10 ديسمبر 2025
تسجيلفي قطر، مثلما هو الحال في جميع الدول، تلوح تحديات عند محاولة توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة للجميع، مع الإبقاء على النفقات في مستوى معقول. فقد خلص تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية في عام 2010 إلى عدم تمكن أي دولة من ضمان حصول جميع مواطنيها على كافة الخدمات العلاجية والتكنولوجيا الطبية اللازمة. وخلال الفترة من 2013-2015، كانت هناك رغبة في تحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية. فقد أنشأت الحكومة شركة عامة للتأمين الصحي، عُرفت باسم «صحة»، ووفرت التمويل الحكومي لخدمات العلاج الصحي للمواطنين، مع تقديم القطاع الخاص لهذه الخدمات. ولسوء الحظ، لم تكن هناك ضوابط وموازنات كافية للتحكم في التكاليف، حيث كان بمقدور الأفراد طلب العديد من الاستشارات التي يرغبون فيها، وقد اتُهمت بعض العيادات بفرض رسوم مرتفعة تفوق قيمة الخدمات المقدمة بالفعل، لعلمها بأن الدولة ستتحمل تكلفة العلاج. فعلى سبيل المثال، ربما يكون الفرد قد خضع لعملية إزالة الزائدة الدودية بشكل طبيعي، ولكن فاتورة العلاج كانت تحتوي على بنود للتعامل مع التهاب الزائدة الدودية، الذي يستدعي تحصيل تكاليف إضافية. وقد أشار أحد أعضاء مجلس الشورى إلى الزيادات الكبيرة في أسعار العيادات الخاصة خلال فترة تطبيق نظام التأمين الصحي العام «صحة»، بسبب وجود حوافز مالية لإجراء عدد من الفحوصات أكبر بكثير من الفحوصات اللازمة بالفعل. وفي شهر أكتوبر 2015، أظهرت الإحصائيات الرسمية أن الدولة دفعت 1.3 مليار ريال قطري خلال الخمسة عشر شهرًا الأولى من فترة تطبيق البرنامج غطت تكلفة مليون استشارة، أي ما يعادل ثلاث استشارات لكل مواطن. وتوقف العمل بهذا النظام في نهاية ذلك العام. ويمكن أن نستخلص الدرس الأساسي من هذه التجربة الذي يتمثل في أنه من الصعب على مؤسسة حكومية أن تبني من الصفر خدمة يمكنها أن تضاهي تمامًا الخدمات التي تقدمها شركات التأمين الخاصة الكبرى من حيث جودة الخدمة والتحكم في التكاليف واكتشاف عمليات الاحتيال. فعلى سبيل المثال، تحرص شركات التأمين المرموقة على توظيف أطباء لديهم القدرة على التحقق مما إذا كان طلب إجراء اختبار أو علاج معين ضروريًا حقًا. وفوق هذا كله، تتمتع مثل هذه الشركات بوجود مساهمين وتطبيق حوافز اداء لاحتواء التكاليف. وتُعد قطر سوقًا ناضجًا ومتطورًا للتأمين الصحي، حيث يوجد ما لا يقل عن خمس شركات تأمين كبرى توفر المستوى المتقدم من الخبرة اللازمة. وبعد إلغاء شركة «صحة»، آلت عملية تقديم الخدمات الصحية إلى مزيج من شركات التأمين الصحي الخاصة التي تقدم خدمات الرعاية الصحية طواعية للأشخاص الذين يستطيعون تحمل تكاليفها، والأجهزة الصحية العامة التي تمولها الدولة وتوفر خدمات الرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين. وجار الإعداد لطرح خطط خدمة التأمين الصحي الإلزامية للمواطنين والوافدين التي ستغطى تكاليفها عن طريق أقساط التأمين. ومن المرجح أن يعني اعتماد خيار الرعاية الصحية الخاصة تقليل فترة الانتظار لتلقي العلاج، وتمكين المرضى من تلقي العلاج على يد جراحين رائدين على مستوى العالم، ولكن الخدمات الصحية العامة ذات مستوى مرتفع أيضًا. ولا تمثل الاستثمارات ومظاهر التقدم في مجال التشخيص والتكنولوجيا الطبية مشكلة في منطقة الخليج، بما في ذلك دولة قطر، حيث إن دول الخليج كان لديها أكثر من 160 مشروعًا للرعاية الصحية قيد التنفيذ بقيمة إجمالية بلغت 53.2 مليار دولار في عام 2020. وقد حققت السياحة الطبية في المنطقة نموًا حيث تجاوزت قيمتها 2 مليار دولار في عام 2023. وتتمتع قطر بأعلى معدل إنفاق على الصحة للفرد في منطقة الخليج، وقد تمكن تقرير صادر عن بنك قطر للتنمية في عام 2021 من تحليل المنظومة الصحية المزدهرة والمبتكرة. ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمار في القطاع الصحي بدولة قطر إلى 7 مليارات دولار بحلول عام 2025. وعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن تصبح الرعاية الصحية صناعة تبلغ قيمتها 30 تريليون دولار بحلول عام 2050، وفقا للبيانات الصادرة عن معهد القياسات الصحية والتقييم.