10 سبتمبر 2025

تسجيل

البروباغندا العدائية

04 يونيو 2024

خلال الحروب، تستخدم الدعاية والإعلام بشكل واسع للتأثير على الرأي العام وتشكيل الاتجاهات السياسية والعسكرية. قد تتضمن هذه الجهود نشر معلومات كاذبة أو تضليلية بهدف تحقيق أهداف معينة. ومنذ السابع من أكتوبر والصهاينة يواصلون كذبهم عن الكثير من الأشياء المحيطة بهذا اليوم، وليس آخرها كذبة قطع حماس لرؤوس الأطفال، والتي وللأسف ساعد حديث جو بايدن عنها (وهو الذي لا يؤخذ منه شيء أصلاً) ثم تراجع الإدارة الأمريكية عن هذا التصريح في انتشاره على المستوى العالمي. ورغم أن صحيفة هآرتس العبرية عبر المتحدث الرسمي باسم مستوطنة (كيبوتس ) بئيري فندت ما روجت عن مزاعم قطع رؤوس أطفال إسرائيليين وحرق جثثهم (بعد أكثر من تحقيق دولي فضح كذب تل أبيب) مؤكدةً أن تلك الرواية غير صحيحة ولا أساس لها في الواقع. إلا أن الكثيرين من المسؤولين الدوليين المؤيدين أو المدفوعين من الصهاينة ما زالوا يرددون هذه الكذبة، ومنهم وزيرة الداخلية البريطانية السابقة التي تواجهت مع طالبة حول هذه القضية في برنامج تلفزيوني، ولقنتها الطالبة درساً في الإعلام والدبلوماسية وقبل ذلك في الأخلاق. هذه الكذبة لها أمثلة شهيرة سابقة، وعندما أقول أمثلة سابقة فإنني دائما ما أؤكد في مقالاتي أن الغرب يقرأ التاريخ، ويستفيد منه، ويعيد إنتاجه، ونحن لا نفعل شيئا إلا التلقي، ومحاولة الفهم، والدفاع، دون التعلم من دروس التاريخ. خلال الحروب العالمية، شهدت استخدام الدعاية والإعلانات الكاذبة التي هدفت إلى تضليل الرأي العام وتأثيره لصالح الأطراف القتالية. وقد شهدت الحربان العالميتان استخدام العديد من الشعارات الكاذبة التي نشرتها الدول القتالية ووسائل الإعلام لتشويه سمعة الأعداء وتحقيق أهداف سياسية وعسكرية. ولعل أبرزها والشبيهة بمثال حماس كانت عبر إحدى الشائعات الكاذبة التي تم تداولها خلال الحرب العالمية الأولى بأن الألمان يأكلون الأطفال، حيث ادعت الدعاية الحربية البريطانية أن الألمان كانوا يقومون بأفعال وحشية مثل أكل الأطفال، وهدفت هذه الشائعة إلى تشويه صورة الألمان وزعزعة الدعم لهم. وفي مثال آخر تم اختلاق غرق مدمرة يو إس إس مين حيث نشرت الإشاعة أن إسبانيا هي المسؤولة عن غرق مدمرة USS Maine في ميناء هافانا في عام 1898، مما أدى إلى اندلاع حرب الولايات المتحدة الأمريكية الإسبانية. ومع ذلك، فقد تبين فيما بعد أن الانفجار الذي أدى إلى غرق المدمرة كان نتيجة لتسرب الغازات المتفجرة داخلها (وهي نفس كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق). هناك أكثر من أسلوب يتبع خلال الحروب مثل البروباغندا العدائية التي تشمل التشويه الخطير للأعداء وتبرير العمليات العسكرية، بما في ذلك تهم مضللة بخصوص جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، ورغم نفيها أو عدم حقيقتها لكنها في الغالب تبقى للتداول لزمن بعيد، وتبقى راسخة في أذهان الكثيرين على أنها حقيقة مطلقة وهذا ما يريده الأعداء اليوم، ترسيخ صورة العربي المسلم العنيف في الذاكرة الغربية، وتعزيز صورة اليهودي المغلوب على أمره. إن حماس لا تستطيع الدفاع عن نفسها في هذه القضية، وهي قضية قومية لا تتعلق بأحداث السابع من أكتوبر أو حركة حماس، لهذا فإن الرد على أكاذيب الإعلام والمسؤولين الدوليين في هذا الشأن يتطلب استراتيجية واضحة ومدروسة للرد عليها بقوة، سواء عبر وسائل الإعلام المضادة، أو عبر بيانات رسمية وكتب رسمية توجه من وزارات الخارجية العربية أو جامعة الدول العربية لهذه المؤسسات الإعلامية أو الدبلوماسية. الخسارة التي مني بها الصهاينة على الأرض أمام حماس، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي أمام العالم أجمع يريدون تعويضها بتحقيق نصر زائف في الذاكرة الجمعية للشعوب عن الصورة النمطية للعرب والمسلمين، وهو الشيء الذي يعملون عليه منذ سنوات طويلة في هوليوود وغيرها، ولابد لنا من منع ذلك وإيقافه.