12 سبتمبر 2025

تسجيل

متى يسمح بنزع ملكية العقارات؟

04 ديسمبر 2023

لقد عمل الدستور الدائم للدولة على ترسيخ مبدأ حماية الملكية بأنواعها المختلفة، والملكية الخاصة على رأسها، فبالرجوع للمادتين 26 و27 من الدستور نجد أن الملكية الخاصة حق دستوري يستوجب الصيانة وعدم المساس به تحت أية ذريعة، ما عدا الاستثناء المتعارف عليه في جميع القوانين المقارنة وهو نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة، وهذا الاستثناء لا يجوز إعماله إلا في حدود ضيقة وباستكمال شروط وإجراءات دقيقة ينص عليها القانون، بشرط الالتزام بتعويض من انتزعت ملكيته الخاصة للمنفعة العامة تعويضا عادلا مناسبا. إذا كانت حماية الملكية الخاصة للأفراد حقا مشروعا كرسه الدستور وأكد أن جميع المؤسسات وأشخاص القانون العام ملزمون بالسهر على ضمانها، فإنه بمراعاة الوسائل القانونية المنصوص عليها والإجراءات اللازمة يمكن تجاوز هذا المبدأ والمساس بحق ملكية الشخص الفردية، وذلك ترجيحا للمصلحة العامة التي تتعارض مع حق ملكيته، فتصبح آنذاك المنفعة العامة أولى بالحماية وأجدر بالضمان مقابل الحق في ملكية خاصة، مثل الحالة التي تتطلب تشييد خط طريق من شأنه أن يصبح معبرا جديدا للمركبات تسهيلا لحركة المرور اليومية، ويكون بناء ذلك الخط يتطلب هدم بناء خاص لأحد أفراد المجتمع، ففي هذه الحالة تكون مصلحة المجتمع في تشييد خط طرقي جديد أهم وأولى بالاعتبار من بناء شخص واحد من المجتمع، ويكون عندئذ نزع الملكية للمنفعة العامة مبررا قانونيا، بشرط احترام الإجراءات التي ينص عليها القانون. وإذا كان الدستور القطري قد أشار لإمكانية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، فإن القانون رقم 8 لسنة 2002 بشأن نزع ملكية العقارات والاستيلاء عليها مؤقتا للمنفعة العامة هو الذي ينظم إجراءاتها والمراحل التي يجب المرور بها، وإلا اعتبر النزع بمثابة استيلاء غير قانوني تترتب عنه الآثار القانونية اللازمة. بالرجوع للقانون المذكور فقد حدد ضمن المادة 3 أمثلة عن الحالات التي يمكن معها الشروع في إجراءات نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة، وهو أمر يجب الثناء عليه لأنه حصر من دائرة إمكانية التوسع في اللجوء لهذا المبدأ وحرمان الأفراد من ملكية عقاراتهم تحت مسمى المنفعة العامة، فقد حدد هذه المادة الحالات التي نكون فيها أمام منفعة عامة حقيقية. ولا يكفي فقط تحقق حالة المنفعة العامة التي تستلزم نزع الملكية الخاصة لنكون أمام مشروعية هذا الأمر، بل يجب أن يتم تقديم طلب إلى وزارة البلدية من طرف الجهة الحكومية التي ترغب في انتزاع ملكية الشخص، يرفق به توضيح للمشروع الذي يبرر الطلب ورسم تخطيطي لموقع العقار ومساحته، ليعرض الطلب على الجهة المكلفة بدراسته. وفي حال حصول اعتماد من قبل وزارة البلدية يتم نشر القرار بالجريدة الرسمية مع إخطار إدارة التسجيل العقاري بذلك، لينتهي الأمر بمصادقة مجلس الوزراء على قرار نزع الملكية للمنفعة العامة ونشره وإعلانه بالطرق المنصوص عليها قانونا، خصوصا لمن لهم حقوق على العقار المراد نزع ملكيته، وبالتزامن مع ذلك تنتقل ملكية العقار إلى الدولة ويعتبر بمثابة ملك عام، ويتم تثمين العقار من طرف لجنة مختصة بذلك، لتقدر سعره وفق سعر السوق خلال نزع الملكية من أجل تعويض من انتزعت ملكيته تعويضا عادلا. والجدير بالذكر أن التعويض المستحق لمن تم نزع ملكيته للمنفعة العامة يجب أن يكون عادلا ومتناسبا مع سعر العقار وقت نزع ملكيته، بمعنى أنه لا يجوز أن يعادل التعويض قيمة العقار وقت شرائه أو بالسعر الذي اقتناه به المالك في فترة سابقة، كما أن التعويض يجب أن يسدد كاملا ودون مماطلة أو عن طريق أقساط دورية. كما يجوز للمالك في الحالة التي لا يرضى بقيمة التعويض ويراه غير مناسب لسعر العقار الحقيقي أن يقدم تظلما للجهة المكلفة بذلك خلال مدة ثلاثين يوما من انتهاء مدة عرض الكشوف وخرائط التقدير الواجب الالتزام بها أثناء مراحل إجراءات نزع الملكية الخاصة.