20 سبتمبر 2025
تسجيلكانت هناك تغطية إعلامية سلبية بشكل لافت للنظر في وسائل الإعلام الغربية لاستضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم. وكانت الكثير من المعلومات الواردة في هذه التغطية غير دقيقة، بما في ذلك مسألة التكلفة. حظيت بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها دولة قطر بتغطية واسعة النطاق، وكانت الكثير من المعلومات الواردة في هذه التغطية بدول الغرب تتسم بسلبيتها المتحيزة، حيث ركزت في المقام الأول على قضايا حقوق الإنسان والتكلفة المرتفعة لاستضافة البطولة. وكان مستوى العداء لافتا للنظر، لا سيَّما في ظل التقدم الذي تحقق في مجال حقوق العمال والحريات المدنية في قطر. وكانت روسيا قد تلقت تعليقات أقل سلبية عند استضافتها لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2018، بعد أربع سنوات من ضم قواتها العسكرية لأجزاء كبيرة من دولة أوكرانيا المجاورة لها. وفيما يتعلق بتكلفة استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم، غالبًا ما تشير التغطية الإعلامية الغربية إلى نفقات رأسمالية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار. وكما أشرت في مقالتي الأخيرة، يتعلق هذا المبلغ بالتحديث الاستراتيجي لمرافق البنية التحتية في الدولة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية بشكل عام. وحتى في الحالات التي توضح فيها التقارير الإعلامية الغربية هذا الأمر، غالبًا ما تركز العناوين الرئيسية لتلك التقارير بشكلٍ مضلل على جوانب سلبية مزعومة فقط لاستضافة قطر لبطولة كأس العالم. وفي الواقع، كانت المخطط لجزء كبير من برنامج تحديث مرافق البنية التحتية في البلاد قد وُضع في عام 2008، أي قبل عامين من منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) حق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم إلى دولة قطر. لذا فمن المعقول أن نسأل: إذا لم تكن قطر قد مُنحت حق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، فما هو المبلغ الذي كانت البلاد ستستثمره بالطريقة نفسها من أصل التكلفة المذكورة البالغة 200 مليار دولار؟ ويشير الإطلاع على وثيقة رؤية قطر الوطنية الصادرة في عام 2008 إلى أن الإجابة ستكون الغالبية العظمى من هذا المبلغ. وتحدد الوثيقة المذكورة أربع ركائز للتنمية وهي: التنمية البشرية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية. وتضيف ما يلي: "سوف تنفد موارد النفط والغاز الموجودة في البلاد في نهاية المطاف. وسيعتمد النجاح الاقتصادي للبلاد في المستقبل بشكل متزايد على... نظام دولي جديد قائم على المعرفة." وقد استثمرت الحكومة القطرية في التعليم والبحوث وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهدف تعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة. وانتهت الدولة من بناء وتشغيل محطة رئيسية للطاقة الشمسية، كما يتضمن البرنامج الاستثماري نطاقًا أكبر من المسارات الجديدة للدراجات الهوائية التي تبلغ طولها 2131 كيلومترًا، بالإضافة إلى الطرق الجديدة التي يبلغ طولها 1791 كيلومترًا. ومن بين الأمثلة الأخرى على مرافق البنية التحتية للنقل بناء مطار جديد، وميناء بحري عميق في الدوحة، ونظام مترو جديد تحت الأرض، بالإضافة إلى أسطولٍ من الحافلات التي تعمل بالكهرباء. وكانت هناك استثمارات كبيرة في بناء فنادق جديدة، حيث جرى تمويل الكثير من هذه الفنادق عن طريق البنوك على أساس تجاري. ويعتمد تمويل برنامج بناء الفنادق على الدخل المتوقع لها على مدار فترة تتراوح ما بين 10 و15 عامًا، وبالتالي فإن نسبة الإشغالات الفندقية خلال هذه البطولة الرياضية التي تستمر ستة أسابيع فقط ستشكل جزءًا صغيرًا جدًا من الحساب الذي تضعه الجهات المقرضة في الاعتبار. وكان من بين محاور خطة تنويع موارد الاقتصاد القطري تعزيز قطاع السياحة في البلاد. وتُعدُ مدينة لوسيل الواقعة على أطراف مدينة الدوحة من المدن الجديدة التي تستضيف أكبر ملاعب البطولة. ورغم انتهاء بناء هذه المدينة في الوقت المحدد تمهيدًا لاستضافتها لبعض المباريات في بطولة كأس العالم لكرة القدم، فإن هذا المشروع يُعدُ جزءًا من المخطط الموضوع لاستيعاب النمو السكاني الذي تشهده البلاد، حيث باتت مدينة الدوحة القديمة مكتظةً بالسكان وأصبح التوسع في بناء المدن الجديدة ضروريًا. وقد شهد تعداد سكان دولة قطر نموًا ملحوظًا، حيث ارتفع من 50,000 نسمة فقط في عام 1950 إلى حوالي 3 ملايين نسمة في عام 2022. وتحتوي مدينة لوسيل كذلك على متاجر ومكاتب ووحدات سكنية وملاعب جديدة مجهزة لاستضافة البطولات الكبرى كما هو الحال في بلدان أخرى، مثل لندن وجنوب أفريقيا. ويجب أن تكون بطولة كأس العالم لكرة القدم، في المقام الأول، مهرجانًا رياضيًا وتجمعًا رائعًا يحتشد فيه الناس من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بمشاهدة مباريات كرة القدم التي تجري بين أفضل المنتخبات على مستوى العالم وتقديم الدعم المعنوي لمنتخباتهم الوطنية. ويمكن للناس من الغرب والشرق أن يجتمعوا ويتعلموا من بعضهم، مع احترامهم لثقافات بعضهم البعض. والنقد البناء موضع ترحيب، ولكن التقارير غير الدقيقة والتعليقات غير النزيهة ليست مجدية.