التنافس الداخلي

تأسست سيرز Sears في أواخر القرن التاسع عشر، وأصبحت أشهر شركة لمتاجر التجزئة في الولايات المتحدة للملابس والأدوات المنزلية والأثاث والعناية بالسيارات، وكل ما تحتاجه الأسرة. وكذلك الحال بمتاجر K-Mart - والتي تأسست في نفس الفترة - والمتخصصة في المواد الغذائية والأدوات المنزلية. ولكن بالرغم من عمرهما الطويل والنجاحات الكبيرة التي حققتها الشركتان، ونجاة الشركتين من الحربين العالميتين والكساد العظيم وكل التقلبات السياسية والاقتصادية التي مرت بها الولايات المتحدة والعالم، إلا أنهما لم يصمدا أمام التحول الرقمي والتسوق الإلكتروني. فقرر ملاك الشركتين المتعثرتين دمجهما في ٢٠٠٥ في محاولة للتغلب على المنافسين الجدد، ولكن ذلك لم يساعد الشركة الضخمة الجديدة والمكونة من أكثر ٣٠ قطاعاً مختلفاً. فجاء المدير العام بفكرة جديدة، وهي خلق بيئة تنافسية بين قطاعات وإدارات الشركة، بهدف رفع مستوى الجودة لدى الجميع. ففي الغالب ستتنافس الإدارات في تطوير خدماتها وابتكار خدمات إبداعية تتناسب مع العصر الحديث، مما سيحفز بقية الإدارات. كان البرنامج الذي طرحه المدير يبدو منطقياً ورائعاً، فهو يقوم على اللامركزية، واستقلالية الإدارات في اتخاذ القرارات. ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً؛ فقد أصبحت كل إدارة منطوية على نفسها، تحجب المعلومات عن الإدارات الأخرى، ولا تتعاون معهم إلا في حدود مصالحها. بل كانت بعض الإدارات تفضل التعاون مع شركات وجهات خارجية، على أن تتعاون مع إدارات داخلية؛ حتى لا تشاركها النجاح. فأصبحت منتجاتها هي الأغلى بسبب التكاليف المرتفعة نظراً لتكرار العمل وعدم التكامل بين الإدارات. واستمر الوضع يزداد سوءاً حتى أعلنت الشركة إفلاسها في ٢٠١٨. كان الأحرى بقيادة الشركة نشر روح التكامل - وليس التنافس - بين إدارات وقطاعات الشركة الواحدة، لتجنب نشر أجواء الغيرة والعزلة والحرب مع القطاعات الأخرى. Twitter:@khalid606