14 سبتمبر 2025

تسجيل

ترويض الجميع!

04 يوليو 2014

تجري الأمور هكذا.. في البداية تظهر إحدى المنظمات فجأة، عبر بيان تعلن فيه ارتكاب أول أعمالها التي تختار بدقة، في جانب تأثيرها على عموم الناس – تثير إعجابهم- ليلحقوا على الفور عملية ترويج عبر التخويف منها والتهويل من قوتها، وفي ذلك لا يدرك المتابعون أنهم وقعوا في فخ صناعة الإرهاب وأن ما يجري أمامهم ويخلع قلوبهم ويجعلهم منقسمين بين معارض ومؤيد، ليس إلا تنفيذ لخطط إستراتيجية يجري إنفاذها عبر تقنيات إعلامية ودبلوماسية ومالية واستخباراتية حديثة ومعقدة. وبعد وقت ومع تكرار وتوسع الأعمال –إعلاميا- يصبح هذا التنظيم غولا ضخما مخيفا للجميع وبذلك يجبر الجميع على تبديل وتغيير أولوياتهم. تجري الأمور بسرعة وإتقان وبتناغم دولي وإقليمي، سواء كان الأمر بالاتفاق أو التوافق أو بقراءة الخطط –عن بعد- والبحث عن المصالح في داخلها. والأخطر أن الأمور تتطور، إذ وقعت عملية ترويض للكثير من الحكومات التي تصبح بكل إمكاناتها في موقع المنفذ لتعليمات القيادة الأمريكية المباشرة – بحثا عن مصالحها أو بقائها أو عن دور لها - تحت عنوان الحرب على الإرهاب! وهكذا يجري فرض أشكال وألوان من التنظيمات التي تشوه صورة الأحزاب والتيارات التي تقاوم سياسيا وتلك التي تواجه قوات وسلطات الاحتلال وفق خطط وقواعد ومبادئ محددة، بما يضطر هذه وتلك لتتوارى أو التراجع أينما حل الإرهاب عمليا، وأن تتخوف إعلاميا من لصق تهمة الإرهاب بها، وللأسف يقع البعض منها في مطب وشرك ينصب لها دون أن تدرك أبعاده. تلك هي الحكاية التي تعيشها المنطقة منذ وقوع أحداث 11 سبتمبر وحتى الآن. فمع الهجوم الكاسح على أفغانستان والعراق، جرى تخيير بعض حركات المقاومة السياسية والعسكرية - بين الانخراط في الألاعيب أو العمليات السياسية للاحتلال أو في تلك التي صممها الغرب في الدول غير المحتلة، وطلب أن تتوقف تلك التي تحمل السلاح وأن تحل أجهزتها العسكرية، وأن تنتهج لغة متعاونة مع الغرب، وأن يغير الرافضون والمقاومون السياسيون لغتهم بل وأفكارهم وأن ينبذوا أفكار الهوية الإسلامية أو القومية أو الوطنية. وفي المقابل عرض على هؤلاء أن ينعموا بمغانم المشاركة في السلطة. وكان سيف الاتهام جاهزا وبتارا إن لم يستجيبوا يصبحوا إرهابيين فيطاردوا ويهمشوا ويقتل من يقتل ويقصى من يقصى. وللكثيرين أن يلاحظوا المبادرة الأمريكية التي طرحت للتفاوض في العراق وأفغانستان، واللعبة التي جرت مع حماس بعد فوزها في الانتخابات، وأن يراجعوا الكثير من الممارسات التي جرت بعد ثورات الربيع. كان العنوان والمفاصلة والرسالة واضحة.إما أن تقبلوا بالدخول في دورة الحكم الغربي -والإيراني المروض بعد أن أعيدت برمجته- وتنتهوا من أفكاركم، ونحن نرحب بكم ونفضلكم على غيركم فأنتم أصحاب مشروعية جماهيرية يحتاجها بناء نظم جديدة في الإقليم تحكموا فيها انتم تحت قيادتنا وتوجيهاتنا تحت ظلال الفكر العولمي، وإما سنصنفكم ضمن الإرهابيين، ونضعكم على لائحة الإرهاب وساعتها ستكون حكومات الإقليم بكل طاقاتها وقدراتها مطلقة اليد في التعامل معكم، والعالم كله سيحتشد ضدكم، فإن لم تموتوا تحت القصف تموتوا جراء العزلة والحصار.وهكذا تجري صناعة الإرهاب ورفع تصعيد درجة وحالة العمليات-تنظيمات وأفراد وسمعة وأفلام وقصص وحكايات مرعبة- وجعلها قضية السياسة والإعلام والدبلوماسية والدين والدنيا والطائفية. فكلما قويت تجربة مقاومة أو تجربة انتخابية، تقدم فيها أصحاب الهوية والرؤية المستقلة ومن يعملون لبناء استقلال حضاري واقتصادي ووطن قادر على إطعام نفسه والاكتفاء في الدواء والغذاء والسلاح، جرى اتهامها بالإرهاب ومطاردة قادتها حد القتل، تحت اتهامات تبدأ بدعم الإرهاب أو تبني أفكار الإرهاب، واعتبار كل فعل هو عمل إرهابي حتى لو كان مجرد فتح الفم عند أحد غير طبيب الأسنان –كما يقول د.فيصل القاسم دوما.تلك هي حكاية وقصة المنطقة ولفترة طويلة قادمة. وللأسف وقع البعض من قادة الحركات والأحزاب والتيارات في المطب. البعض خدع باللغة الناعمة التي سمعها خلال التفاوض، بشأن السماح له بالوصول للسلطة، والبعض تصور أن ما يجرى من معارك انتخابية أو سياسية، حالات منفصلة أو منعزلة لا تدار من خلال حالة إقليمية ودولية مشتركة ومتفق على أبعادها الاستراتيجية. والبعض تصور أن بالإمكان الملاينة في المواقف إعلاميا وسياسيا حتى يجري التمكن لتكون المواجهة بعد ذلك!