11 سبتمبر 2025

تسجيل

صبغ وسمكرة

04 ديسمبر 2022

لم يستطع بوحمد الجلوس صامتا وهو يرى علامات الغضب تعلو وجه صديقه بوراشد، فحاوره محاولا معرفة أسباب غضبه فقال له "خير يا خوي عسى مابه شر"، نظر بوراشد لبوحمد وقال له "الا الشر بعينه وعلمه، والله يكفينا من الياي (القادم)"، تعجب بوحمد من مقولة بوراشد، فهو لم يتعود منه السلبية أو السوداوية في نظرته للأمور، فأبو راشد دائما متفائل ومحب ومقبل على الحياة، فقال بوحمد "افا يا ذا العلم، شكل اللي كدرك شي جايد (أي أمر عظيم)"، قال بوراشد "شتبيني أقول، اه من بطني واه من ظهري وبس (مثل يقال عندما لا تستطيع السكوت أو الكلام على أمر ما)، وعلى قولت الشاعر كل ما قلت هانت جد علمن جديد"، رد بوحمد على بوراشد قائلا "لا العلم اللي بين اضلوعك مهب هين، تكلم يا خوي شنهو بلاك (أي ماهو بلاؤك)"، تناول بوراشد كوب ماء بجانبه على دفعات وعيناه تحدقان في بوحمد ثم قال "يا بوحمد، انا من زمان اسمع انه هناك مؤامرة على مجتمعاتنا لطمس معتقداتنا الإسلامية وتغريبنا عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا، ولكني دايم كنت أقول لنفسي، لا مب لهدرجة العالم هذولا مالهم شغله الا احنا، ما يصير نحلل كل شي يصير حولنا على انه مؤامرة، واحنا الحمد لله على عقيدة سليمة ومنهج صحيح وما راح يأثر فينا أي شيء"، قال بوحمد "زين شصار اللحين وخلاك تشيل الدنيا على راسك"، قال بوراشد "يا خوي اشوف ان الأمور كل مالها وتنفلت شوي شوي، واللي البارحة نشوفه عيب ومنقود (أي منتقد لمخالفته للأعراف والتقاليد) صار اليوم حضارة وتمدن (من المدنية)، واللي كنا نعيب على تصرفاتهم أمس، صرنا اليوم نتهاجم ويبغونا نتبع طريقهم ونسوي سواياهم "، قال بوحمد "وضح يا بوراشد وخل عنك الالغاز، شتقصد تراني ما فهمت لك"، قال بوراشد "شاوضح وشخلي (أي ماذا أوضح وأترك)، ما تشوف اللي يدور حولك، تغيير لأسماء الفواحش والرذائل لتزيينها وتطبيعها في المجتمع، فأم الكباير اللي من عرفنا انفسنا اسمها خمر وحرام صار يسمونها اشربة روحية وكحولية علشان تتغير نظرتنا لها ونألفها، واللباس الفاضح والخادش للحياء صار يسمونه موضة، قبل امس في واحد من السوبرماركتات الكبيرة شفت بنات لابسين ملابس رياضية تفصل اجسامهم تفصيل وكله تحت شعار التمدن والحضارة". صمت بوراشد للحظات ثم قال "والادهى والامر يا خوي اللي قاعد يصير الآن في مجتمعات الغرب واللي يبغون غصب يدخلونه على مجتمعنا ويحاولون يشجعون عليه"، قال بوحمد "الله يكفينا الشر وشو هذا بعد"، قال بوراشد "يا حيك يا بوحمد يوم انك ماتدري وغافل، تدري انهم يهاجمونا علشان ما عطينا حقوق المثليين وكتمنا حرياتهم"، قال بوحمد مستعجباً "حقوق من؟ شنهو يطلعون هذولا"، رد بوراشد "هذيلا والعياذ بالله الشواذ اللي يعملون عمل قوم لوط، والمأساة انه في الاعلام يحاولون ان يسمونهم بمسميات ثانية علشان تتعود على مسماهم وبعدين تتقبل وجودهم في مجتمعك، فمثلا بدل ما يقولون عنهم الشواذ وهي كلمة واضح اثرها على السامع، يقولون لك مجتمع الميم حتى يبعد فكرة مخالفتهم وشذوذهم عن الفطرة السليمة، ويظهرونهم لك على انهم مجتمع كبير مظلوم ومضطهد يكافح ويناضل للحصول على ابسط حقوقه المشروعة، ويحاولون يجبرونك على الاعتراف بهم كمكون رئيسي من مكونات أي مجتمع". ذهل بوحمد مما قال بوراشد فما يسمعه يندى له الجبين، قال بوحمد "أعوذ بالله، والله انه من حقك انك تنهم وتشيل الدنيا على راسك، هذا كله يدور حولنا واحنا يا غفلين لكم الله"، قال بوراشد "هذي والله البلوه يا بوحمد وللأسف انهم قاعدين يجندون ناس منا وفينا لخدمة أفكارهم الهدامة، وهذولا الناس منهم من يدري باللي يسويه ومنهم اللي قاعد ينجر وراهم وهو ما يدري انه يساعدهم في تحقيق أهدافهم". ختاماً أقول: إن أنصار هدم الأخلاق والقيم يطلقون أفكارهم باستخدام منصات ووسائل وأساليب مختلفة علينا جميعا الحذر منها، ولعل أخطرها منصات الإعلام من خلال الأفلام والمسلسلات التي تقوم بحقن فكرة الشذوذ العفن في عقل المشاهد بأسلوب محبب، فلا يكاد يخلو مسلسل غربي من وجود شواذ في جميع حلقاته حتى أنهم يظهرونهم بأنهم أناس طبيعيون وأنهم عنصر من الطبيعي بل من الواجب تواجده ضمن مكونات المجتمع الرئيسية، ولعل الخطر الأكبر هو استهدافهم للشباب والمراهقين بهذه الأفكار الهدامة حتى ينشئوا أجيالا قادمة ينتشر فيما بينها الشذوذ والفواحش.