11 سبتمبر 2025

تسجيل

سَمَعْت الْخَبَر...؟!

04 يونيو 2012

هكذا بدأ إعلام الشائعات، كان أذناً فقط، أما اليوم فتخلّق مخلوقا كاملا برأس ورجلين ويدين، عينين وأذنين، ولكنه- هذا المخلوق- أبدا لم يعِ مفهوما جميلا: لماذا وضع الله له لسانا واحدا فقط و"شفتين"!! فتحوّل ما نحلم به من صحافة المواطن والمدون المقننة الممنهجة بمصداقية وشفافية الذات لدى البعض إلى صحافة القيل والقال والهرج والمرج والسب والقذف والشتم ليفت في عضد المجتمع الذي نحبه آمنا ونريده متآخيا. هذا ما يلخّص إعلام الشائعات او التهويل في "الشبكات الاجتماعية". اللُّحْمَة الإنسانية في حريق فيلاجيو... لا شك ان حريق فيلاجيو آلمنا جميعا وكان مأساة عكست عالمية الحزن ذي المنحى الانساني ووحدة قطر ومصيرها ومصابها ووحدة كلّ مَن يقطنها وتكاتفهم وهذا هو نهج قطر مما عهد من لمسات قيادتها إلى أصغر مواطن ومقيم فيها، مما زرعته القبلة الحانية لولي عهدها على يد طفلة ومما اضفته اللمسة الحانية على آباء وأمهات ثكالي وما خطته أقلام ابناء قطر ومقيميها وأناملهم في كل المواقع وما زرعته أرجلهم وأيديهم مما لمسه حنانهم جميعا بخروجهم وابنائهم لمشاركة اهالي الضحايا في محافل التأبين وتقديم واجب العزاء الذي هو مصابنا وعزاؤنا جميعا. نعزي انفسنا بهذا المصاب الجلل، ونعزي كلّ مَن فقد عزيزا في هذا الحريق وشهداء الواجب المناضلين الأبطال، وقلوبنا تقول لهم: "انتم قطر، وقطر أنتم، نحن أنتم، وأنتم نحن، نشكل جميعا جسدا واحدا ولُحمة واحدة". لن أطيل في حديث سبقني فيه وإليه الكثير وتشعبوا في طرح مأساويته وحلولها وضرورات الإفادة من درسه أمنيا وصحيا في غيره من مواقع قطر، ولكننا على الجانب الآخر آلمنا "فاست فود" شائعات الإعلام الجديد "تكهناته" اعني على وجه الخصوص "غثّ الشبكات الاجتماعية ووسائط الهواتف الجوالة بما تزايدت به من شحوم ودهون وبهارات أو بقايا" لا نقبلها ولا نرتضيها هذا ونحن نعلم تأثير الشائعات أو الزيادات أو النعرات على إثارة البلبلة والفتن في المجتمعات فضلا عن نشر الهلع والروع، واحباط جهود الأجهزة المعنية في الأزمات والكوارث. مقياس المصداقية والمهنية في علم الإعلام تقتضي عدم التسرع في بث الأخبار او الصور إلا بعد التمحيص وتحرّي الدقة والموضوعية حتى لا تختلط الأوراق الصفراء "أياً كانت " ببياض الصحافة ورسالتها المهنية الناصعة، فالإعلام الحق وكذلك المدون والناشر الحق يربأ بنفسه عن نشر الشائعات والأقاويل التي تعرض أمن الجمهور والدول قبل ثقته لهزات كبيرة فضلا عن الفوضى. هذا والدرس العظيم انه يجب ألا يحجم الإعلام الرسمي عن دوره المنوط به في مثل هذه المواقف - ضعفا او خوفا او تراخيا- كما احجم تلفزيون قطر الفضائي الرسمي الوحيد وإذاعته اللذان كان لهما اليد الطولى في تعزيز إعلام "الفاست فود" فهناك طرق مهنية لاحتواء اخبار الأزمات في وقتها حتى لو لم تبث على الهواء مباشرة، ونتمنّى ان تضيفها لجنة تطوير تلفزيون قطر واذاعته لمحك عملهما قبل التدشين. ويجب الا تغيب الجزيرة القناة الدولية عن التقرير المتوالي في الطرح والنقل عن موقع مثل هذا الحدث، فالبعد الإنساني والدولي ما يزال موجودا حتى لو كان مكان الحادث "قطر". كما اننا كجمهور حتى مع غياب التلفزيون يجب ان نعي ان الوسائط في أيدينا ليست مجالس شعبية للقيل والقال أو هراء بما نسمع، فمؤشر المصداقية ينحاز قطعًا إلى مصدر المعلومة مثل "الوزارة او الجهاز المعني" والوكالات والمواقع الإعلامية والالكترونية الإخبارية الموثّقة التي بفضل الله كانت موجودة على تويتر، وهي بلا شك مقدّمة على حساب الشبكات الاجتماعية للأفراد الا اذا وثّق الفرد الناشر لأي معلومة عن مصدر اخباري او نقل عن جهاز معني، لذلك على المتلقّين وهم في بيوتهم أيضا تحري الدقة والتمحيص بين الشائعات والأخبار وتجنّب النشر أو إعادة النشر أو "Broadcast" عن كلّ مَن يكتب او ما يكتب، ونعمل جميعا مصداقا لقوله "ص": (كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكلِّ ما سمع). مرحى للنهوض باللغة العربية "والْعَوْدُ أحْمَدُ": نعوم تشومسكي "العالم اللغوي الشهير" عرض مقولة مشهورة مفادها التأثير الكبير لأي تغيير على الجماهير "Public Minds" إذا نبع التغيير من القيادة. وفي خضم أطروحاته تحدّث عن أثر القرارات العليا ليس في التأثير فحسب بل في السيطرة على ذهنية الجماهير. مقولة استحضرتني في جلسات منتدى النهوض باللغة العربية والجميع يتحاور او يناظر بين سبب وآخر لتراجع اللغة العربية وهي كثر وجديرة بالطرح وأحدهم لم يطرق إما "حياء" أو "مجاملة" أو "نفاقاً" أو "خوفاً" في زمن صراحة الشعوب مع الحكومات، أو انعكاسا لازدواجية رأي البعض في مفارقة بين هذيانهم بسخط في وسائط "الاعلام الاجتماعي"، ورأيهم المقنّن المختلف في الصحف المطبوعة او في المحافل المواجهية "وجها لوجه".. لم تتراجع اللغة العربية بعجز ذاتي بل اثبتت واثبت الجميع انها صامدة كما هي بل واقوى وعند بحث الأسباب وجد المنتدون ان الاسباب كثيرة وكبيرة لعل اهمها تغييب ابنائها لها رغبة منهم في تعليم "خاص" بلغة الآخر يطوّع الألسنة قسرا حتى في المنزل، وما لم يطرح وهو الأهم "السياسات العليا للتعليم العام في اي قطر". ان سياسات "راند" في التعليم العام في قطر لمدة عقد مضى بدعوى التطوير والعالمية كانت هي السبب في تراجع اللغة العربية عن أوج قوتها في أجيال مضت حتى مع وجود منهج اللغة ولكنه تم تهميشه وتقليص حجم ونوع وعدد مقرراته ومقررات حفظ كتاب الله فيه، والدليل من وقفت في المنتدى أمام سمو الشيخة وهي قطرية وقالت: "لا أستطيع أن أفهم كتابا باللغة العربية كفهمي له بالإنجلزية" صدقنا جميعا على قولها لأنها تحدّثت بمقولة أقرانها وبهمّ شباب جيلها ممن انخرطوا في عقد تعليم قطر- حتى المستقل ايضا وليس الخاص- مهما بذل الوالدان من جهود ومهما تكاتف التعليم الإضافي مع المدرسي. لذلك نحيي حقا هذه الصحوة اللغوية المجيدة، واحيي قرار دولة قطر ممثّلاً بسمو ولي العهد الكريم وسمو الشيخة "بالتعريب" مع الحفاظ على المعايير العالمية في التعليم العام التحليلي النقدي التي انتفع العلم بها بلا شك. ونحيي مبادرة سموها ورعايتها الكريمة وحضورها الفاعل منتدى النهوض باللغة العربية وما اطلقته من مبادرات جمة للعربية وثّقت العلاقة بين اللغة واصحابها وشبابها ووعائها ومجامعها اللغوية التي رزحت فترة وراء التغييب وتهم "الهرم والشيخوخة اللغوية"، مبادرات كسرت الجمود وجسّرت الهوة بين الأجيال، فكانت دعوة صادقة سيكتب لها باذن الله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. وفّق الله قادتنا وولاة أمرنا لما فيه الخير دائما.