02 نوفمبر 2025

تسجيل

تعافي اليورو بين مخاوف الانكماش والمبادرة

04 ديسمبر 2013

مخاوف عالمية جديدة من انكماش اقتصادي متوقع، يخطو نحو منطقة اليورو رغم تراجع نسبة التضخم بشكل حاد في المنطقة، ودخول الأسواق في مرحلة هادئة، بسبب التوصل لاتفاقات مع إيران حول برنامجها النووي، إلا أن تردد المستثمرين في التوجه للأسواق المربحة له تفسيراته. فالتعافي الذي يراه الاقتصاديون، ما زال متأرجحا بين الانكماش والانفتاح على السوق، وهذا بسبب مرور خمس سنوات على الأزمة المالية، دون إحداث أثر مطلوب في الإصلاحات الاقتصادية وتمويل المشروعات، أو حتى تراجع مستويات البطالة. أشار تقرير محلي إلى أن الاقتصادات المتقدمة تأثرت بشكل كبير، فمثلا الاقتصاد الأمريكي لا يزال يكافح للتعافي سعياً للتخلص من البطالة والمشكلات الاقتصادية المتفاقمة. ذكر تقرير نشر على موقع سوق الدوحة أنّ التعافي يكتنفه الغموض، وأنّ الاقتصادات المتقدمة تأثرت بشكل ملحوظ، خاصة منطقة اليورو التي تشهد تغييرات هيكلية كبيرة في اقتصادها، من أجل تخطي الأزمة، إذ رغم نمو مؤشرات الأسواق المالية في أمريكا واليورو واليابان، ولكنها وقتية ومتباطئة، وسرعان ما تتقلب مع مخاوف المستثمرين. ولعل سبب تقلبات المستثمرين والمبادرين هو اعتماد الأسواق الآسيوية على مؤشرات النمو الأمريكية والأوروبية، التي من شأنها أن تضاعف الاعتماد عليها كبديل عنها، إلا أنّ التوتر الذي تشهده آسيا في الوقت الراهن وتحديداً تايلاند، قد يفاقم من المخاوف والقلق من انتقاله إليها، إلى جانب ما تشهده منطقة الشرق الأوسط أصلاً من اضطرابات وعدم استقرار. فالأوضاع الاقتصادية الجارية لا تأخذ صفة الاستقرار، إنما مرتبطة في الفكر الاقتصادي بمدى قدرة الوضع الحالي على اجتياز الأزمات، وكل ما يرتبط بالعملات والأسواق والأسهم هو معرض دون شك لمخاطر التذبذب. فقد طفت على السطح قضايا ملحة، أخذت لتفاقمها طابعاً إقليميا، وأصبحت مشكلات تتطلب حلولاً، مثل الأزمة الغذائية والتغير المناخي والديون المتراكمة وخلل الاقتصاد العربي والبطالة والإصلاحات الاقتصادية وتراجع النظام المالي العالمي. وانطلاقاً من الشعور الجماعي بدأت الدول تنحو إلى إيجاد أسواق بديلة تفتح بوابة الاستثمار البناء، وعقد شراكات بين مؤسسات وشركات، واستلهاماً لتجربة نجاح مبادرات الحكومات الآسيوية التي حفزت مؤسساتها بالمزيد من الشراكات مثل الهند والصين وآسيا. فالفكر الاقتصادي المعاصر على مفترق طرق بين الركود والتعافي من أزمة تفرز آثارا ذات انعكاس سلبي ومرحلي على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية. فقد تحولت تداعيات الانهيار المالي إلى معضلة اقتصادية حقيقية، لأنّ آثارها امتدت إلى المؤسسات المالية والمصرفية والإيرادات العامة للدول، وأدت إلى خلخلة في أنظمتها الاقتصادية والصناعية، وكما هو معروف أنّ المال عماد الاقتصاد ونحن نشهد اليوم انهياراً متتالياً للكثير من المؤسسات الصناعية الحديثة مما حدا بالاتحاد الأوروبي إلى تسريع وضع قوانين إنقاذية لمؤسساتها التنموية. وقد أوضحت في مقال سابق أنّ مفهوم المعضلة الاقتصادية، يعني السعي الدؤوب إلى تحسين الموارد المتوافرة لدى الدول للخروج من أزمة اقتصادية خانقة، ولكن على مستوى العالم فإنّ فعالية استعمال الموارد يبدو ناقصاً، لأنّ الخسائر الناجمة عن سوء التنظيم وسوء الاستغلال الأمثل للموارد، أدت إلى الهبوط بمستوى الرفاهية الفعلية للسكان. فقد يكون التسارع الأوروبي لإنقاذ سوق العمل الصناعي مدعاة للابتكار في مجالات الترويج، وجذب الزبائن، واستعادة الثقة في السوق، إذ إنّ الابتكار عمل اقتصادي مهم، يؤدي إلى مفهوم جديد للإنتاج. يرى اقتصاديون أنّ بناء مجالات اقتصادية جديدة لابد وأن يبدأ من الدراسات الراصدة التي تقيس الوضع الحالي وتتنبأ بتوقعات للسوق الدولية، كما لابد أن تتوجه للفرد في تحفيزه على الشغف والابتكار ورغبة التنوع سعياً لإحداث تغيير فاعل، وتكثيف الدراسات على معرفة أذواق الأفراد، وفتح منافذ سوقية جديدة. وفي رأيي أنّ الحل يكمن في التفكير النقدي لمشكلة اليورو، وأنّ المخاوف والقلق بشأن اتساع هذه الهوة، يعود إلى الوقوف أمام المشكلة دون الغوص في أعماقها لحلها، والجميع يسعى للتشخيص بينما هي في حاجة للمبادرات الجادة والخطوات الفاعلة أكثر من أيّ وقت مضى، فالتعافي ليس بالشكل المرضي إنما قد يحفز على إعادة تقييم الوضع الراهن.