10 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب صاحب السمو وثيقة ترسم معالم المستقبل

04 نوفمبر 2020

سمو الأمير يحدد موعد الانتخابات ويدشن عصراً جديداً من الديمقراطية الأيام أثبتت صواب تقديرات وخيار الدولة في التعامل مع الجائحة الخطاب تأكيد على مواقف قطر الثابتة ومبادئها الراسخة وقيمها الإنسانية توسيع مشاركة المواطنين خطوة مهمة تعزز الشورى الدعوة إلى استلهام مواقف قابوس وصباح الأحمد تؤكد حكمة سمو الأمير جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد العادي التاسع والأربعين لمجلس الشورى، أمس، على قدر التحديات الكبيرة التي تواجه، ليس قطر وحدها فحسب، وإنما العالم أجمع. كان خطاب صاحب السمو، شاملاً وشفافاً ويحمل الكثير من الرسائل المهمة في هذه المرحلة من تاريخ البلاد، كما يستشرف مآلات مستقبل العالم، وهو يؤكد على مواقف قطر والتزامها بمبادئها الراسخة وقيمها الإنسانية المستمدة من مبادئ الإسلام السمحة ومن قيم تتوارثها الأجيال. وما يميز خطابات صاحب السمو، أنها تتسم بالحكمة والإلهام والرؤية الواضحة للمستقبل، والمواقف النابعة من إرادة حرة لا تقبل المساومة على المبادئ والقيم الإنسانية، فضلاً عن الشفافية الكاملة التي تضع المواطنين والدولة أمام مسؤولياتهم تجاه الوطن حاضراً ومستقبلاً. دائماً ما يحرص صاحب السمو، في مجلس الشورى، في خطاباته على تناول قضايا وهموم الوطن وهو يرسم خريطة طريق شاملة للسياسات الداخلية والخارجية للدولة بما يتناسب والأوضاع المستجدة، دون أن تغيب عن بصره أهداف رؤية قطر الوطنية والمسار المرسوم لتحقيقها وما تم إنجازه، وما ينتظر أن يتم فعله، والتأكد من ألا ينسى الجميع اتجاه البوصلة الحقيقية التي تشير إلى الوجهة الصحيحة نحو أهداف رؤية قطر. حمل الخطاب عدة محاور مهمة، لعل أهمها على الصعيد المحلي هو بشارات الانتقال إلى خطوة مهمة في توسيع مشاركة المواطنين من خلال الإعلان عن قيام انتخابات مجلس الشورى في شهر أكتوبر من العام القادم، وهي خطوة تعزز من تقاليد الشورى القطرية وتطوير عملية التشريع، إن هذه النقلة الكبرى تأتي ترجمة لما وعدت به الدولة والتزاماً بالدستور الدائم للدولة الذي صدر عام 2004. إن إعلان موعد الانتخابات يعكس درجة الإيمان بأهمية الشورى ويظهر أن دولة قطر ماضية في مسيرتها نحو المستقبل، لا يثنيها عن ذلك الأزمات الطارئة أو التحديات المستمرة، وهو إعلان يؤكد أن المسيرة ماضية، لا تتخذ من الطوارئ الصحية أو التحديات التي فرضتها تداعيات الحصار، أعذاراً للتراجع أو الإبطاء في تنفيذ رؤيتها لدولة قطر المستقبل. إن الانتقال إلى خطوة انتخاب مجلس الشوري وتوسيع مشاركة المواطنين، هو امتداد لإرث قطر ونظام الإمارة الذي يستند إلى تقاليد راسخة في الحكم العادل والرشيد المرتبط بالشعب بالمبايعة وعلاقات الولاء والثقة المتبادلة والتواصل المباشر بينه وبين المجتمع، وهو نظام متجذر في بنية المجتمع ومتداخل معها. ويبدو اهتمام صاحب السمو، كبيراً بدولة المؤسسات، وهو يعول على الأهمية الكبيرة لمجلس الشورى ودوره البرلماني وجهوده على المستويين المحلي والدولي، حيث نوه سمو الأمير في هذا الصدد بتنظيم مجلس الشورى للمؤتمر السابع للمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد الذي عقد بالدوحة، وانتخاب سعادة رئيس مجلس الشورى رئيساً للمنظمة المذكورة بالإجماع للدورة المقبلة، فضلاً عن الاتفاقيات التي عقدها المجلس مع الأمم المتحدة بشأن إنشاء مكتب الأمم المتحدة للبرلمانيين لمكافحة الإرهاب، واختيار الدوحة مقراً له. ومن المؤكد أن اختيار الدوحة مقراً لهذا المكتب هو تأكيد جديد لثقة المجتمع الدولي في دولة قطر، وتقديراً واعترافاً بجهود سمو الأمير، ودولة قطر في مكافحة الإرهاب ومعالجة جذوره وأسبابه من خلال مساهماتها البارزة في مجال حفظ الأمن والسلم الدوليين. وما من شك، فإن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها دولة قطر في ظل جائحة كوفيد- 19 والتحديات التي واجهت العالم بأجمعه، تضاف إلى سجل بلادنا وسجل أجهزة الدولة في مقدرتها على التعامل مع الأزمة، والاستمرار في تجاوز كل المعوقات والتحديات التي مرت بها قطر، الأمر الذي أثبت قوة ومتانة الاقتصاد القطري وقدرته على استيعاب الأزمات الاقتصادية الكبيرة بما في ذلك أزمة الجائحة الحالية، وصموده، وحتى تطوره، رغم الحصار الجائر. ونوه صاحب السمو - حفظه الله - على أن ترشيد الإنفاق الحكومي المترافق مع رفع كفاءة القطاع العام لم يؤثر على مواصلة تركيز الإنفاق على الصحة والتعليم ومشاريع البنية التحتية الكبرى. كما واصلت الدولة جهودها لتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية، وعلى الأخص فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي، وتشجيع الاستثمار، وحققت في ذلك نجاحات واضحة، كما نجحت إجراءاتها في دعم القطاع الخاص والمحافظة على سلامة الأسواق المالية والمصرفية والريال القطري، وفي الوقت نفسه المحافظة على سلامة الموازنة العامة للدولة، في المحافظة على سلامة الوضع النقدي والمصرفي والمالي، والتخفيف من الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط والغاز على الموازنة العامة. إن صاحب السمو، وهو يستعرض خطط الدولة بشفافية لم ينس أن يستذكر في خطابه رحيل رجلين من أعظم رجال الخليج، هما جلالة السلطان قابوس باني عمان الحديثة، الذي ربطته مع قطر علاقات من الأخوة والود المتبادلين، وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الراحل، الذي عمل بكل ما أوتي من قوة للتوفيق بين الدول العربية وإصلاح ذات البين في الخليج، والذي لن ننسى مواقفه معنا. وكان استذكار سيرة الرجلين اللذين عملا بنوايا صادقة من أجل أمن واستقرار دول الخليج وشعوبها، محطة توقف عندها صاحب السمو، وهو يدعو بحكمته دول مجلس التعاون إلى أن تستلهم من اعتدال فقيدينا وحكمتهما المواعظ والعبر الصحيحة لمستقبل العلاقات فيما بينها. وفي ظل ما فرضته جائحة كورونا من تحديات أمام البشرية جمعاء، جاء خطاب صاحب السمو، هذه المرة ليركز على هذا التحدي الكبير الذي وضع العالم أمام اختبارات وخيارات صعبة، تعثر فيها كثيرون ونجح آخرون فيها بدرجات متفاوتة. كانت جائحة كوفيد- 19، وما تمثله من تهديد حقيقي للبشرية، والارتباك الذي لازم الدول في خياراتها للتعامل مع هذه الجائحة الخطيرة، امتحاناً عسيراً لها ولقطاعها الصحي، لكن الأيام كشفت صحة وصواب تقديرات وحكمة صاحب السمو، الذي وجه باعتماد خيار مرن لا يضحي بصحة الناس ولا بالاقتصاد، وهو الخيار الذي اعتمد الإغلاقات الجزئية المرحلية المدروسة بعناية، والتشديد على الوسائل الاحترازية، والجاهزية القصوى لعزل المصابين وعلاجهم بعد التمييز بين وضع الحالات، وتدخل الدولة في دعم المرافق الاقتصادية المتضررة من الجائحة. وبالفعل نجحت جهود دولة قطر في التصدي لفيروس كورونا كوفيد - 19 وتسطيح المنحنى والحد من تفشي الفيروس، مع انخفاض عدد الحالات اليومية، وكذلك تراجع عدد حالات دخول المستشفى أسبوعياً، وأن دولة قطر تعتبر من أقل دول العالم في معدل وفيات فيروس كورونا، حيث ظهرت نتائج استثمار الدولة المستمر في القطاع الصحي الذي أثبت فاعلية وجدارة في التعامل مع الجائحة. ومع كل هذا النجاح في التعامل مع الجائحة، يؤكد صاحب السمو، بحكمته على أهمية الحذر وعدم التهاون في التقيد بإجراءات الوقاية والتعليمات المتعلقة بضرورة التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، والحجر المنزلي حين يلزم، وذلك لتجنب حدوث موجة ثانية من الوباء. وفي شأن السياسة الخارجية، كان التأكيد على الموقف الثابت من القضية الفلسطينية وعدالتها، والحقوق المشروعة لأشقائنا الفلسطينيين حاضرة في وجدان صاحب السمو، وفي قلب خطابه الشامل الذي لم يغفل الخطاب التذكير بالمكانة التي تبوأتها دولة قطر دولياً بسبب سياساتها الحكيمة والمسؤولة والمبدئية، وأيضا بسبب جهودها البارزة في القضايا الكبرى التي تهم المجتمع الدولي، مثل التغير المناخي ومكافحة الفقر ومحاربة الإرهاب، والمساهمة في حل العديد من النزاعات بالطرق السلمية عبر الحوار. إن خطاب صاحب السمو، يشكل وثيقة ومرجعاً مهماً لجميع القطاعات من أجل تحقيق أهداف الرؤية الوطنية 2030، وهو يقدم نظرة شاملة لما تم إنجازه وما ينبغي فعله خلال المرحلة المقبلة في مختلف المسارات نحو الرؤية الوطنية 2030، سواء كان ذلك داخلياً بالتركيز على تطور الاقتصاد وتنويعه والتأكيد على مسؤولية كل مواطن تجاه نهضة وتطور البلاد من خلال تنويه سموه وتأكيده بأن الوظيفة في قطاعات الدولة المختلفة ليست مجرد استحقاق، بل هي واجب ومسؤولية ولهذا لا بد من ربط الأجر والترقية بالجدارة والإنتاجية، وتطبيق ذلك على جميع العاملين في الدولة دون استثناء، وهو توجيه سار للمخلصين في أعمالهم وجرس إنذار للمتهاونين. [email protected]