12 سبتمبر 2025
تسجيلمواجهة الأزمات عبر تقوية الحماية الاجتماعية بعد الحديث عن الارتدادات العكسية التي ولدتها تيارات العولمة، بما في ذلك على الدول الصناعية التي شهدت صعود التيارات والقوى الشعبوية وأحزاب اليمين التي تطالب بإغلاق الحدود ووضع القيود على التجارة الحرة، وأجبرت من ثم المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي على الحديث عن أهمية التنمية الاحتوائية التي تشمل الجميع وتحقق العدالة الاجتماعية، جاء الحديث هذه المرة عن التطورات التكنولوجيا المتسارعة وتأثيراتها المحتملة على التوظيف والعمالة ومعدلات الفقر. ويبرز السؤال اليوم كيف يتم تحقيق التطور التكنولوجي في المجتمع، الذي دون شك يحقق منافع جمة لكافة فئات المجتمع، لكن بنفس الوقت لا يحدث فقدان الوظائف واضطراب للصناعات التقليدية والصغيرة، والتي هي السمة الغالبة في المجتمعات النامية بما في ذلك المجتمعات الخليجية. جيم يونغ كيم، رئيس مجموعة البنك الدولي في كلمة له بعنوان «رأس المال البشري والتكنولوجيا: بناء العقد الاجتماعي الجديد» يقدم أحد الأمثلة على مثل هذه المخاطر. ففي بنغلاديش، التي تمتلك واحدة من أكثر صناعات الملابس كفاءة وأقلها تكلفة في العالم، يشتري أصحاب المصانع آلات تُسمَّى روبوتات الحياكة. وتزعم شركة ناشئة في أتلانتا تصنع هذه الماكينات أن روبوت الحياكة بمقدوره خياطة قميص (تي شيرت) في 22 ثانية - أي بمعدل تبلغ سرعته تقريبا مثلي سرعة العامل البنغلاديشي-وفي نهاية المطاف بتكلفة أقل. فإذا هيمن التشغيل الآلي على صناعة الملابس، ماذا سيفعل العمال؟ كيف يمكنهم إعالة أسرهم؟ كيف يشقون طريقهم في عالم يكتنف فيه الغموض الفرص الاقتصادية ويتسم بتقنيات سريعة التغيُّر؟ ومنذ عام 2001، زادت حصة الوظائف التي تتطلب مهارات معرفية واجتماعية وسلوكية واسعة من 19% إلى 23% في بلدان الاقتصادات الصاعدة، ومن 33% إلى 41% في الاقتصادات المتقدمة. لذلك يقترح رئيس مجموعة البنك الدولي لمواجهة هذه التحديات أن تعمل البلدان التي تود المنافسة في اقتصاد المستقبل على تسريع وتيرة نمو مستدام شامل للجميع. ويبدأ ذلك بالبنية التحتية، والاستثمار في البنية التحتية أكثر أهمية من ضمان توافر خدمات الإنترنت ذات النطاق العريض للجميع. كما يجب على هذه البلدان التحسب لبناء مجتمعات قادرة على مواجهة الأزمات والصدمات من خلال تقوية شبكة الحماية الاجتماعية. وفي البلدان النامية، لاسيما في البلدان منخفضة الدخل، يعمل 90% من جميع العمال في وظائف غير رسمية. بعبارة أخرى، إنهم لا يعملون لدى شركات تقدم لهم مزايا وظيفية. وبالنظر إلى الطبيعة المتغيرة للوظائف والمهارات، إذا تعرَّض الاقتصاد لصدمات أخرى كتلك التي تحدثها التطورات التكنولوجية.