25 أكتوبر 2025

تسجيل

إعلام الأطفال في سوريا.. تزايد الأهمية ودواعي التطوير

04 يونيو 2014

"طيارة ورق" و "زيتون وزيتونة" و "زورق" مجلات أطفال سورية بدأت تصدر منذ حوالي عام ونصف العام عن منظمات مجتمع مدني وجهات أهلية، وبجهود تطوعية شبابية من أناس يحملون همّ الطفولة، رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا، لتضاف إلى مجلة الأطفال الرسمية الوحيدة التي تصدر عن وزارة الثقافة السورية منذ عام 1969. ورغم أن المجلات الثلاث الأولى ما تزال تحبو وتشقّ طريقها بصعوبة، وتحتاج إلى مزيد الجهد والدعم لتطوير كثير من الجوانب فيها على مستويات المضمون والشكل والتوزيع والتفاعلية مع المستهدفين، إلا أن ما يشرح الصدر ويبهج القلب أن تتمكّن من الصدور بانتظام، وأن تقدِّم للطفل السوري في ظل الأزمة المتواصلة وجبة ثقافية وتربوية وترفيهية جيدة كل أسبوعين، من خلال وصولها إلى أيدي الآلاف من الأطفال، سواء مَن هم في بيوتهم أو الذين شرّدوا بعيدا عن ديارهم ضمن عداد النازحين واللاجئين،. فضلا عن إمكانية الوصول إليها والإطلاع عليها وتحميلها والاحتفاظ بها أيضا عن طريق بعض مواقع التواصل الاجتماعي. وإذا كانت الطفولة بأعدادها الضحمة التي تصل إلى عشرة ملايين على أقل تقدير في سوريا، تحتاج منّا في الظروف العادية إلى إصدار العديد من المجلات الأسبوعية، وآلاف الكتب السنوية، وتخصيص عشرات القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، وإنتاج آلاف المنتجات الأخرى من مسرحيات وأناشيد وفيديو كليبات وألعاب هادفة فإنها أشد حاجة إليها اليوم في ظل التحديات التي تواجهها البلاد تحت وطأة الحرب والظروف الاستثنائية الصعبة، حيث يكون الأطفال أكبر وأكثر المتأثرين. الأطفال في هذه الحالات الاستثنائية والطارئة أشد حاجة لمثل هذه المجلات من الأوقات الاعتيادية لأسباب عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: غياب فرص التعليم بسبب تعطل عمل المدارس نتيجة القصف أو غياب الكادر التعليمي أو الاثنين معا، أو بسبب صعوبات الالتحاق بالمدارس كما هو حال مجاميع من الأطفال اللاجئين في بعض الدول كلبنان أو الأردن وغيرها، أو بسبب التسرب من المدارس للانخراط في العمالة المبكرة نتيجة فقدان المعيل، أو بسبب الظروف المادية الصعبة للأسر بسبب تعطل الأعمال والبطالة، أو بسبب الضغوط النفسية التي يتعرضون لها بسبب الحرب والمشاهد العنيفة المرتبطة بها. إن هذه المجلات في هذه الحالات تحاول أن تسدّ ثغرة بسبب النقص الحاصل في مجال التعليم أو قد تشكّل داعما ثقافيا وترفيهيا للأطفال خصوصا مع وجود فراغ لدى بعضهم، بسبب الغربة عن الوطن ومرابع الأهل، كما تعتبر بمثابة أداة لدعم للأطفال الذين يتعرّضون لضغوط الحرب النفسية ومشاهد العنف والإصابات والقلق والرعب، ووسيلة للتفريغ النفسي والانفعالي للمشاعر المكبوتة التي اكتسبوها إبان الحرب، حيث يعجز الكثير من الأطفال عن الحوار اللفظي للتعبير عما يجول في خواطرهم ويشعرون به... كما تسهم في التوعية بأهمية قيم التسامح والسلام والتعايش، وغرس قيم الإيجابية وحبّ الحياة وترجمتها إلى سلوكيات عملية. انطلاقا من ذلك نرى ضرورة إيلاء هذه المجلات وكل الوسائط الإعلامية ذات الصلة بالطفل أهمية كبيرة نظرا لدورها المشار إليه سابقا، ونأمل أن تدعِّم منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإنسانية العربية والدولية هذه الوسائط، من أجل تدعيم دورها وتطويرها، خصوصا وأن هذا التطوير ينبغي أن يصبّ في أمور متعددة أهمها: ـ المضمون: لتغطية جميع الجوانب التي تهمّ الطفل، بحسب الأولويات، وبحيث يكون ذلك في إطار مخطط وممنهج، يرتكز على مصفوفة قيم يتمّ غرسها، ويسهم في توعية الطفل بحقوقه، ودعمه لمواجهة الضغوط التي يواجهها، وتسعى لتجنبيه الانجرار إلى دوامات الصراع والعنف أو الانخراط فيها، وتقديم هذه المضامين بأسلوب جميل، وعرض حسن، وقوالب جذابة.ـ زيادة عدد الصفحات والاهتمام بصورة أفضل بالتبويب والإخراج الفني.ـ الاهتمام بتفاعلية الأطفال مع المجلة، وعدم قصر دورهم على التلقي والقراءة، ويكون ذلك من خلال المسابقات والاهتمام بتخصيص الفقرات التي تحتاج إلى التعليق وإبداء الرأي، ومما يساعد على تعزيز هذا الجانب وسائل التواصل الاجتماعي التي صارت لصيقة بالكبار والصغار على حد سواء، إضافة إلى إشراك الأطفال في تحرير المجلة، ومراسلتها وكتابة بعض موضوعاتها وقصصها. ـ التوزيع سواء الورقي منه أو الإلكتروني..ويحول دون ذلك صعوبات مالية ولوجستية لطباعة هذه المجلات، مما يجعل أعداد النسخ المطبوعة منها متواضعة للغاية مقارنة بعدد المستهدفين، لذا يحتاج الأمر إلى تذليل العقبات المادية وتوفير الدعم اللازم للطباعة، ودراسة توزيعها من خلال نسخ (بي دي أف) على البريد الإلكتروني أو من خلال مواقع التواصل. ـ الترويج: بغرض التعريف بالمجلات والوصول إلى أكبر كمّ الشرائح المستهدفة، ويكون من خلال الوسائل الإعلانية الإلكترونية وغيرها وتبادل الإعلانات، لأن كثيرا من الأطفال قد لايصلون إليها بسبب عدم معرفتهم بها.الجهد الذي يقوم به أصحاب هذه المجلات كبير جدا ودوره مهم جدا..وما نذكره يندرج في إطار السعي للإفادة من مخرجاتها بصورة أفضل نظرا للحاجة الماسة لها من قبل أطفال سوريا.