27 أكتوبر 2025
تسجيلاطلعت على قصيدة خارقة من مواقع التواصل الاجتماعي منذ فترة وأعجبني بل وأذهلني ما احتوته من وصف لحالة الشرذمة التي يعيشها العرب والمسلمون في هذه الحقبة، وسرت في نفسي ريبة منها وشككت في مصدر نقلها وعجبت من سرعة تداولها بين الناس وصدقها الكثيرون، إلى أن تابعت نقدا لها من أدباء ومهتمين بالشعر العربي شككوا أيضا بمصداقيتها وغرابة ما تصف به ما يجري على واقع الحياة السياسية والاجتماعية في العالم العربي . أهم من تصدى لها الكاتب محمد غالب العمري الذي قال: انتشرت قصيدة منسوبة إلى ابن يوسف الموصلي المسعودي تحكي حالا يكون في مستقبل الأيام، نشرها جمع من الناس على أنها قصيدة تنبأ صاحبها فيها بما يكون في الشام والعراق، وبعد النظر والتأمل تبين أنها قصيدة مكذوبة في النسبة والتأريخ. وأهم ما قيل إن خويلد بن سعود الهذلي أو ابن يوسف الموصلي المسعودي اسم لا وجود له في الواقع، وغير صحيح ما ورد من أن شاعرها كتبها بعد أن طلب منه تلامذته نصيحة، فأجابهم بهذه القصيدة التي تنبأ فيها بما سيحدث في العراق والشام وهو ما حاول البعض إسقاطه على ما يجري اليوم وبالتحديد ما تحدث به عن خروج عائش الذي يقتل منهم الكثير . وفي القصيدة مواقع من أبيات يخبر فيها الشاعر عن أمور غيبية لا يجوز تصديقه ونشره، لذا فهي لم ترق إلى عقول الناس فكذبوا الشاعر وقصيدته خاصة ما ذكر فيها من أمور واقعة كما هو حاصل في الشام والعراق، وهذا زيادة في التعمية والكذب حتى يصدق الناس أن هذه القصيدة أبانت شيئا من واقع الناس منذ ما يقرب من سبعة قرون . هذه مقتطفات من أبيات القصيدة بها من التدليس وعدم المصداقية ما يكفي وتدل على براعة من نشرها زورا وبهتانا كأنها كتبت فعلا منذ أكثر من 700 عام : تعيشونَ دهراً ترون الرِّيَبْ ولا يدفعُ المرءُ هَولَ الخُطَبْ ويستَعمِرُ الشآمَ سفَّاحُها ويجني رؤوسَ الورى كالعنبْ ويبقى بها خمسةٌ كاملة سنينا طوالا يجُزُّ العربْ وآهٍ على موصلٍ والعراق يجيءُ ظلامٌ شديدُ الرَّهَبْ ويخرجُ "عائشُ" من بينه يقتل فيهمو وهْوَ فيها انقلبْ وكسرى من الشرق يأتي لكم وقد كاد كيدا شديد الغضب هو الرأسُ والسمُّ في ِشدقِهِ ويتبعهُ الموتُ مثلُ الذَّنَبْ ويزداد فيكم سواد السنين تهيمون وسط الغنا والطربْ فلله نبرأُ من وقتكم ولله نبرأُ منكم عربْ واضح لكل لبيب بطلان صحة القصيدة وأن ما يكون في مستقبل الأيام لا يؤخذ من الشعراء والأدباء والمفكرين بل هو مما استأثر الله بعمله، لأن أول أوصاف المؤمنين ما جاء في قوله تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وإذا كان الأنبياء والرسل هم من اصطفاهم الله تعالى من بين العباد فإنهم لا يدعون علم الغيب ولا يعلمون إلا ما أطلعهم الله تعالى عليه. قال النقاد في هذه القصيدة المنتشرة بين الناس جورا إن فيها ركاكة باﻷسلوب وبها أخطاء نحوية يمجها كل متذوق للشعر كما يلوح من وضع القصيدة وعباراتها مقاصد سيئة من ذلك، إضعاف النفوس عن قتال أحفاد الخوارج داعش وأتباعها، وذلك بالتسليم بأن ذلك واقع لا محالة. لا بد من أخذ الحذر من التقليد وتلقف ما ينقل بالتسليم لا سيما فيما يظهر فساده ومصدره غير موثوق، وفقكم الله لما فيه رضاه. وسلامتكم [email protected]