10 سبتمبر 2025
تسجيلوافق مجلس الوزراء في اجتماعه العادي، المنعقد في 1/9/2010، على قانون توطين الوظائف في القطاعين العام والخاص. وكالعادة، انفردت جريدة الشرق بنشر ملامح مشروع هذا القانون، والذي تسري أحكامه على الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، والهيئات والمؤسسات العامة، والقطاعين الخاص والمشترك. وتضمن مشروع القانون تشكيل لجنتين، إحداهما تسمى لجنة التظلمات، والأخرى تسمى اللجنة الدائمة لتوطين الوظائف، وهي التي سيناط بها وضع الاستراتيجيات. وركز مشروع القانون على تلبية احتياجات سوق العمل في وظائف مختارة من المواطنين والمواطنات. وحدد القانون نسبة التوطين في تلك الجهات بأنها لا تقل (بل قد تزيد) على 20 % من مجموع العمالة (باستثناء العمالة غير الماهرة). وأكد مشروع القانون على مساهمة القطاعين الحكومي والخاص في تبني ابتعاث القطريين وفق التخصصات التي يحتاجها خلال عدة سنوات قادمة. واقترح مشروع القانون الزام الجهات المختلفة بابتعاث القطريين للدراسات العليا والتخصصات الفنية حتى يكونوا مؤهلين لشغل الوظائف المتاحة بتلك الجهات. أما الذين لم يستكملوا دراستهم فيشجع القانون على ضرورة استكمال دراستهم، وتشغيلهم بوظائف مناسبة لهم. ويقترح المشروع تدريب وتأهيل الفائضين عن حاجة العمل في أية جهة حكومية، أو من انتهت صلتهم بالعمل لأي سبب من الأسباب. وأبرز القانون أن نسبة التوطين المطلوبة ستكون إلزامية على جميع القطاعات من خلال استراتيجية واضحة ومقننة. وستطبق على الجهات التي لا تلتزم بتطبيق النسب التي يحددها مجلس الوزراء لتقطير الوظائف عقوبات وغرامات مالية قد تصل في حدها الأعلى إلى 100 ألف ريال قطري، وتضاعف العقوبة في حال التكرار. ولضمان ذلك فقد منح القانون بعض الموظفين صفة الضبط القضائي لضبط وإثبات ما يقع من مخالفات لأحكام القانون فيما يتعلق بتوطين الوظائف، وتأمين فرص العمل للمواطنين. وخول القانون هؤلاء الموظفين دخول المنشآت الخاصة، وتفتيشها، والاطلاع على مستنداتها وسجلاتها الوظيفية، والوقوف على إجراءات التشغيل والاستقدام قبل إعداد تقارير نهائية توضح على وجه الدقة جهود هذه المؤسسات في توطين الوظائف. والمشروع يهدف بشكل أساسي إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة المواطنين عبر توظيفهم والاستفادة منهم في مختلف الجهات. المهم في الموضوع، أنه بعد الموافقة على مشروع القانون من مجلس الوزراء، تم تكليف كل وزير بقراءته، وابداء الملاحظات عليه، لإجراء أي تعديلات يحتاجها المشروع. وما أن علم بعض المنتفعين بمشروع قانون توطين الوظائف حتى عملوا جهدهم على اختفائه من على أجندة الوزراء وطمس معالمه. يعني أن المشروع قتل وتم دفنه قبل أن يتشكل ويولد. ومن هنا بدأت بعض المصطلحات تخرج على السطح مثل بأن المواطنين غير مؤهلين، وأن القطري غير ملتزم، وأنه لا يملك من الخبرة أي شيء. والخطر الذي علمه المستشارون من المشروع، بأنه يهدف إلى توطين الوظائف التخصصية، وغير التخصصية بالدولة، والعمل على إنهاء خدمات بعض الموظفين غير القطريين الذين يشغلون الوظائف الحساسة مثل المستشارين والقانونيين وإدارة الأعمال والحاسب الآلي والوظائف غير التخصصية (الكتابية والإدارية) وهذا يعني الاستغناء عن خدماتهم، وخدمات أقربائهم. والسؤال المهم: هل نحن بحاجة لقانون توطين الوظائف؟ الصراحة نحن في حاجة إلى رجال مخلصين لديهم الحس الوطني أكثر مما نحن في حاجة لقانون. فمثلاً عندما استلم سعادة السيد علي شريف العمادي منصب الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني وجد أن الفئة الغالبة من موظفي البنك هم من الجنسية الشرق أوسطية والآسيوية. فقام بفتح عملية التعيين للمواطنين وأصبح على بعض الوظائف اثنان احدهما قطري، والآخر غير قطري. وطلب من غير القطري تدريب القطري، وأعطيت مهلة زمنية للقيام بذلك، مع اشعار غير القطري بانتهاء عقده بعد مدة زمنية محددة. وأمر البنك بتطبيق نظام الجودة الوظيفية التي تعالج سلبيات عدم الانضباط، والاستهتار. وفي نفس الوقت، قام بالاهتمام بالورش العملية والتدريب الميداني لتحسين مستوى أداء الجميع، وشملت هذه حتى المديرين أنفسهم. ولم يكتف بذلك، فقد أدخل نظام التدريب المستمر لتنمية قدرات الموظفين. وبعد أن تمكن من رفع قدرة الشباب، وتمكينهم من ممارسة أعمالهم بشكل أكثر سلاسة، قام بعملية إنهاء عقود الكثير من الموظفين غير القطريين. إن ما قام به سعادة علي شريف العمادي وغيره من المخلصين لهو المطلوب على مستوى الدولة، وفي جميع القطاعات، العام منها والخاص. وفي الختام نقول إن وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية حاولت تطبيق فكرة توطين الوظائف بمجهود ذاتي، ولكنها فشلت حتى الآن، وسبب الفشل يعود إلى أن توصيف الوظائف لم ينجز بعد، وأن الوزارة ليست لها أمر على بعض الجهات التوظيفية المهمة، وأن جهات أخرى قامت بالتحايل على إجراءات الوزارة بالتعاقد مع غير المواطنين بنظام العمل الجزئي، او الراتب المقطوع. إننا نعلم أن مشروع قانون توطين الوظائف لم يناقش في مجلس الوزراء إلا بعد قناعة من قيادة الدولة بأن القطري لديه القدرة الفعالة والإمكانية لتولي أية وظيفة، وان المشروع كان يهدف للقضاء على البطالة، ومن ثم تشجيع الشباب على الزواج، وتكوين أسرة، وهذا كله يعمل على النهوض بالاقتصاد الوطني وبمرافق الدولة ككل. إنه ليس عيباً أن نأخذ الخبرة بالاستعانة من أشخاص وافدين لفترة معينة بهدف اقتباس الخبرة، بشرط أن يكتب في عقد الوافد بند ينص على تدريب القطري، ولكن العيب أن تمر العشرات من السنين والبلد لا يزال يدار بأيدي عمالة وافدة. إن العمالة الوافدة في قطر، حسب الاحصائيات الدولية، تقدر بحوالي 94 % ألا نستطيع بجهود المواطنين المخلصين أن نجعلها 80 % ونترك فرصة للعاطلين من المواطنين أن يزاولوا الأعمال في بلادهم؟ والله من وراء القصد. [email protected]