تشعرني بقمة السعادة.نعود لعمتي التي ختمت مكالمتها بدعاء قالت فيه: "الله يجعل لك حظاً يا ولدي". ولا أخفيكم أنني سمعت هذه الدعوة لأول مرة في حياتي وكانت بالنسبة لي وقفة تأمل في دعاء ظل لأيام يدور في رأسي ولازالت نبرات صوتها بذلك الدعاء تعاودني بين فترة وأخرى فما هو الحظ الذي تريده لي تلك المرأة الأمية لأني شعرت بأن هذا الدعاء الصادق الذي خرج من قلب محبة وصل سريعاً للسماء ووجدته في حياتي مترجماً بأشكال عده.وبعد بحث وقراءة وجدت أن الحظ هو عطاء الله الأكبر الذي خلقنا من أجله فالله يقول في كتابه (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) والجنة هي الحظ العظيم والله سبحانه وتعالى لم يورد هذه الكلمة في القرآن عبثاً ولم يجعلها مقرونة بالصبر جزافاً ولم تكن دلالة للجنة مجازاً بل إن الحظ هو النصيب الوافر والكبير من السعادة وهو لن يكون إلا لمن يصبر على ملمات الحياة فالحظ هو منتهى السعادة الذي لا يأتي إلا بعد العسر الذي هو الامتحان من ينجح فيه فإنه سيجد حظه من اليسر والخير. إن الفاشلين في هذه الحياة دائماً ما يجعلون الحظ متهما لأنه لم يأت إليهم ويجعلون من الحظ سبباً لنجاح الآخرين ونسوا أن الحظ له أسبابه وأنه من أقدار الله يجعلها لمن يصبر ويعمل ويقدم الخير قولاً وعملاً ويبذل الأسباب هنا هناك لا يمل من كبوة ولا يقف عند حاجز ولا يتعثر عند أول حفرة فذلك الحظ لا يكون إلا لمن كان مقداماً يتحمل المشقة ويسير على الطريق بخطى واثقه في قدرة الله على صناعة الحظ ولن تكون صاحب حظ ما لم تكن صاحب قلب كبير يتسع للعفو ويفيض بالحب خالياً من الحسد والحقد يصبر على أفعال الناس وظلمهم يقدم الأعذار لهم قبل التهم، يدفع بالحسنة ويبادر بالإحسان ويجعل الحسنات ممحاة للسيئات. إن ما تزرعه وتعتقده في عقلك وحياتك هو حظك الذي تسعى إليه، فالحظ متاح لنا جميعاً ولكن عليك أن تطلبه بحقه فلن يأتيك على غفلة من حياتك فالغفلة لا تورث إلا الندامة والجد مع الصبر يورث الحظ والسعادة. فالحظ في قاموس الكسالى هبة تأتي بمحض الصدفة وعذراً لبلادتهم وشماعة لفشلهم ولكنه في قاموس المجتهدين عمل وصبر وصدق وأمانة وعطاء لا يتوقف وهمة تعلو وطلب مستمر لا يتوقف وأمنيات لا تنتهي فكونوا طلاب حظ يفجر الصخر بقوة الإرادة وعزم الأبطال.