11 سبتمبر 2025

تسجيل

ما الذي حدث بعد كل هذا؟

04 يوليو 2017

في ما مضى من السنوات الست الماضية كانت الدول العربية تعيش على وقع الهزات السياسية الثقيلة في العالم العربي والذي بدأ في مصر أبان حكم الرئيس حسني مبارك، حيث كانت الحركات السياسية والمعارضة تشكل محركا قويا للمطالبة بالتغيير وإزاحة مبارك عن الحكم ووقف تمدده في الدورات الرئاسية التي لا تنتهي، وفي خضم ذلك انفجر البركان، فقامت الثورة الدراماتيكية السريعة في تونس، وأقنع الجيش فيما يبدو الرئيس زين العابدين بن علي، بمغادرة البلاد، وبقية القصة معروفة، ثم ضرب الزلزال ليبيا وقتل معمر القذافي، وما هي سوى أيام حتى اندلعت المظاهرات العارمة في مصر، وأزيح الرئيس مبارك، كل ذلك كان في إفريقيا العربية.ماذا حدث في آسيا العربية؟ لقد كانت غالبية الدول تعيش حالة من التوتر، والأنظمة السياسية كانت مرهقة ويملؤها الخشية من امتداد الربيع الجارف، ولكن الصدع ضرب اليمن المتوتر أصلا، وبدأ الصراع، قبل أن ينفجر البرميل الحديدي في سوريا، وقامت الثورة ضد النظام، قبل أن تخرج التنظيمات والمجموعات المسلحة الفوضوية والمنظمة لتشارك في الثورة ضد نظام البعث وبشار الأسد، ولكن خلال السنوات الماضية تغير كل شيء في سوريا والعالم العربي، خرج تنظيم داعش فجأة ليكون القوة الخفية التي سيطرت على مساحة دولة وبقوة عسكرية حصلت على معدات مخصصة للجيوش سلمها الجيش العراقي لها، واستخدم التنظيم ذريعة لتطهير وقتل أهل السنة في غرب وشمال العراق وشرق وشمال سوريا.كانت دول الخليج آمنة مطمئنة، عدا بعض التفجيرات الإرهابية والعمليات العارضة التي حدثت في السعودية والكويت والبحرين، كما أن الأردن استطاع الخروج من مرحلة الربيع العربي بشق الأنفس نتيجة إدراك الشارع السياسي لخطورة الانجرار وراء الفوضى التي حدثت في الدول العربية المصابة، ولكن العامل الأكثر تأثيرا هو ما جرى في سوريا، من تشريد وتقتيل وتدمير ممنهج، من قبل النظام وجيشه والجيش والميليشيات الإيرانية وحزب الله، وتدفق ملايين اللاجئين السوريين، والصورة القاتمة والبشعة أحيانا لمستقبل الحياة التي تنتظر شعوب بلاد الشام، لمجرد أنهم حاولوا تغيير واقعهم السياسي الرتيب. في تلك الفترة كان الدعم العربي للثوار السوريين والجماعات وعلى رأسها الجيش الحرّ والمجلس الانتقالي، هو الأمل الوحيد الذي كان يدعم استمرار المقاومة الشعبية ضد التمدد الطائفي الذي تقوده إيران وحزب الله متجاوزة أوامر أو حتى استشارة الرئاسة السورية، ولكن للأسف كانت المعركة بالنسبة للعرب أشبه بتمارين رياضية لمباراة محلية تشبه مباريات كرة القدم من الدرجة الخامسة، أو لنقل إنها مضيعة للوقت دون طائل، والجميع ينتظر من الولايات المتحدة أن تغزو سوريا كما غزت العراق، وهذا لم يحدث، بل إن إيران هي من استولت على القرار السوري أرضا ورئاسة، ثم جاء الحليف الروسي القوي، وها نحن نرى كيف تغيرت الخارطة الديمغرافية لأهل السنة في العراق بعد قتلهم وتشريدهم.اليوم وبعد اندلاع الأزمة السياسية في الخليج وقرار السعودية وشركائها ضرب حصار على دولة قطر لم يفهم حتى اليوم أسبابه الحقيقية وأهدافه المستقبلية، بات الوضع في آسيا العربية أكثر سوءا مما كان عليه زمن الربيع العربي، لقد وصلت طلائع القوات الإيرانية إلى قريب من مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية القريبة من الحدود السعودية، وباتت إيران تسيطر عن طريق وكلائها على جميع الأراضي العراقية بما فيها الموصل، وتتحرك بمشاركة قوات الأسد في شرق سوريا، وتهدد الأردن والسعودية أيضا، ومع هذا لم نفهم لماذا فعل العرب كل هذا؟ وماذا يريدون؟