16 سبتمبر 2025

تسجيل

لا ينجح تعليم بغير تخطيط

04 يونيو 2015

لماذا لا يُؤتي تعليمنا العربيُّ أُكُلاً ملموسا؟ ولا يثمر إنتاجا محسوساً؟ بل يتخرج الخريج أحيانا وهو لا يكاد يحسن القراءة والكتابة؟. إن التعليم بلا تخطيط مسبق لأهدافه وآلياته يكون غير مؤثر ولا مثمر، لأن المعلم في هذه الحالة لا يدرك ما الذي يفعله، ولا.. كيف يفعله؟ فالمعلمون الذين لا يخططون للعملية التعليمية يواجهون مشاكل عديدة، يجعل التخطيط الفصول التعليمية أكثر حيوية، لذلك يعد التخطيط من أهم المقومات الضامنة للتعليم الفعال، الذي يعمل على زيادة حيوية العملية التعليمية، ويزيد من الاتصال والتواصل بين المعلم والمتعلم. والتعليم هو أساس أي نهضة منشودة، وهو مفتاح التقدم، فلقد تقدمت كثير من الدول بالتعليم، وجوهر الصراع العالمي اليوم يتمركز حول سباق في نوعية التعليم، لذلك يلاحظ أن الدول الكبرى التي تتصارع على القمة تعمل جاهدة على مراجعة نظمها التعليمية بين الحين والآخر، وتدرس نظم التعليم الأخرى، من ذلك يتضح بما لا يدع مجالا للشك، أن تتضاعف المعرفة كما وكيفا، والتطور الهائل غير المسبوق، السباق الهائل في صناعة تكنولوجيا المعلومات، وتحديات الانفجار السكاني، كل هذا كان باعثا على التوجه نحو التخطيط التربوي كضرورة من ضرورات الحياة. لذا نال التخطيط للتعليم في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا كما يقول التربويون، لاستخدامه كوسيلة علمية ناجحة لتحسين كافة أوجه حياتنا المعاصرة، وأمام مواجهة متطلبات الحقبة التي نعيشها والتي تتميز بمتغيرات هامة، سريعة، ومستمرة، وازدياد الطلب على توفير أكبر قدر من الخدمات التعليمية والإقبال عليها، من أجل هذا كان الاهتمام بالتخطيط التربوي، وبدأ مفهوم التخطيط التربوي يجذب أنظار رجال التربية والاقتصاد وعلماء النفس والرياضيات، فنشأ ونما كتخصص متعدد المراحل يرتبط بواقع العملية التعليمية، وحتى لو اعتبرنا أن التعليم الذي يقدم حاليا كاف، كما وكيفا، فيجب عند التخطيط أن نتنبأ بالتوسع المطلوب نتيجة التغيرات التي تحدث في حجم السكان وفي بنية أعمارهم، لأن التخطيط يعد أساساً للتوقع بالتغيرات الممكن حدوثها في المستقبل، لأن التخطيط للمدى الطويل ليس امتدادا للاتجاه العام في الماضي في صورة رياضية، بل على العكس، فإنه نظرة خاصة للمستقبل، مع الأخذ في الاعتبار أن التغير وليس الثبات هو سمة الحياة الاقتصادية. يستند التخطيط التربوي الفعال على مجموعة من الركائز والأسس التي من أهمها توافر مجموعة من البيانات والمعلومات على درجة عالية من الكفاءة والدقة، بإيجاز طرق مناسبة تخضع لتصميم أنظمة التعليم والمعلومات كوسيلة تدعم أصحاب القرارات بالمزيد من المعلومات الدقيقة والسديدة والمتخصصة والمناسبة. ويذكر رجال الإدارة أن كم ونوع هذه البيانات يختلف باختلاف أنواع التخطيط والغرض منه، وكذلك مستواه المكاني وبعده الزمني، فالبيانات المطلوبة على مستوى الشركة أو المؤسسة تختلف كما ونوعا عن تلك المطلوبة على مستوى الدولة أو الإقليم وبذلك تتمتع البيانات والمعلومات بدرجة عالية من الأهمية والاعتبار في عملية التخطيط، نظرا لأنها تشكل الأساس الذي تقوم عليه عملية التخطيط. ومن هنا يؤكد التربويون أن إدراك المخطط التربوي وصانع القرار لتلك المعلومات واستنادهم إليها، يعد تحديا عظيما في التخطيط التربوي ولاشك أن المعلومات التربوية الوفيرة تزيد من تحسين العملية التعليمية. ونظرا للظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتغيرة التي يعيشها المجتمع بوجه عام، فإن التخطيط عامة، والتخطيط التعليمي خاصة بات مطلبا ملحا يتطلب اتخاذ إجراءات ووسائل تتصل بسياسة التعليم المتمثلة في إعداد المواطن الصالح المنتج الذي يسهم في تطوير بيئته ومجتمعه. والتخطيط في جوهره لا يخرج عن كونه عملية منظمة واعية يتم خلالها تكوين صورة ذهنية عن سير العمل في المستقبل وذلك برسم خطوط عريضة لما يجب على الإدارة المدرسية القيام به من أجل تحقيق الأهداف المرسومة، فالتخطيط بعبارة أكثر دقة هو مرحلة التفكير والتبرير التي تسبق تنفيذ أي عمل، والتي تنتهي باتخاذ قرارات فيما يتعلق بما يجب عمله، وكيف يتم، ومتى يتم، وبمن يتم. ويتطلب التخطيط للتعليم جمع الحقائق والمعلومات التي تساعد في تحقيق النتائج والأهداف المرغوب فيها، فالتخطيط التربوي هو بالأساس جزء من النشاط الإداري التربوي، ذلك أن النشاط الإداري – كما يرى علماء الإدارة - هو نشاط تخطيطي إلى أقصى درجة، فكثير من قرارات الإدارة تشمل المستقبل، والتخطيط بحسب التعريف السابق يعد من أهم أنشطة الإدارة، فهو نشاط يتضمن الاختيار من مجموعة كبرى من البدائل، تتوقف عليها عمليات صنع قرارات الإدارة، بل يصبح جوهر تلك العملية، وهو النشاط الذي يسبق الأنشطة الإدارية الأخرى، كما أن النشاط الذي يتوقف عليه كل نشاط آخر، وبهذا نعتبر كل مرحلة في العمل الإداري ناتجا مباشرا للتخطيط. كما يتطلب التخطيط التربوي بالضرورة دراسة البدائل المختلفة لأداء عمل معين، ثم الوصول إلى أفضل البدائل الممكنة، والتي تحقق هدفا معينا، في وقت معين، في حدود الإمكانات المتاحة، تحت الظروف والملابسات القائمة، والإمكانات المتاحة هي التي تحقق الهدف المعين، هي إمكانات مادية وبشرية، وينتهي التخطيط إلى وضع خطة عمل محددة، وإلى تحديد مسار تنفيذها في وقت معين ومحدد كسنة أو سنتين، أو ما شابه ذلك، كما نشاهد بالنسبة للخطط الاجتماعية أو الاقتصادية قصيرة المدى أو المرتبطة بعدد معين من السنين. ويساعد التخطيط التربوي منفذي السياسات التعليمية – وواضعيها من قبلهم - على التنبؤ بما سيكون عليه حال التعليم في المستقبل، وما عناصر العمل اللازمة لتحقيق الهدف المطلوب، والاستعداد لمواجهة معوقات الأداء، والعمل على حلها للاستفادة من الإيجابيات المتوقعة في المستقبل في إطار زمني محدد ولمتابعة هذا الأثر وقت التنفيذ. ولأن التخطيط التربوي يختص بالمستقبل، فهو يتعامل مع مستقبلية القرارات التي تتخذ في الحاضر، كما أن ذلك يعني أحد أمرين أو كلاهما. الأول: أن التخطيط يعتني بالتصرفات المستقبلية البديلة المتاحة للمنشأة، أي بالمحيط الذي تنعكس فيه القرارات التي تتخذ اليوم. الثاني أن التخطيط يختص بعلاقات الأسباب والنتائج المتوقع حدوثها، نتيجة لما يتخذ من قرارات في الوقت الحاضر، وعلى ذلك فإن التخطيط يتضمن تقديرا للتغيرات التي يتوقع حدوثها في المستقبل (فرصا كانت أو تحديات) والاستعداد الافتتاحي الإيجابي منها وتجنب سلبياتها. فهو في النهاية عملية فكرية تعتمد على المنطق تتميز بالنظرة المستقبلية، ويعمل على استثمار الموارد المتاحة والتنبؤ بالمشكلات أو الأخطاء المحتملة، والإعداد لمواجهتها أو تجنبها بما يكفل تحقيق الأهداف المرجوة، فهو عملية أو سلسلة متدفقة مترابطة الأنشطة التي تبدأ بتحديد الأهداف، وإعداد السياسات والإستراتيجيات الموضحة لاتجاهات العمل واتخاذ القرارات، وذلك بأسلوب علمي يوفر الوقت والجهد.