18 سبتمبر 2025

تسجيل

الصحافة المطبوعة والصحافة الإليكترونية

04 يونيو 2015

بداية أعرف أن ما سنتطرق إليه فى هذا المقال موضوع شائك ومتشعب حيث تتعدد فيه وجهات النظر بين المتخصصين وحتى بين عامة الناس . فالصحافة الإليكترونية كما هو معروف وليدة الثورة التكنولوجية التى حدثت فى السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضى وما زالت مستمرة حتى الآن .. بل إن سرعتها تتزايد لدرجة أنه يصعب على المختصين متابعة ما يحدث فى هذا المجال .. فما بالنا بعامة الناس . ولعل ما ساعد على إنتشار الصحافة الإليكترونية عدة عوامل نستطيع إيجازها كالآتى : - سرعة الوصول إليها وقراءتها عن طريق الهواتف النقالة التى أصبحت تقريبا فى كل يد بما فى ذلك الطبقات الفقيرة .. بل وحتى أطفال المدارس صغار السن . - مجانية قراءة هذه الصحف حيث لا يتكلف المرء شيئا عدا الإشتراك فى النت وهو ما كان سيحدث فى جميع الأحوال . - عدم تحمل أى مشقة فى الحصول على الجريدة بالذهاب لشرائها أو تكليف من يُحضرها إلى المكان المتواجد فيه القارئ . - إمكانية الوصول إلى الجريدة وقراءتها فى أى مكان فى العالم ومن المعروف أن الصحف الورقية لا تصل إلى الدول الأخرى إلا عن طريق النقل الجوى ويكون ذلك فى اليوم التالى فى أحسن الأحوال . - أما أهم الأسباب على الإطلاق فهى الحصول على آخر وأحدث الأخبار – خاصة السياسية منها – فى نفس لحظة حدوثها تقريبا لعدم إرتباطها بطبعات محددة كما هو معمول به فى الصحف الورقية .. وغالبا ما لا تتمكن الصحف الورقية من تغطية أحداث هامة تحدث فى المساء مما يجعل الصحف تدرجها فى الطبعات التالية .. ولعل هذا ما جعل بعض الصحف تصدر ما أصبح يُسمى بالصحف المسائية . - ولعل من أسباب عوامل نجاح الصحف الإليكترونية هو عدم حاجتها لمبان ضخمة أو عدد كبير من العاملين فيها وما يمكن أن تتكبده من رواتب وإيجارات ومصروفات أخرى .. بل إن الأمر محدود جدا لدرجة تمكننا من أن نقول أنه لا وجه للمقارنة من هذه الناحية . كل ما سبق يصب فى مصلحة الصحافة الإليكترونية .. فهل يعنى هذا إختفاء الصحف الورقية ؟ .. دعونا نناقش الأمر فى هدوء .. يرى العديد من الخبراء أن الصحف المطبوعة لن تختفى ولكنها حتما ستتأثر بزيادة إستخدام الصحف الإليكترونية مما يتطلب منها بذل المزيد من الجهد من أجل البقاء .. وكما يقول الصديق الدكتور محمود علم الدين أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة أنه يجب على الصحافة المطبوعة أن تنشر الصحف ما يبرر وجودها من تحليلات ودراسات وأن يتم التركيز على المستوى الحصرى والقصص الصحفية وتقديم ما يهم القارئ على خلفية الأخبار وهو ما يطلق عليه البعض ما وراء الأخبار .. بالإضافة إلى التحقيقات الصحفية التى تتطلب جهدا أكبر وتستغرق وقتا أطول .. وهذا طبعا يتوافر فى الصحافة المطبوعة أكثر منه فى الصحافة الإليكترونية . وأخيرا فإن بعض العاملين فى المجال الصحفى – وأنا منهم – نرى أن الصحف الورقية لن تختفى ولكن من المرجح أن يكون صدورها مجانيا على أن تعتمد فى تمويلها على الإعلانات .. ولعل من يتبنون وجهة النظر هذه يعتمدون على الآتى : - الصحافة الورقية برغم عدم تفوقها فى اللهاث وراء الخبر وتوصيله للقارئ فإن الفرصة لديها أكبر بكثير فى تحليل هذه الأخبار ومعرفة أسبابها وردود أفعال المهتمين بالأمر أو شهود العيان أو ما شابه . - القصص الصحفية لديها فرصة أكبر فى الصحف الورقية المطبوعة لتوافر عنصر الوقت والهدوء . - سهولة تكوين مجلد أو أرشيف يضم بين دفتيه ما يهم القارئ سواء على المستوى العلمى أو الإبداعى أو الشخصى .. كما يسهل تصويره وتقديمه لمن يرغب . - وأخيرا فإن بعض الناس – خاصة كبار السن – يؤكدون أنهم يجدون متعة لا تقارن فى قراءة الصحف المطبوعة .. وعلى الجميع إحترام وجهة النظر هذه . وفى النهاية فإننا نؤكد أن كلا النوعين لا غنى لنا عنه .. ولكل نوع عوامل نجاحه وإستمراره .. والإخلاص فى العمل هو ما سيحدد من منهما سيتمكن من الصمود والإستمرار . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين