28 أكتوبر 2025

تسجيل

من إشراقات رمضان

04 يونيو 2015

أيام ويُهل علينا هلال رمضان نسأله تعالى أن يُهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام.…… وهذه إشراقات من إطلالته لها ما بعدها: 1- فيه اكتساب عادة النظام في الحياة فالإفطار في وقت واحد كما كان الإمساك والصيام في وقت واحد ولو استصحب المرء ذلك في حياته فكان الأكل بنظام واللعب بنظام بلا إفراط ولا تفريط لاستقام الناس على الجادة وتغيَّر الحال والمآل . وفي الصحيح ما يشهد لهذا المعنى مِنْ حديث أَبِي مُوسَىَ رَضِيَ الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنّ الله عَزّ وَجَلّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ. يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ. يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النّهَارِ. وَعَمَلُ النّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللّيْلِ. ……"[1] 2- فيه حفظ الجوارح عن المخالفات. حيث تكون البيئة عونا على فعل الخير والإقدام على الطاعة وفي الصحيح لقاتل مائة نفس عامدا - عندما أراد الله به الخير وسأل، "هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ"[2] ففي هذا الحديث الإشارة إلى أثر البيئة في استقامة العبد والإنسان ابن بيئته. 3- فيه مقاومة الشهوة الخفية، روى الإمام أحمد، عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه أنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال شيء سمعته من رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فأبكاني. سمعت رسول اللّه يقول: "أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية"، قلت: يا رسول اللّه! أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: "نعم أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً، ولكن يراؤون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه" أخرجه الإمام أحمد. 4- فيه ضرورة مراعاة حرمة الشهر فتغلق المطاعم والمقاهي والكافتيريات وسائر محال الأطعمة والعصائر أبوابها في المجتمعات الإسلامية مراعاة لحرمة الشهر، ومن حدثته نفسه بانتهاك حرمة الشهر كانت له عقوبة تعزيرية؛ فقد أتي عمر بسكران في رمضان فضربه مائة؛ ثمانين حد الخمر وعشرين لهتك حرمة الشهر. فهكذا يجب أن تركب العقوبات على تغليظ الجنايات وهتك الحرمات. 5-فيه التخفيف على العباد لإعانتهم على أداء العبادة بخفة ونشاط فليسوا وحدهم ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )[3] تُشير هذه الآية الكريمة إلى أن الله تعالى ما أخلى أُمَّة من الأمم من هذه العبادة فلم يفرضها عليكم وحدكم، وفائدة الإخبار بهذا أن الصوم وهو عبادة فيها مشقة على النفس لحرمانها من ملاذ الدنيا وشهواتها والأمور الشاقة إذا عمَّت كثيراً من الناس خفَّت مشقتها وسهُل تحملها وتشجَّع الكل على عملها والقيام بها . 6-فيه تحقيق للتكافل بين أفراد الأمة وإشاعة روح الأُخوَّة الإيمانية في المجتمع المسلم وذلك من خلال ما يُخرجه أصحاب الأعذار الدائمة التي تُسوِّغ لهم الفطر وتوجب عليهم الفدية كما قال تعالى (وعلى الذين يُطيقونه فدية طعام مسكين) قال القفال: "انظر إلى عجيب ما نبَّه الله عليه من سعة فضله ورحمته في هذا التكليف حيث بيَّن في أوَّل هذه الآية أن لهذه الأمة بهذا التكليف أسوة بالأمم المتقدمة والغرض منه ما ذكرنا من أن الأمور الشاقة إذا عمَّت خفَّت".7-فيه عظيم فضل الله تعالى بتخصيص باب من أبواب الجنة للصائمين يسمى " الريَّان " كما في الصحيح «إنّ في الجنّةِ باباً يُقالُ لهُ الرّيّانُ، يَدخُلُ منهُ الصائمونَ يومَ القِيامةِ لا يَدخُلُ منه أحدٌ غيرُهم، يقال: أينَ الصائمون؟ فَيقومونَ، لا يَدخلُ منهُ أحدٌ غيرُهم، فإذا دَخلوا أُغلِقَ، فلم يَدخُلْ منهُ أحد»[4]. 8-أن يكون الأمر الإلهي سرّ حركة المسلم وباعث سيره في الحياة، لقد فرض الله على المسلمين صيام مُدَّة من الزمن يستشعرون من خلالها أن التمكن من الطعام والشراب والتناول لهما لا يكون بمجرد وجودهما بل لا بُدَّ مع وجودهما من الإباحة الإلهية والرخصة الربانية أو قل لا بدَّ أن يكون البسط والقبض لليد نحو الطعام والشراب مربوطاً بإرادة الله تعالى وأمره، لقد كان خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار وهي الأمور التي لم يصبر عليها أو مثلها كليم الله موسى عليه السلام وقد كانت عن أمر الله لحكمة يعلمها الله تعالي، " لذا قال العبد الصالح: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) [5] فإذا كان بسط اليد وقبضها عن الطعام بأمر الله كان ذلك عبادة يُؤجر عليها المسلم فإذا ما أطلقت الأكف بعد قيد وبُسطت بعد قبض كان في ذلك تذكار للنعمة وعرفان بها وتقدير لها حق قدرها .( واذكروا نعمة الله عليكم )[6] . 9-الأجر العظيم في الحديث القدسي " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ "[7]وفى التنزيل (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعدَّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيما)[8]. 10-الدعاء بالقبول: لأمر ما توسطت آية الدعاء آيات الصيام (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[9] لقد كان السلف الصالح رَضِيَ الله عنهم يجتهدون في إتمام العمل الصالح وإنجازه وإتقانه أولا ثم ينشغلون بعد ذلك بالقبول ويخشون الرد، قال علي رَضِيَ الله عنه "كانوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل" ألم تسمعوا قوله عز وجل (إنما يتقبل الله من المتقين) وقال فضالة بن عبيد "لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها" لقوله تعالى ( إنما يتقبل الله من المتقين ) كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يُبلغهم شهر رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم . هذا وبالله التوفيق وللحديث صلة بحول الله تعالى وقوته والله المستعان.