14 سبتمبر 2025

تسجيل

المؤشرات الديمغرافية

04 سبتمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تبرز أهمية دراسة المؤشرات الديمغرافية في أي جهود للتخطيط الراهن أو المستقبلي للسكان بشكل عام والقوى العاملة فيه على وجه الخصوص. وتتمثل المشكلة الكمية للسكان في عموم الدول النامية في بعض الظواهر الديموغرافية والمعبر عنها بمصطلحات مختلفة، كالتضخم السكاني والانفجار السكاني والاكتظاظ السكاني أو الفائض السكاني.. إلخ، ولا تشذ عن ذلك سوى بعض البلدان النامية والتي أصبحت تعاني من ظواهر سكانية كمية معكوسة على إثر حاجات طارئة واستثنائية ومؤقتة لقوة عمل إضافية، ومن بين هذه البلدان، دول مجلس التعاون الخليجي لدرجة أن هذا الوضع قاد إلى الاعتقاد الواهم بوجود "فراغ سكاني" ولجأت الدول المعنية إلى ملء هذا الفراغ عن طريق العمالة الوافدة. هذه الظاهرة السكانية كانت مؤكدة قبل خمسة عقود من وقتنا الراهن، أي في بدايات الستينيات. وتجلت صورتها الواقعية الفعلية في مرحلة السبعينيات، خاصة بعد حرب أكتوبر 1973 وإحدى نتائجها الاقتصادية المهمة والمتمثلة بارتفاع أسعار النفط. هذه المرحلة من تاريخ المنطقة تميزت بخروج دول المجلس عن معايير ومقاييس الدول النامية على الصعيد السكاني، فأصبحت تمثل منطقة جذب العمالة، لذا اعتقد بعض الباحثين أن سبب ذلك هو وجود فراغ سكاني فيها، في حين أن الواقع كان يؤكد أن سبب هذا الامتلاء السكاني الوافد هو عدم الاستثمار والاستخدام الأمثل والتوظيف الكامل لقوة العمل المحلية وتأهيلها وتنميتها من أجل تحمل مهام التنمية الاقتصادية. في أواسط الثمانينيات تم التحول الديمغرافي الآخر نتيجة عوامل عديدة أهمها انخفاض أسعار النفط وبروز العجوزات لأول مرة في موازين دول المجلس، ما أدى إلى تغيير إستراتيجيات الإنفاق الحكومي. كذلك أدى التوسع الهائل في خدمات الصحة العلاجية والوقائية إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الوفيات في معظم دول المجلس وزيادة معدلات المواليد، وبالتالي بروز الاتساع بين المعدلين، ومن ثم ارتفاع المعدلات الطبيعية للسكان. وقد أدت هذه العوامل برمتها إلى بروز ظاهرة البطالة ولأول مرة في صفوف المواطنين ونظرا لوجود منافسة شديدة من قبل العمالة الأجنبية الوافدة، كما أدت إلى إدخال تغييرات جوهرية أخرى على المؤشرات الديمغرافية في دول المجلس.وفي التسعينيات والعقد الأول من هذا القرن ورغم التذبذب في معدلات النمو والإنفاق فإنه لم يصاحبه انخفاض في حجم العمالة الوافدة الموجودة داخل المنطقة أو القادمة، بل ظلت تتفاقم حتى وصلت أعدادها اليوم 20 مليون عامل وهو ما شجع حكومات دولها على المطالبة بحقوقها في حرية العمل والحركة وتشكيل مجتمعاتها المدنية الخاصة ومساواة حقوقها مع العمالة الوطنية في بلداننا، ولربما تطالب قريبا بإعطائها الحقوق السياسية أيضا. وفي الوقت الراهن، تعتبر معدلات النمو السكاني في دول مجلس التعاون من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم حيث تقدر بنحو 3.4%. وهناك ارتفاع في هذا المعدل في السنوات السابقة، وعند مقارنة هذه المعدلات بالدول النامية (2%) وبالدول الصناعية (1.2%) يتضح من جديد أن الارتفاع يفوق هاتين المجموعتين من الدول أيضا. ويعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة الطبيعية وصافي الهجرة الخارجية (العمالة الوافدة). وحتى بعد استبعاد تأثير الهجرة الوافدة فإن معدلات الزيادة الطبيعية ستبقى عالية بالنسبة للمواطنين للأسباب التي ذكرناها حول ارتفاع دخل الفرد وتحسين مستوى المعيشة وتعليم المرأة وانخفاض معدلات الوفيات ما أدى إلى ارتفاع معدلات الزيادة الطبيعية.كما تتميز مجتمعات دول مجلس التعاون بأنها مجتمعات فتية، حيث ترتفع نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة فوق الـ30% من مجموع السكان. كما تختلف أعداد القوى العاملة ومعدلات نموها السنوية اختلافا واضحا بين الوافدين والمواطنين بدول المجلس، فرغم أن نسبة السكان الوافدين لدول المجلس تزيد على 45% من إجمالي سكان المنطقة، فغن نسبتهم من إجمالي القوى العاملة تزيد على 75%.أما بالنسبة لمعدلات النمو السنوية للقوى العاملة فإنها أيضا تختلف اختلافا كبيرا بين الوافدين والمواطنين، فبينما بلغ هذا المعدل 8% للوافدين نجده لا يزيد على 4% للمواطنين خلال السنوات العشر الماضية. إن غالبية العمالة المواطنة في دول مجلس التعاون تعمل في القطاع الحكومي في حين تتمركز العمالة الآسيوية الوافدة في مؤسسات وشركات القطاع الخاص. إن دراسة جميع هذه المؤشرات سواء المتعلقة بالعمالة الوافدة أو خصائص تركيبة السكان المواطنين ونسب مشاركتهم في العمل سوف تساعد بالتأكيد على وضع وتنفيذ سياسات الاستخدام وتوزيع فرص العمل، كما تساعد على رسم السياسات الخاصة باستبدال العمالة الوافدة بالعمالة المواطنة عن طريق وضع البرامج الخاصة بالتأهيل والتدريب، وهذا ما يبدو أنه مطلوب بإلحاح هذه الأيام.