14 سبتمبر 2025

تسجيل

المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودورها في التنمية الاقتصادية العربية

04 سبتمبر 2013

بين الدور المتوقع أن تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في خلق الوظائف والنمو الاقتصادي في بلدان الأسواق الناشئة وبين التداعيات التي تعرفها سواء المتزامن معها منذ النشأة أو الطارئ بأسباب الأزمة المالية والركود الاقتصادي الذي شهده الاقتصاد العالمي وعلى الرغم من اختلاف الدول في مفهومها، فهنالك دول قد تأخذ بمعيار عدد العمال وأخرى بمعيار حجم رأس المال المستثمر في المشروع وثالثة بمعيار المستوى التقني أو غيرها. لذلك نجد التباين في تبني تعريف معين للمشروعات الصغيرة بين دولة وأخرى، ومن مرحلة إلى أخرى بما يتفق وإمكانات بلد ما وظروفه الاقتصادية، كما قد يختلف في داخل البلد نفسه وذلك حسب مراحل النمو الذي يمر بها اقتصاد تلك الدولة. ومهما يكن، فإنها تمتاز رغم تباين تعاريفها واختلاف أنواعها، بأهمية خاصة في اقتصادات الدول عموما، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن "المشاريع الصغيرة إضافة إلى المشاريع المتوسطة تمثل حوالي 90% من إجمالي الشركات في معظم اقتصادات العالم، وتوفر ما بين 40% - 80% من إجمالي فرص العمل وتوظف من (50% - 60%) من القوى العاملة في العالم. كما تساهم هذه المشروعات بحوالي 46% من الناتج المحلي العالمي. "وإذا كانت بلدان العالم على اختلاف نظمها الاقتصادية، وتباين مراحل تحولاتها الاجتماعية ترى وتدرك مدى أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دفع عجلة النمو الاقتصادي الوطني، عملت على زيادة فعالية وكفاءة هذه المشروعات خصوصاً فيما يتعلق منها بالمجال التمويلي، وتم ذلك من خلال المساهمة أو العمل على إيجاد برامج أو مؤسسات وشركات ضمان مخاطر القروض الممنوحة لهذه المشاريع، وكان بعضها بالتعاون ما بين القطاعين العام والخاص.فإن التأكيد على دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها النمط الأكثر فعالية في تحريك القوى العاملة شبه الماهرة وغير الماهرة باتجاه عملية التصنيع، وهو ما يأتي تزامنا مع الاهتمام الذي يعطى عادة إلى مسألتي: توفير فرص العمل للأفراد الذين يتسمون بمهارة عالية نسبيا وتوسيع نطاق التنمية الصناعية في الاقتصاد ليشمل كافة المجالات، وسيتبع ذلك الكثير من التساؤلات بشأن كل من وضع الحدود الدقيقة للصناعات الصغيرة والمتوسطة لتميزها عن الصناعات الكبيرة وعلاقة حجم المؤسسة بالكثافة النسبية للعنصر الإنتاجي من جانب وبكفاءة استخدام المدخلات من جانب آخر، وكل هذا يقدم صورة شاملة عن الصناعات الصغيرة في علاقاتها الهيكلية باعتبارات الموقعية وتنظيماتها المؤسسية.وإذا قدر لعالمنا العربي مسايرة التوجه العالمي المبني علي التقارب بين مؤسسات الإنتاج، فإن عليه أولا إعادة النظر في النموذج الاقتصادي وإجراء تعديلات هيكلية بتحرير الاقتصاد والتجارة الخارجية. بالقدر الذي يمكنها من التحرك بمرونة ووتيرة متسارعة تمكنها من التأقلم والتكيف مع هذا المحيط العالمي الجديد وبالمقابل فإن مؤسساتنا الاقتصادية أيضا مجبرة كذالك على إعادة النظر في حقيبة نشاطاتها بناءا على توجهات إستراتيجية تستند أساسا على نشاطها القاعدي. و سيكون لهذه الحركية نتائج تتمثل في زوال أجزاء أو قطع هامة من النشاطات الاقتصادية المتهالكة وبروز مؤسسات اقتصادية جديدة متخصصة في التكفل بالنشاطات المجاورة والملحقة والتي تخلت عنها المركبات الاقتصادية الكبرى.ضمن هذا المنظور الجديد في التسيير فإنه يتعين على المؤسسات الكبرى التركيز على وظيفتها الأساسية وبالتالي إخراج وتفريع ومناولة النشاطات الأخرى التي يستحسن التخلي عنها إلى شركاء أكثر تخصصا. لأجل تزويد الآلة الإنتاجية بقطع الغيار أو بالمنتجات النصف مصنعة. لذا فإن المؤسسات الاقتصادية العربية الكبرى تتوجه في أغلب الأحيان إلى الأسواق الخارجية (الاستيراد) على حساب منتوج المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين بحجة النقص في الاحترافية والصرامة والتحكم في النوعية أو نقص المعلومات.إن المتعاملين الاقتصاديين (مؤسسات كبرى، مناولين) محكوم عليهم وفقا للمنظور الجديد بتطوير طرق العمل والتسيير من أجل تثمين قدراتهم ومهاراتهم وكذا نوعية المنتوج المقترح. ويجب أن يرتكز ذلك على إستراتيجية تطوير المؤسسة على المدى الطويل عوض البحث عن الحلول على المدى القصير وكذلك تشجيع الشراكة بين المؤسسات عوض اللجوء إلى استيراد المواد الأولية.