12 سبتمبر 2025
تسجيلهل يستفيد الاقتصاد من التأثيرات الكونية على كوكب الأرض حقًا؟ وما مدى نجاح الخطط الاستشرافية في رسم مستقبل للطاقة غير القابلة للنفاد؟ وهل ما نفذ من استثمارات وبرامج في الطاقة النظيفة كاف اليوم؟ تساؤلات تطرح نفسها من جديد كلما ثارت على الكوكب براكين وأعاصير وسيول وتقلبات مناخية حادة وحرارة شديدة، فالخطط المرسومة في السنوات العشر الأخيرة للاستفادة من الثروة الحرارية الهائلة للشمس، والطاقة البحرية الضخمة من سيول وأمواج وأعاصير، هل نجحت بالفعل في أن تحل محل الطاقة التقليدية.فقد تابعنا مؤخرًا تقلبات حرارية شديدة في منطقة الجزيرة العربية، وتصحر وجفاف وأعاصير وغبار ورطوبة عالية، وتابعنا أيضًا الأعاصير والعواصف التي دمرت سواحل أوروبا وأمريكا أبرزها هطول أمطار غزيرة في كنساس الأمريكية، والعاصفة الاستوائية التي ضربت شمال المحيط الأطلسي، والعاصفة ليستر التي ضربت سواحل المكسيك، إضافة ً إلى زلازل إيطاليا وسيول آسيا وهطول أمطار موسمية في الجزيرة العربية.لقد أعادت التقلبات المناخية للواجهة خطط الطاقة النظيفة التي تستند إلى الكون ومكوناته الزاخرة بالثروة التي لا تنفد، وكشفت غياب الشركات والمستثمرين عن الاستفادة منها، وعدم وجود خطط تواكب الطفرة المناخية.وبات من الضروري حث الخطى نحو استثمارات واعدة في الطاقة النظيفة تعتمد على مقدرات الطبيعة لتوفير الكهرباء والطاقة لتشغيل المصانع والمنازل. فقد حبا الله تعالى منطقة الشرق الأوسط بطاقة مناخية هائلة من الحرارة والرطوبة والاحترار الشمسي، وهذا يفتح الطريق أمامها لإقامة بنية تحتية قوية من الطاقة الطبيعية تقوم على الثروة الكامنة في الكوكب. ذكرت وكالات الطاقة الدولية أنّ منطقة الشرق الأوسط لديها إمكانات شمسية ضخمة، وهذا يؤهلها لاتخاذ خيار الطاقة المتجددة للسنوات القادمة، فهي طاقة غير قابلة للنفاد، ومتجددة ونظيفة وتحقق الاستدامة أيضًا.ويقدر معدل السطوع الشمسي في المنطقة العربية ما بين 4 – 8 كيلوواط في الساعة، وتصل عدد الأيام المشمسة بـ300 يوم في السنة، وهذا يفتح الباب أمام الإنتاج الشمسي.ويفيد تقرير وكالة الطاقة الدولية بأنّ الشرق الأوسط يمتلك قدرة كافية لإنتاج 100 ضعف احتياجات الطاقة في أوروبا.وأتساءل عن سبب إحجام المستثمرين عن استغلال طاقة واعدة في باطن الأرض، فقد قدرت الوكالة الدولية للطاقة الاستهلاك العالمي من الطاقة الكامنة بـ18% في عام 2014، وتوقعت ارتفاعه إلى 21% في 2030، وأشارت إلى أنّ عدد الدول التي أقرت الطاقة في رؤاها ارتفع من 55 دولة في 2005 إلى 100 دولة في 2014.ورغم أنّ الطاقة النظيفة باتت مستقبلًا غنيًا بالاستثمارات، فإن الأوضاع المقلقة التي يعيشها العالم تعتبر أهم سبب في إحجام المستثمرين عن الولوج فيها، وأنّ الاستقرار وثبات الوضع الاقتصادي ركنان أساسيان في إقامة نظام اقتصادي ومشاريع مستقبلية ناجحة.فالأحداث الساخنة والصراعات السياسية، وتراجع الأداء الاقتصادي في النظام العالمي، وتذبذب أسعار النفط والعملات والمعادن، كلها أسباب تثير مخاوف أصحاب رؤوس الأموال.أما استثمارات الطاقة فقد ذكرت الوكالة الدولية للطاقة أنها واعدة، فهي توفر أكثر من 4 تريليونات بحلول 2030، في حال شرعت الدول بإقامة بنية تحتية للإنتاج البيئي، ويقدر الاستثمار في الطاقة المتجددة بقرابة 286 مليار دولار في 2015، منها 161 مليار دولار في الاستفادة من المصادر الشمسية فقط.وتصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والصين وألمانيا مؤشرات النجاح في الطاقة النظيفة، تليها المملكة المتحدة والهند واليابان، وهذا مرجعه لزيادة الطلب على منتجات الطاقة الشمسية إذ يقدر الطلب على الطاقة في قطاع الإسكان بـ25%، وفي قطاع التجارة بـ13%، وفي قطاع النقل ب33%، وفي قطاع الصناعة بـ23% حسب التقديرات العالمية.وعلى مستوى الشرق الأوسط، فقد حققت المنطقة قفزات معقولة وأسست مدنًا صناعية كبرى لإنتاج الطاقة وتعمل بالطاقة أيضًا في تجارب ناجحة، أبرزها مدن الطاقة المتجددة في لوسيل بدولة قطر ودبي والرياض والمغرب والجزائر والأردن ومصر.وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يزداد الطلب على الطاقة بحوالي 5% و20% بحلول 2020.ورغم الجهود المبذولة في قطاع الطاقة غير قابلة للنفاذ فإنها جهود متواضعة أسوةً بالغرب الذي شرع بالفعل في تحويل اقتصاداته من التقليدية إلى التجدد في الطاقة الحرارية والشمسية والمائية.