14 سبتمبر 2025
تسجيلستة وأربعون عاما مضت على حرب للعرب مع كيان الدولة اليهودية، التي انتهت لما يسمى " النكسة " فقد نتج عنها احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية وهضبة الجولان وسيناء، وبعد يومين سيحتفل الإسرائيليون بذكرى النصر، ولا نزال نستذكر الذكرى بمرارة الإرث الثقيل، حيث لا يزال العرب على شعابهم متفرقين لا يلتقون إلا في اجتماعات ندب الحظ وتبادل الاتهامات ورمي المسؤولية كل على الآخر! اليوم لا تزال إسرائيل " الكيان المصطنع " دولة متوحدة في أهدافها، متمترسة وراء القبة الحديدية من الصلف والمراوغة واستجلاب التأييد لها من غالبية دول العالم، وهي التي لم تنتظر مساعدة أحد في حربها مع الجيوش العربية آنذاك، تلكك حرب الأيام الستة التي قاتل الجنود العرب والمجاهدين ببسالة، وتقهقرت القيادة العسكرية العربية المشتركة، فيما العالم العربي اليوم يعيش تحت وقع الاضطرابات والقتل والفقر والفساد وتفسخ قيم المجتمع العربي، وازدياد التحديات داخليا وخارجيا. في قراءة سريعة للواقع العربي خصوصا داخل الدول التي كانت تسمى فيما مضى "دول الطوق " والتي منُحت وساما شرفيا يدعى الصمود والتصدي، نرى أن كل شيء فيها قد تغير، وللأسف، نحو الأسوأ فيما يتعلق بالتنمية البشرية، والحريات، والعدالة الاجتماعية والسياسية، والحضور السياسي العالمي، فيما انشغلت الشعوب في الكفاح ضد حكوماتها أو أنظمتها التي استبدت وخلقت طبقات من البرجوازية المزيفة القريبة من القيادات، أثريت على حساب فقر السواد الأعظم من الشعوب، وهذا ما جعل بوصلة الشعوب تتغير من اتجاه العدو التاريخي المتمثل في الصهيونية اليهودية التي احتلت واغتصبت الأرض الفلسطينية، إلى اتجاه أنظمتها في محاولة للإطاحة بها أو إجبارها على إشراك القواعد الشعبية في صناعة القرار من خلال عناوين الإصلاح السياسي، حتى انكفأت التيارات السياسية الكبرى على قُطرية الدولة وانشغلت داخل حدودها فقط. وما بين الذكرى الخامسة والأربعين والسادسة والأربعين حدثت انقلابات شعبية على أنظمة مستبدة في ثلاث دول متجاورة، تونس ومصر وليبيا، فيما انهارت قيم الدولة في سوريا وبرز النظام الحاكم كقوة حاكمة تطحن آلته كل من يقف في وجهها سعيا نحو عيش أفضل ومن أحل الحرية التي تعزز قيمة الفرد في وطنه، ولا تزال الحرب ضروس ضد كل قوى المعارضة هناك، في ظل تراخ دولي محير، لا يشابهه سوى جرائم الاحتلال الأمريكي المدجج بالقوى الغربية الحليفة في العراق خلال السنوات الخمس التي تلت سقوط بغداد في يد المحتل الغربي، الذي سلم العراق فيما بعد لإيران تخترقه وتتحكم به كيفما تشاء، ولا تزال الجرائم ترتكب بحق الشعب العربي في العراق على يد المليشيات الحاكمة بأمر إيران. إذا هل سنبقى نستذكر هذه الهزائم المتتالية في التاريخ العربي الحديث، أم أن هناك طريقا للنهوض من تحت هذا الرماد التاريخي الذي طغى على كافة تفاصيل الحياة في عالمنا العربي رغم التغيرات التي طرأت على المجتمعات، وهل هناك من حركة تجديد عربية تواجه الواقع بجدية وتسعى نحو بث الروح المعنوية في أجساد وعقول الشعوب المتوحدة باللسان المتفرقة بالكيان، للارتقاء بالفرد في سعي للنهوض بالدولة العزيزة المنبثقة من تفكير وتقرير مصير الشعوب لتي تحكم نفسها بنفسها على نمط سياسي مغاير تماماً للنمط الشمولي الذي جثم على صدر الشعوب عقودا طويلة؟! لا نعلم متى ستنتهي مأساة الشعب العربي في سوريا، وكيف سيكون شكل الحكم القادم إذا تغير هذا الغلاف الحربي الذي يغطي سماء سوريا ومتى ستستقر الأوضاع في ليبيا، ومتى سيتركز الحكم في مصر ويعود الهدوء السياسي والأمني لأرجاء البلاد هناك، ومتى سيجتمع العرب على كلمة سواء، ليحافظوا على ما تبقى من مقومات البقاء في عالم البقاء فيه للأقوى داخليا وخارجيا.