15 سبتمبر 2025

تسجيل

في الحظر التكنولوجي العين بالعين

04 أغسطس 2024

حسنا فعلت تركيا يوم 2 أغسطس الجاري بقرارها القوي بحجب منصة إنستغرام ردا على تعمد شركة ميتا حذف نعي رئيس حماس السياسي، كما أعلنت ماليزيا أنها ستقوم بالتحقيق في ممارسات الحظر واتخاذ إجراءات صارمة إذا استمر الحظر. كما سلاح النفط في الحظر التكنولوجي يجب أن تكون العين بالعين والسن بالسنّ، فنفط البيانات لا يقل خطورة عن الخام فمن يتحكّم بالتكنولوجيا وأدواتها وخوارزمياتها يحكم العالم. ذلك القرار (بعموم اللفظ لا خصوص السبب) يذكّر بحظر النفط العربي كسلاح سياسي وردع لأمريكا والدول الغربية وقتها لمواجهة المد الإسرائيلي ترأسه الملك فيصل في السعودية وتبنته قطر والعراق والجزائر والكويت والإمارات في حرب أكتوبر 1973 مما كبَّد اقتصاد الغرب خسائر فادحة، حيث تحوّل سعر البرميل من 2.32 إلى 11 دولارا. وأعطى الدول العربية السيادة في الإنتاج والتصدير. ورغم الاختلاف في نوع الحظر أو المقاطعة بين النفط الخام حينها ونفط البيانات حاليا، وبين موقفنا من النفط من المصدر للبترول إلى الموقف الأضعف كمستهلك للبيانات إلا أن مقولة «لا يفلّ الحديد إلا الحديد» مهمّة جدا خصوصا وأن بياناتنا التي يستقونها عبر المنصّات ويتربحون منها لأطراف ثالثة أو تجارية تمثل ثروة كانت فيما قبل تشترى بالمال ولكن مع وجود هذه المنصات أصبحت تهدى لهم دون مقابل! فضلا عن اتخاذ المنصات شعوبنا فرائس سهلة للتلاعب بهم عبر الخوارزميات وإستراتيجيات التغييب والتطبيع الرقمي. وقد تمادت ميتا وغيرها بعد استمرار حظرها المنشورات التي تتناول الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين لتقليل وصولها للجمهور العام عالميا دون علم المستخدمين بدعوى مكافحة خطاب الكراهية ومعاداة السامية والمحتوى العنيف بوصفه حساساً، وما ذلك إلا اعتداء على الحقائق وإمعانا في التضليل العالمي والدعاية الصهيونية، حيث لا ينشر الصحفيون والناشطون سوى صور حقيقية حيّة وشاهدة على الاعتداءات الإسرائيلية التي تحجبها القنوات الغربية الفضائية عن العالم ومن ثمّ اتباع ذات الإستراتيجية الدعائية في منصات التواصل الاجتماعي المحتكرة في السيليكون فالي، لأنهم يعلمون أنها الوسيلة الأسرع والأقوى أثرا في نشر الحقيقة وبثّ الوعي الجمعي فيقومون بالتضليل والتلاعب في الخوارزميات تزامنيا مع الحظر لخلق بروباغندا دعائية مغايرة لبث الأكاذيب برواية وسردية واحدة تُصبغ فيها إسرائيل بدور المظلومية (لا أريكم إلا ما أرى) ومن ثم اتباع «الحظر الظلّي» (Shadow Banning) على من ينقل الحقيقة. وحذف أو تعليق حساباتهم وإزالة المحتوى وتقليل التفاعل معه لتغييب الشعوب عن عدالة القضية الفلسطينية وعن انتهاكات حقوق الإنسان في ظل الإبادة الجماعية اليومية. ولم يكن الجيل الجديد ليفضح أكاذيبهم لو لم ينتزع منهم «التيك توك» الصيني هذه التنافسيّة والضديّة في بثّ الحقائق وتعرية بهتان جرائم المحتل بدعم أمريكا والغرب. وأخيرا.. موقف تركيا وماليزيا من ميتا... يجب أن يكون مثالا يحتذى وخطة عمل عاجلة لتعاون إسلامي، فلسنا بساذجين لنصدّق أن شركات ميتا أو (x) ستحاسب من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على انتهاكاتها للشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص في حريّة الرأي والتعبير خصوصا وأن المنظمات تحت نعلهم وهم فيها الآمر الناهي والخصم والحكم. حظر تركيا ميتا... حرّي بأن يشكل بذرة لاتفاقيات تكنولوجية إسلامية في الصناعات الرقمية الذكية خصوصا وأنها لا تعدم البنية البشرية والتحتية في الحوسبة في السلم والحرب والدفاعات العسكرية السيبرانية خصوصا في ظل السيطرة الأمريكية والصهيونية على التكنولوجيا وصناعاتها وبالتالي السيطرة على مفاصل السياسة الدولية، والتحكم العالمي ليس في الدول فحسب، بل في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن. حظر تركيا للإنستغرام... حريّ بأن يدفعنا للحيازة الرقمية الإسلامية في منصات من صنعنا تستوعب اللغات والأنماط الحركية والتصويرية خصوصا ونحن نرى النديّة والهيبة العسكرية نعم العسكرية الناعمة للتفوق الرقمي الصيني في الحيازة التكنولوجية وتنافسية صناعة التعدين والشرائح الذكية والمنصات كتيك توك، فضلا عن التفوق الرقمي الروسي في تيلغرام وغيره وبروز الهند بمنصات عدّة وبروز (بنغلور) كسيليكون فالي شرقي منافس في الهند؟ والسؤال: لماذا تقف الصناعات الذكية عندنا رغم وجود الثروة والبنى التحتية والبشرية والعقول؟ لعل طوفان الأقصى هو الكاشفة... ولعّله الخافضة الرافعة...