20 سبتمبر 2025

تسجيل

سلوك الحرب يعكس قيم المجتمع.. فرنسا وأوكرانيا انموذجاً

04 يوليو 2023

عادة ما تكشف الحروب عن أسوأ ما في داخل أحشاء المجتمعات من قيم وأخلاق وممارسات، ولعل أكثر ما تجلى ذلك بشكل كبير وواضح في السنوات الأخيرة، بالحرب الروسية في أوكرانيا وكذلك من قبل في سوريا، حيث رأينا سياسة الأرض المحروقة التي اتبعتها القوات الروسية منذ دخولها عام ٢٠١٥، وشاهدنا مشاهد الإبادة والتدمير لمدن حلب وحمص وكييف وباخموت وغيرها. اليوم أيضاً نتابع تداعيات الحدث الفرنسي من مواجهات بين قوات الأمن الفرنسية والمحتجين، الذين يتملكهم الغضب والحنق على الدولة الفرنسية نتيجة العنصرية التي تمارس بحق المتجنسين، وتحديداً الأفارقة، وهو ما فجّر الأحداث الأخيرة، التي تنذر في حقيقتها بمآلات لا تُحمد عقباها. فمشاهد سرقة المحال التجارية ونهبها التي شهدتها باريس وغيرها من المدن، هشمت كل الصورة الوردية الجميلة التي كان يحملها الكثيرون عن هذه المدن، الذين لم يظنوا للحظة أن ساكني باريس قد يفعلونها، لكن ربما فعلها البعض ظناً منهم بأنها مجرد إعادة توزيع للثروات التي نهبت منهم على يد طبقة نخبوية أقلوية، وهو مشهد قد يتكرر في مدن وبلدات غربية أخرى لو حصل فيها ما حصل اليوم لباريس. حين تسربت قصة محمد الذي أخفى شقيقه هويته في حديثه للسي إن إن لأسباب مفهومة، شكلت القصة صدمة للعالم، إذ تبين أن محمد الذي عاد من العمل في لبنان عام ٢٠١٧ لسوريا اعتقلته قوات فاغنر في الصحراء السورية وهو عامل بسيط لا علاقة له بالحرب أو الفصائل المقاتلة، ثم قتلته بالمطرقة وبشكل وحشي، وقد تعرفت لاحقًا صحيفة نوفايا غازيتا الروسية على أحد المعتدين على محمد، وكشفت تفاصيل الحادث في تحقيق مفصل لها، وأكدت أنه من قوات فاغنر، لكن سريعاً ما طُويت القضية روسياً وعالمياً ولم يحقق فيها، ولم يعاقب القتلة،حالها حال الآلاف من القصص السورية المشابهة التي اعتاد عليها السوريون. حين تقارن بين حروب المسلمين وحروب غيرهم، وتقرأ وصايا النبي عليه السلام للجيوش التي كان يبعثها بعدم التعرض للشيوخ والنساء ولا للحجر أو المدنيين، بينما يدعو غيرهم لقتل كل من يتنفس، فضلاً عن ممارساته الحربية التي تشيب لها الولدان، وتابعنا تلك الممارسات في مسالخ قيصر السورية، أو في تعرض العراقيين لممارسات دنيئة في سجون أبي غريب وغيرها من مسالخ العراق، حيث سمعنا لأول مرة عن ثقافة استخدام المثقاب الكهربائي (الدريل) في تعذيب المعتقلين. كل هذا يذكرني بقول الشاعر الذي اختصر حكمنا وحكمهم، وثقافتنا في الحروب وثقافتهم حين قال: حكمنا فكان العدل منا شيمة فلما حكمتم سال بالدم أبطح.