12 سبتمبر 2025

تسجيل

انقلب السحر على عون - نصر الله!

04 سبتمبر 2015

غيّر نصر الله وعون موقفهما من الحراك الشبابي الجاري في الساحة اللبنانية، فإذا كان موقف إعلامهما داعما ومؤيدا ومتحمسا ومحرضا، لهذا الحراك عند بدايته، فيما بدا أنه حالة نكاية في القوى السياسية والطائفية الأخرى، وتكتيك لاستخدام هذا الحراك كورقة ضغط مجانية على الحكومة التي كان يجري تعطيلها، فقد تغير الموقف من بعد، وبات تحالف عون نصر الله، في موقع المحذر من الحراك، لا الرافض له فقط. وقد بدا للمتابعين للوهلة الأولى أن تحالف نصر الله عون هو من يقف خلف الحراك، الذي بدا وكأنه امتداد لحركة التعطيل الممنهجة للحكومة التي هي آخر حصون الدولة في لبنان، كما شعر الجميع بالقلق إذ جرى دعم عون ونصر الله لهذا الحراك في وقت يشهد فيه لبنان حالة من الحركة الدافعة به إلى الجحيم أو إلى الحالة السورية أو إلى الحالة العراقية أو إلى الحالة الليبية.. وفي التعدد إشارة إلى إمكانية وقوع الحدث، وتأكيد على أن الواقع الإقليمي جاهز للدفع بأي دولة إلى هذا المنحدر. غير أن ما يلفت النظر أيضا، أن الانتقال من موقف الداعم للحراك الشبابي المستقل إلى الرافض والمحذر منه، لم يأت على خلفية تخفيف الاحتقان السابق صناعته من عون ونصر الله، بل جاء متزامنا ومرتبطا بالعودة إلى المربع السابق على انطلاق هذا الحراك، رغم تحذيرات بعض الأطراف السياسية من مخاطر ما كان يفعله عون بمساندة نصر الله، وبأن هناك من يدفع لبنان نحو المجهول، الذي هو معلوم للجميع، أي جحيم الحرب الأهلية، ورغم صدور تصريحات من رئيس مجلس النواب حول الحوار بين الفرقاء وصدور رد إيجابي من الحريري. وواقع الحال أن عون ومن خلفه نصر الله، كانا قد عادا قبل هذا الحراك المستقل، إلى لعبتهما القديمة التي سبق أن مارساها في عامي 2008 و2011، حين جرى إسقاط حكومتي السنيورة وميقاتي، وأنهما كانا بصدد تصعيد الصراع ضد الحكومة حتى الحصول على موقع الرئيس لعون، لكن جديدا حدث أربك المعادلات، إذ وسط التحضيرات لتفعيل خطة التعطيل، وخلال حالة الشحن والحركة المتدرجة المتصاعدة على الأرض من قبل مجموعات عون، ظهرت مجموعات من الشباب لا تنتمي إلى أي من الفريقين المتنافرين المتصارعين وتحركت ضد الحكومة وطرحت قضايا بيئية واجتماعية –على رأسها حملة التخلص من القمامة (طلعت ريحتكم)، وقضايا سياسية ومالية (بدنا نحاسب)، كما ظهرت شعارات تدعو للخلاص من الطبقة السياسية. وفورا ذهب الإعلام الموالي لنصر الله وعون إلى تكبير الحدث والدفع به للتطور سياسيا أو على صعيد حركة العنف بالشارع، إلى أن بدا لهذا التحالف، أن الحراك الشبابي قوي ومؤثر وأنه تكرار لبدايات 25 يناير في مصر وتونس وليبيا، وأنه لا أحد مستثنى من شعار "حلوا عنا" (لا نصر الله ولا عون) وأن هذا الحراك الشبابي سيدخل لبنان إلى موجة من موجات الربيع وأنه سيجري ضد كل التيارات والكتل الطائفية المتحكمة في المشهد اللبناني دون استثناء خاصة بعد رفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، كما ظهر لعون ونصر الله أن لعبة تعطيل البلد وشل حركتها ونظامها السياسي التي عملا عليها وجاءت نشاطات الحراك الشبابي دفعا لها، ستكون بوابة لإعادة ترتيب الحالة السياسية باتجاه آخر مختلف عن ذاك الذي يسعى لإنجازه عون ونصر الله، فانقلب عون وإعلام نصر الله وصاروا مدافعين عن الدولة اللبنانية ومنددين بمحاولات جر البلاد إلى العنف، ووصل الحال حد الاتهام بأن هناك من يدفع لبنان إلى مصير سوريا وبقية بلدان الربيع التي وصلت حدد الاقتتال الأهلي!. والحق أن عون ونصر الله لم يقلقا وحدهما، فعلى نفس الخلفية، جاء تحرك رئيس مجلس النواب اللبناني ورد فعل رئيس تيار المستقبل، إذ جاءت حركة كليهما للحوار، وكأنها بمثابة محاولة لاستيعاب ما يجري في حركة الشباب، أو كان الطبقة السياسية القديمة،عادت للتحالف المؤقت لمواجهة حركة الشباب المستقل عن الجميع. فهل ينجح بري والحريري في لجم حركة نصر الله عون أم سيقتصر دورهما وتوافقهما على تغيير الأجواء السياسية التي سمحت للشباب المستقل أن يتحرك ضد الجميع؟.