12 سبتمبر 2025
تسجيلنحن أمام نوع جديد من الأعداء . .علينا الحذر منهم لأنهم كانوا في السابق أشقاء !! لا يمكن أن يكون هناك أمان في التعامل مع النظام الحالي في الرياض وأبوظبي يكاد يكون أكثر سؤال تلقيته في نفس الفترة طوال سنوات عمري كلما قابلت شخصاً هو: متى ستحل هذه الأزمة؟ هذا السؤال يختلف فيه دافع طارحه وفق الخلفية الثقافية له أو المصالح الشخصية المرتبطة بالسؤال، فمن يرتبط بعلاقات اجتماعية مع دول الحصار يبحث عن حل ليعود أهله وتعود صلة الرحم المقطوعة، ومن له مصالح تجارية أو استثمارات يريد فرصة للاطمئنان عليها أو على الأقل التخلص منها بأقل الخسائر، ناهيك عمن أرهقه الشوق إلى مكة وزيارة بيتها الحرام بعد منع جائر للقطريين من زيارته. لكن هذا السؤال لا يمكن أن يطرح دون أن يتبع بعدة أسئلة أخرى مثل ماهية الصلح الذي يمكن أن تتوجه له دولنا في نهاية المطاف والإطار القانوني والسياسي الذي سيصاغ به بما يضمن عدم تكراره ولا تعريض المنطقة وأهلها لمثله في المستقبل سواء على نفس الأطراف أو بقية أعضاء مجلس التعاون. ثم يأتي سؤال آخر هو كيفية الصلح وتأثيره على المنظومة بأكملها، بل كيف سيكون حالنا في قطر بعد الصلح، هل نضمن الصلح مع هؤلاء ؟ هل نضمن استخدام منتجاتهم أو حتى تلك التي تمر عبر أراضيهم ؟ هل نضمن عدم استخدام الصلح لبناء خطة جديدة لا تقبل الخطأ في خلق تهديد وجودي جديد لبلادنا ؟ هل يمكن أن نضمن الجالسين على كراسي الحكم الخلفية في الرياض وأبوظبي ؟ فإذا كانوا يفعلون ما يفعلونه وهم في منصب ولاية العهد، فكيف سيكون حالهم لو تولى كل منهم الحكم في بلاده بشكل مطلق؟ الحقيقة أن أي صلح مع هذه الدول في ظل وجود نفس الوجوه التي تتآمر على قطر بشكل مستمر منذ أكثر من ٢٥ عاما تقريباً لن يكون خيراً إذا استمروا في مواقعهم بعد الصلح، فإذا كنا يجب أن نحذر من عدونا البعيد مرة فإن عدونا الجديد القريب يجب أن نحذر منه ألف مرة. وهنا قد يستغرب البعض من استخدام لفظ "عدو" عند وصف من كانوا أشقاء الأمس، والحقيقة أن هذا أقل وصف يمكن أن يوصف به من كان يهدد وجود بلادنا، ولو نجحت خطته في بداية الأزمة في السيطرة على بلادنا لاستحل فيها كل شيء . . من دمائنا وأعراضنا وأموالنا، وكيف لا وهو يفعل ذلك حالياً بمواطنيه، وفعل ذلك مع كثير من المواطنين القطريين منذ بداية الأزمة في استهداف أهلهم وأموالهم حتى مشاعرهم الدينية، إن شقيقاً لا يتورع عن إيذائك بأي طريقة وليس لديه رادع يوقف سعيه المستمر لتدميرك لا يمكن التعامل معه بنفس الحذر الذي تتعامل مع بقية الأعداء، خاصة أن هذا العدو كان قبل الأزمة يشترك معك في كثير من الأنظمة المشتركة وخاصة الأمنية منها، وبعد الأزمة سيكون الباب مفتوحاً على مصراعيه لمواطنيه للدخول والخروج بحرية. وثمة سؤال آخر يجب أن نطرحه بأنانية، لو حدث الصلح فعلاً، كيف سيكون الدور القطري في مساندة هذه الدول في حال انهارت اقتصاديا أو شعبياً خاصة مع التهور السياسي والاقتصادي اللامحدود من قيادة كل دولة، وما تبعات ذلك علينا وتأثيره، وهل يجب أن نقف معهم رغم كل ما قاموا به ضدنا ؟ ثم ان مواقفنا من منظومة مجلس التعاون ودورنا فيه يجب ألا تنفصل عن الحل، فهل يجب مثلاً علينا أن نستمر في الاتفاقية الأمنية الخليجية ؟ خاصة أن هناك حالة خليجية واضحة رفضتها وهي الكويت، حيث رفضت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الكويتي الاتفاقية بعد أن اعتبرها ثلاثة من أصل خمسة أعضاء في اللجنة أنها تنتهك الدستور الكويتي، كما أن بعض بنود الاتفاقية والالتزام بها قد يدخلنا مستقبلاً في دوامة كبيرة طالما أن بعض الأنظمة الموجودة فيها قمعية وتمارس تطرفاً أمنياً مع مواطنيها. ثم ان هذه الدول تعيش حالياً مرحلة تغير كبرى، ليس على المستوى السياسي فقط من خلال فتح الباب على مصراعيه لبناء علاقة مشتركة مع الكيان الصهويني وبيع فلسطين بما فيها ومن عليها، بل حتى على المستوى العسكري ومغامراتهم العسكرية التي قد تخرج بنا من اليمن وتصطدم مع دولة أخرى، بل هناك حديث اليوم عن تغييرات دينية كبيرة في الإمارات والسعودية إما بما يتناسب مع ما يرسمه الصهاينة أو أهواء من في السلطة في أبوظبي عبر المحاربة المستمرة للدين الإسلامي وكل المنظمات المنتمية له حول العالم وتشويه هذا الدين وكل من يخدمه في كل أرجاء الأرض. الحقيقة التي يجب أن نعترف بها أننا إذا قررنا التصالح مع محيطنا من أجل اعتبارات كثيرة قد يفرضها الوضع الإقليمي أو المجتمع الدولي أو اعتذار المخطئين فإننا يجب ألا نفكر هذه المرة بعقلية أن الصلح خير، بل يجب أن نفكر بأن الصلح "غير"، وفعلاً يجب أن يكون الصلح مختلفاً تماماً عن أي تصالح سابق وعودة للعلاقات خاصة مع "الشقيقة الكبرى" المملكة العربية السعودية. لقد كانت الدولة السعودية وهي أساس كل الخيانات السابقة ضد قطر تسعى دائما للسيطرة على بلادنا، وفي السابق كنا نتعامل مع نظام سعودي أوتوقراطي يمكن التفاهم معه يجمع بين السلطوية والشمولية، لكنه اليوم نظام شمولي قهري على الداخل قبل الخارج، ولا يمكن التفاهم معه ولا التفاوض بمنطق العقل، فالنظام الشمولي لا يفهم إلا منطق القوة في العلاقات المشتركة. يجب أن نتعايش مع انتقالنا في منطقة الخليج من مرحلة التعاون في العلاقات المشتركة إلى مرحلة الصراع، وهو تيار لم نكن يوماً نتخيل وجوده لولا أن الأنظمة الموجودة في الرياض وأبوظبي فرضته على المجموعة الخليجية ككل. الصلح خير في كل الخلافات البشرية، متى ما أمن كل طرف بأن الصلح خير، لكنه يصبح شراً متى ما كان أحد أطرافه ينوي استخدام الصلح لمزيد من الشر . . وهذا هو مبعث الشك والقلق من دول الحصار وحقدها الدفين.