12 سبتمبر 2025

تسجيل

خيرُ برهان

05 يناير 2023

كل منا يحتاج للتجربه، فالحياةُ في حد ذاتها تجربة. عندما تعود بذاكرتك للماضي، وتستحضر الذكريات الأليمة، ستعرف كيف جعلتك تلك الأحداث تنمو وتتقدم، وكيف جعلت كل شيء جديراً بالاهتمام، ستكون ممتناً للدروس التي تعلمتها، ففي مستهلِّ حياتك العمليّة بل وعلى مدار حياتك يمكنك أن تستفيد من تجربتين أولاهما تجاربك الشخصية والتي تختلف من شخص إلى آخر، والثانية هي تجارب الآخرين فكتابُ الحياة مفتوحٌ للجميع، وحقوقه ليست محفوظة، فتجارب الناس الذين عاشوا قبلنا، أو الذين يعيشون معنا، هي معينٌ لا ينضب. في هذه الحياة هناك فترات صعود وهبوط ولكن بنهاية المطاف تجاربنا هي من تجعل كل واحد منا على ما هو عليه، وهذا هو السبب في أننا يجب أن نتعلم قبول كُلٍّ من الخير والشر اللذين يصيبانا بامتنان لأن كل شيء في الحياة يحدث لسبب، يمكن أن تكون ساخطاً على ما يحدث لك أو ممتناً، وعندما تختار الرضا تَفتح لك الحياة أبواباً لتجارب مدهشة قد تتذكرها دوماً. علينا ألا ننسی أن التجربة هي سنة الحياة، ولا تخلو الحياة من التجارب أبداً، فنحن نتعلم ونجرب ونعمل لتكون لنا خبراتنا الحياتية وكلما تعمقنا في هذه الحياة وجدنا أنها مجموعة من التجارب والخبرات التي تصنع شخصيتنا لنصنع بها واقعنا، وباختلاف أنواع الخبرات المكتسبة سواء كانت إيجابيةً أو سلبيةً فإن لهذه الخبرات أثراً كبيراً في واقعنا ومستقبلنا وكلما كنا أكثر وعياً في التعامل مع معطيات الحياة ومتطلباتها كانت خبرتنا أكثر نضجاً وفائدة لنا وللمحيطين بنا. ولأننا كبشر تتقاسم حياتنا عقلاً وقلب، فعلينا أن نعي أنهما كفتا الميزان اللتان تدلان على نمط الشخصية، وبهما تتفاوت التجارب من شخص لآخر، بهما نصبر ونواجه، وبهما نتجاوز عتبة الرهبة من الوقوف عند التجربة الأولى، إذ مهما تكررت المواقف فلا يتكرر الصراع مع الذات في رحلة إثبات الوجود بالقوة نفسها ومقدار الوقت الذي تتطلبه كل تجربة حتى ننضج وتكتمل شخصيتنا هو ما يميزها عن بقية التجارب التي تليها، ولعل خلاصة تجارب الإنسان هي الصمت أحياناً، فالصمت هو كل الخيارات، هو الرفض والقبول والتجاهل والتأمل والانكسار والعدمية والعبثية واللامبالاة والعجز عن التعبير والتفسير وهو اللغة التي يتكلم بها أهل الحُب والفن، حتى أن الإنسان يحتاج الكثير من تجارب الحياة حتى يكون الصمت هو الخيار الأفضل بدلاً من الكلام. أخيراً: كلما كثرت تجاربنا في الحياة صغرت دائرة علاقتنا مع من حولنا، وذلك ليس تكبراً ولكن لأن التجارب تمنح الإنسان معاييرَ أكثر دقة لانتقاء الأشخاص بعنايةٍ فائقه، والتجربةُ خيرُ برهان.