23 سبتمبر 2025

تسجيل

الخليج.. وقطار التطبيع السريع

04 نوفمبر 2018

كلما سمعنا عن علاقة مشتركة بين الكيان الصهيوني وبعض دول الخليج استشعرنا الاشمئزار والألم.. وكلما تذّكرنا ما كنّا نردّدّه «تعيش فلسطين حرّة عربية» حطمنا الواقع العربي الصهيوني الحميّمي، واستشعرنا الاستخفاف الذي كانت تمارسه الأنظمة مع شعوبها، الآن تسابق بعض دول الخليج نحو التطبيع مع إسرائيل، ظاهرة جديدة على أرض الواقع الخليجي بمباركة قادتها، تعطينا صورة لتسللها العلني معها وبكل أريحّية سياسيا واقتصاديا تنسف ما كنا نحمله في أفكارنا من مدلولات في المسميات التي كنّا عهدناها من عدو مغتصب إلى دولة إسرائيل معترف بها لها كيانها وسيادتها وعاصمتها القدس العربية المحتلة وبمشروع أمريكي معتمد، وقد عرفت دول الخليج سابقا بعدائها للكيان الصهيوني وإنشائها مكاتب مقاطعة إسرائيل، واستنكارها لممارستها الاجرامية تجاه الشعب الفلسطيني، اليوم تتصافح الأيادي الخليجية مع الأيادي الصهيونية الملطخة بدماء الشهداء، على أرض الخليج التي احتضنت واحتوت القضية الفلسطينية منذ 1948 ليبدد الحلم العربي «القدس لنا، والأرض لنا»،،، مجرد شعارات وألفاظ وخزعبلات سياسية تخفي وراء ستارها مصالح مشتركة وخضوعا وتوددا لأمريكا حليفة العدو الإسرائيلي المغتصب التي تدعمها ماليا وعسكريا، كما تدعم خرقها الفاضح لحقوق الانسان والقوانين والمواثيق الدولية، في استباحتها للدماء، واستمرارها في المجازر البشرية وبناء المستوطنات، فهذه «نيكي هيلي» المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تصرح بأن الادارة الأمريكية الجديدة لن تسمح بالإساءة لإسرائيل، واتخاذ قرارات ضدها. …. يؤلمنا كثيرا هذا التودد للكيان الصهيوني المغتصب الذي عاث ومازال يعيث بدماء الشهداء الأبرياء، ويمتد في الاستيطان في غياب الاستنكار والغضب والمقاطعة العربية، ونحن نشعر بالغصّة الممزوجة بالغضب والاستغراب ونحن نرى هذا التودد الخليجي، وتلك الأريحية الخليجية، والزيارات المستمرة، لكننا لا نملك قرار المنع والاستنكار حتى بالاحتجاجات والاستنكارات التي كنا سابقا نجوب شوارعها . «وأعدو لهم ما استطعتم من قوة» ما الذي يحدث ؟!! أنسيتم مجزرة دير ياسين، ومجزرة حيفا ومجزرة الحرم الإبراهيمي، ومجزرة غزة يومي 14/‏‏ 15 مايو الماضي واستشهاد 65 فلسطينيا، وإصابة الآلاف برصاص الاحتلال في الاحتجاجات السلمية وغيرها الكثير من الممارسات الصهيونية التي يدركها القادة ولكن غلبت مصالحهم المادية وثبات عروشهم على المصلحة الانسانية واستباحة الدماء، فرخصوا بدماء الانسانية من بني دينهم وعروبتهم من أجل دنيا زائلة، حتى أصبح التطبيع مع العدو وبكل صوره والتودد له هدفهم وشعارهم الذي يزج به إعلامنا بلا حياء ولا استحياء، اللهم إلا من الشعوب المغتصة التي لا تملك الاحتجاج والاعتراض إلا من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، تحت شعار «لا للتطبيع مع إسرائيل» من عمان إلى الإمارات إلى قطر إلى السعودية والبحرين لنرى ما الذي يحدث في الواقع الخليجي والذي يقع في نفوسنا كما قال الشاعر أبوالبقاء الرندّي: لمثل هذا يموت القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان تطبيع إسرائيلي متلاحق بزغ ظهوره بشكل فاضح علنّي مع حصار قطر وازداد مع مقتل الكاتب جمال خاشقجي، فأنشأنا منفذا لاسرائيل للدخول من بوابته والتقرب من بعض دول الخليج لتغذية مصلحتها وتحقيق حلمها في وجود أرضية سياسية ضعيفة تتلاعب بالقضية الفلسطينية العربية، ووجود واستحداث قضايا إقليمية وصراعات عربية عربية، فانقلب الهرم رأسا على عقب، فالشقيق أصبح عدوا والعدو شقيق. …. ولكنه سقوط أخلاقي ومهزلة سياسية لا يمكن نسيانها في التاريخ الاسلامي والعربي الذي احتضن بين دفتيه قادة لهم بطولات وفتوحات دكت عروش الممالك والسلاطين، خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وصلاح الدين ومحمد الفاتح والكثير منهم، اليوم ماذا يسجل تاريخنا لتستقرؤه الأجيال القادمة، فالمقاومة والمواجهة أصبحتا ارهابا، وثم سلسلة من التطبيع الاسرائيلي العربي الخليجي ، مع ظهور مطبلين ومنافقين لهذا التطبيع الصهيوني الاستعماري الجاثم على أرض تاريخية عربية مقدسة دون التفكير بالدماء المسالة المستباحة التي ترتوي بها الأراضي الفلسطينية من المجازر الإسرائيلية في غياب الضمير العربي بكل مكوناته القيمية من غيرة وعدالة وكرامة ومروءة وأخوة، التي توارت جميعها وراء ستار النفعية الدنيوية ولم يبقَ إلا السلاح الشعبي المتداول «لا للتطبيع مع إسرائيل». [email protected]