12 سبتمبر 2025

تسجيل

القطاع المالي بدول التعاون يتماسك في ظل التوتر العالمي

04 سبتمبر 2013

يواجه النمو العالمي مخاوف الضربة المحتملة على سوريا، ومدى ما ستحدثه من تأثيرات على اقتصادات الغرب، خاصة حجم الإنفاق المالي على الجهود العسكرية التي ستقوم بتنفيذ مهماتها وحجم الموازنات المالية، التي سترصد للتخلص من تبعات الأثر السياسي والذي بلا شك سيؤثر على مسار النمو. ومما يفاقم من هذه التداعيات ما هو قائم أصلاً من تداعيات نجمت عن الأزمة المالية التي وقعت في 2008، ومن تحديات الربيع العربي، وتأرجح اقتصادات الشرق الأوسط بين الصعود والهبوط. وقد انعكس الأثر النفسي لاحتمالات حدوث ضربة عسكرية على أسواق المال وتطلعات المستثمرين، التي تأرجحت بين الاستمرار على استثماراتهم المالية في الأسواق الناشئة ومنها الشرق الأوسط، أو الهروب منها، أو انتظار ما ستنجم عنه التجاذبات السياسية بين التأييد والمعارضة. ومن رؤية اقتصادية.. فإنّ الاقتصاد العالمي لم يستفق بعد من الأزمة المالية في 2008، إلا أنه يمرّ اليوم بأزمات خانقة، هي الأشد تأثيراً أبرزها تذبذب الأسواق المالية في الدول العربية، بسبب الاضطرابات السياسية لدول الربيع العربي، وهوة الإفلاسات التي سقطت فيها دول اليورو والاضطرابات الشعبية في أوروبا المطالبة بإصلاحات معيشية واجتماعية. في خضم المتغيرات الجمة في واقعنا الراهن فإنّ رؤوس الأموال تبحث عن ملاذات آمنة لاستثماراتها منها أسواق الأسهم أو العقارات أو العملات والذهب والمعادن أو الاستثمارات الخارجية. وإذا سلطنا الضوء على النمو في الشرق الأوسط فإنّ الأسواق العربية، تعد الأفضل حالاً بسبب محفزات الحكومات، لتفادي الوقوع في فخ التداعيات رغم الموازنات الضخمة التي يحتاجها لإعادة إعمار ما دمرته الاضطرابات. أما في دول مجلس التعاون الخليجي فإنّ القطاع المالي هو الذي يقود الحراك الاقتصادي، وهذا ما أكده تقرير "كيو إن بي" الذي نشر مؤخراً وأشاد بالبنوك الخليجية التي تمكنت من التغلب على الأزمة المالية مدعومة بمحفزات حكومات التعاون، والفوائض السنوية للموازنات المالية، وقدرة تلك البنوك على الدخول في مشروعات البنية التحتية، وتحريك الأنشطة الاقتصادية من خلال الاستثمارات المحلية والخارجية. كما زادت موجودات البنوك الخليجية بعدما نجحت في كسب ثقة المستثمرين، وتمكنت من تغذية الكثير من مشروعات الإعمار والإنشاءات والخدمات، التي وصفها التقرير بأنها ستظل محصنة جيداً من الاضطرابات التي تسود الأسواق الناشئة، وبفضل ما لديها من عوامل قوية بالمنطقة، ونمو العائدات الضخمة من صادرات النفط والغاز والدعم السخي الذي تقدمه الدولة للبنوك والإنفاق على البنى التحتية. واستشهد هنا بدور قطر التي اشترت محافظ استثمارات البنوك المحلية للأسهم المحلية المدرجة في سوق الدوحة للأوراق المالية بقيمة "1،8" مليار دولار في 2009، واشترت "4،12" مليار دولار من الاستثمارات العقارية للبنوك، وإنشاء احتياطي لمخاطر الاستثمار. ويشير التقرير إلى أنّ نمو الأصول لدى بنوك التعاون سيتواصل، رغم واقع متأزم بالأسواق الناشئة بسبب ارتفاع أسعار النفط، وتزايد النشاط الاقتصادي غير النفطي الذي أنقذ البنوك من شبح الإفلاس، كما أنّ دول التعاون لا تعتمد على رؤوس الأموال الأجنبية في تمويل أنشطتها الاقتصادية، إلا بقدر محدود وتراكم الفوائض والعوائد النفطية أدى إلى تكوين أرضية مالية صلبة تقي الدول من التأثيرات السياسية وتؤدي إلى تحسين بيئة العمل، وفتح آفاق جديدة للقطاع المصرفي. وبين صندوق النقد الدولي أنّ قوة الطلب المحلي على النفط، وكفاية الاحتياطيات الأجنبية، واستقرار البيئة السياسية سيعمل على التقليل من مخاطر أزمة مالية إن حدثت والتي ستكون آثارها محدودة. وفي الوقت الذي يتوقع فيه تقرير "كيو إن بي" أن تقود البنوك الخليجية النمو العالمي، فإنّ تقرير "فيتش" للتصنيف الائتماني يتوقع تباطؤ النمو في دول التعاون بسبب تأثر الأسواق بأسعار النفط العالمية، ورغم ذلك فإنّ حكومات التعاون تواصل الاعتماد على العوائد النفطية المرتفعة، وارتفاع الاقتصاد غير النفطي، وتدفق الكثير من الشركات والمستثمرين على المنطقة. وتوقع "فيتش" أنّ تظل المنطقة بمنأى عن التأثيرات السلبية للقطاع المالي العالمي الذي يعاني من ضبابية الحلول، وأنّ المخاطر المحدقة بالنظام المالي الخليجي خارجية، وأنّ التدهور المالي الأمريكي إن حدث سيكون خطره على المدى القصير. ويستفيد القطاع المالي في دول التعاون من بيئة الاستقرار السياسي والاقتصادي، فقد توقع صندوق النقد الدولي أن يتوسع الاقتصاد القطري مثلاً بمعدل "5،2%" ما بين أعوام 2012 ـ2017 مقابل متوسط قدره "3،5%" لدول التعاون، واستمرار هذا النمو في قطر ودول التعاون بدءاً من العام وحتى 2022 بسبب توالي المشروعات التي تبرمها الحكومة، مما يجعلها قادرة على الاستفادة من الاستثمارات المحلية والخارجية ويعزز الثقة في نفوس المستثمرين ويحميها من مخاطر هروب الأموال.