30 أكتوبر 2025

تسجيل

لأول مرة امرأة ترأس البنك المركزي الأمريكي

05 فبراير 2014

تولت في بداية هذا الأسبوع، وتحديداً في الأول من شهر فبراير الحالي السيدة جانيت يلين البالغة من العمر 67 عاماً مسؤولية رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالي الأمريكى "البنك المركزي"، وذلك خلفاً للسيد "بن برنانكي" الرئيس السابق للبنك الذي انتهت ولايته يوم 31 يناير الماضي بعد أن نالت ثقة مجلس الشيوخ حين حظيت بتأييد 56 عضواً بالمجلس ورفض 26 نائبا، كلهم من الجمهوريين، ومن قبلها ثقة أعضاء اللجنة المصرفية بالمجلس بموافقة 14 ناباً ورفض 8 نواب، لتتولى بذلك رئاسة البنك كأول امرأة في تاريخه ومنذ إنشائه في عام 1913.ولا تُعد السيدة جانيت يلين غريبة عن البنك المركزي الأمريكي فقد عملت به في مقتبل حياتها العملية وتحديداً في عام 1977 كباحثة اقتصادية، كما عينت عضواً بمجلس المحافظين في تسعينيات القرن الماضي، وعملت كذلك رئيسة لفرع البنك في سان فرانسيسكو، وأخيراً نائباً لرئيس البنك ... كما أنها ليست بعيدة عن المجال الاقتصادي والمالي فهي حاصلة على الدكتوراه في الاقتصاد ولها العديد من الدراسات في هذا المجال بالمشاركة مع زوجها الاقتصادى المعروف "جورج كيرلوف" الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2006.كما أن السيدة يلين، خريجة جامعة بروكلين التي تخرج فيها الكثير من العباقرة والمتميزين الذين أثروا الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع، وسبق لها أن تولت رئاسة المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض خلال حكم الرئيس كلينتون، ولها كذلك دراسات مشتركة مع العالم الاقتصادى الكبير"جيمس توبين" الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، وهذه الدراسات تُعد حالياً من أهم المراجع الدراسية العلمية والعملية للدارسين والباحثين في مجال العلوم النقدية والاقتصادية، كما يحسب للسيدة يلين أنها كانت من أوائل الخبراء الاقتصاديين الذين نبهوا مبكراً إلى خطورة الفقاعة العقارية التى حدثت ببلادها في عام 2007 وحذرت مما يمكن أن يترتب عليها من أزمات مالية خطيرة.هذا وقد أبدى بن برنانكي الرئيس المنتهية ولايته لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي "في كلمة وداع عند مغادرته منصبه" تفاؤلاً بالأداء المتوقع للاقتصاد الأمركي وتحسن فرص نموه في العام الحالي في ظل انخفاض معدلات البطالة إلى نحو 6.8% وانحسار الآثار السلبية للازمة المالية العالمية وزيادة الانتاجية، وتحقيق توازن أفضل في سوق العقارات وانتهاء أزمة العجز المالي في بلاده واستمرار السياسات الاحتوائية، ومؤكدا على الأهمية الكبرى لدور برنامج التيسير الكمي في زيادة معدلات النمو الاقتصادي الأمريكي وخفض معدلات البطالة، كما أبدى تفاؤله بمعدلات النمو السريعة التي حققتها مؤخراً اقتصادات الأسواق الناشئة.وتعد الرئيسة الجديدة لبنك الاحتياطى الفيدرالي الأمريكي كسلفها "بن برنانكي" من أشد المتحمسين للسياسات النقدية غير التقليدية التي يطبقها البنك بالفعل منذ عدة سنوات، على الرغم من نظرة البعض لها على أنها سياسات استثنائية، وفي مقدمتها سياسة التيسير الكمي وبرنامجه الشهير في شراء الديون الحكومية، وكذا اعتماد أسعار فائدة متدنية "تقرب من الصفر" على الودائع بالبنوك وعدم اتخاذ أي قرارات متسرعة برفعها في المدى القصير، حيث تؤمن بعدم الحاجة إلى ذلك طالما ظل وضع الاقتصاد بالبلاد هشاً وضعيف.ويتفق الكثير من الخبراء مع السيدة يلين على أن هذه السياسات الاستثنائية ستكون كفيلة بخفض معدلات البطالة وتنشيط الاقتصاد وأسواق المال، إلا أنهم يحذرون من أن ذلك سيكون على حساب زيادة معدلات التضخم بالبلاد، وقد دافعت السيدة يلين بشدة عن هذه السياسات غير التقليدية في الجلسة التي عقدتها اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ للموافقة على ترشيحها لرئاسة البنك، وهو الأمر الذي أفقدها تأييد عدداً من أعضاء المجلس من الجمهوريين بسبب تبنيها لهذه السياسات، وعدم تحديدها تاريخاً محدداً للانتهاء من تطبيقها، وفي المقدمة منها، سياسة التيسير الكمي وطبع وضخ المزيد من الأموال في شراء السندات والديون الحكومية، وعدم العودة السريعة إلى السياسات النقدية التقليدية للبنك المركزي.ولتأكيد وجهة نظر السيدة جانيت يلين في انتهاج سياسات نقدية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتشغيل المجتمع وخفض معدلات البطالة فقد ترأست "حين كانت نائبة للرئيس" اللجنة التي شكلها بنك الاحتياطي الفيدرالي في الشهر الماضي والتي أوصت بضرورة تحقيق المزيد من الشفافية في أعمال البنك، وأوصت كذلك بتقليص حجم السيولة التي يضخها البنك بالأسواق شهرياً من 85 مليار دولار إلى 75 مليارا فقط، وفق برنامج التيسير الكمي.ولكي تضمن اللجنة والسيدة يلين تحقيق التوازن بين الدور التقليدي للبنك المركزي المتمثل في خفض معدلات التضخم، وتضمن في نفس الوقت خفض معدلات البطالة كأحد الأدوار غير التقليدية للبنك فقد طالبت اللجنة بالاستمرار في تطبيق برنامج التيسير الكمي وعدم إنهاء دوره حتى تنخفض معدلات البطالة إلى ما دون 6.5%، وتزيد في الوقت ذاته من معدلات السيولة بما يعمل على تنشيط الاقتصاد والأسواق، وإن حذر الكثير من الخبراء والمؤسسات المالية العالمية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من تقليص برنامج شراء الأصول الحكومية الأمريكي خشية حدوث أزمة مالية أمريكية جديدة تزيد من المخاطر الاقتصادية لأمريكا وللعديد من دول العالم.