15 سبتمبر 2025
تسجيليحتفل العالم في الأول من مايو من كل عام باليوم العالمي للعمال، الذي تعبر من خلاله الدول ممثلة بوزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها ومؤسسات المجتمع المدني بتقديرها للدور الكبير الذي يقوم بها عمالها في خدمة دولتهم ومجتمعهم، بغض النظر عن طبيعة هذا العمل، ولأن العمل عبادة وشيء مقدس تبني الدول حضارتها وتقدمها من خلال تحقيق متطلبات وطموحات عمالها، ليقينها بأن الأمن والازدهار والتطور لا تتأتى أو تتحقق إلا بهم. ولا شك أن تاريخ 1 مايو لم يأت صدفة وله أحداثه التاريخية التي جعلته محفوراً في ذاكرة العمال والدول، فتعود خلفيته إلى القرن التاسع عشر وبالتحديد في ثلاث دول هي أمريكا وكندا وأستراليا، وتذكر المصادر أن بداية عيد العمال كان يوم 21 أبريل 1856 في استراليا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عندما طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886 بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى 8 ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا، وفي تورونتو الكندية التي كانت تشهد حراكاً قوياً للعمال فيها حضر زعيم العمال الأمريكي بيتر ماكغواير احتفالاً بعيد العمال، فنقل بدوره ماكغواير الفكرة لبلاده ليتم الإعلان عن أول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية في الخامس من سبتمبر 1882 بمدينة نيويورك، بعدها بأربع سنوات وبالتحديد في 1 مايو 1886 نظّم العمال في شيكاغو ومن ثم في تورونتو إضراباً عاماً عن العمل شارك فيه ما بين 350 و400 عامل للمطالبة بتحديد ساعات العمل وهي 8 ساعات، الأمر الذي لم يرق للسلطات وأصحاب المعامل والشركات، خصوصاً وأن الإضراب شلّ الحركة الاقتصادية في المدينة، مما أدى إلى تدخل قوى الأمن وفتحوا النار على المتظاهرين وقتلوا عدداً منهم، وتوالت الأحداث بعدها فبعد وفاة عمال على أيدي الجيش الأمريكي فيما عُرف بإضراب بولمان عام 1894، سعى حينها الرئيس الأمريكي غروفر كليفلاند لمصالحة مع حزب العمل تم على إثرها بستة أيام تشريع عيد للعمال وإعلانه إجازة رسمية، تجاوزت قضايا العمال الأمريكيين أسوار أمريكا ليبلغ صداها عمال العالم، وفي عام 1904 دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في الأول من مايو من كل عام ليتفق العالم منذ ذلك التاريخ باعتباره يوماً عالمياً للعمال. ولا شك أنه مع تزايد العمال في العديد من المهن والتخصصات أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد جمعيات أو نقابات تنظم عمل العمال وتطالب بحقوقهم وتأخذ صفتها الشرعية والقانونية من العمال الذين يرون بأن هناك هوة بين الدولة والوزارة أو الشركة أو المؤسسة ولابد من ردم هذه الهوة من خلال جهة ليس لها هدف سياسي ولا اقتصادي ولا غيره سوى أنها تسعى لتمثيل العمال أمام السلطات عند حدوث أي خلل يتعلق بحقوقهم ومتطلباتهم وفق القوانين واللوائح التي لا تهضم حقوقهم. ونحن في قطر، ولله الحمد، لا نعيش في ظروف تعتريها أي أزمات وعراقيل تقف أمام أي شريحة من العاملين في كافة القطاعات، بل نجد تسهيلات لا حصر لها فيما يتعلق بممارسة أي عمل، أو ممارسة تحتاج فيها إلى مساحات رحبة من الحرية والديمقراطية، ولاسيما أننا نعيش أجواء الاستعداد لانتخابات مجلس الشورى المنتخب خلال هذا العام، ولأن الجمعيات أو النقابات العمالية تُسهم في تمكين الأفراد وحثهم على ممارسة دورهم المطلوب في بناء الوطن وتعزيز ثقافة الشراكة المجتمعية فإشهارها سيدعم كل صور التمكين وسيسهل على الدولة تحقيق التكامل بينها وبين مؤسسات المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص. ولعل من أهم القطاعات التي تُعوّل عليها الدولة وتُنفق عليها النصيب الأكبر من ميزانيتها هما قطاعا الصحة والتعليم، وأكبر نسبة عمال يعملون في هذين القطاعين، وكما أن التركيز عليهما والأمانة الثقيلة المنوطة بالعاملين فيهما تستدعي أن يكون لكليهما جمعية تساندهما في حلحلة ما قد يتعرضان له من عراقيل أو معضلات سواء كانت تتعلق بمخرجات العمل وأثرها على المتلقي أو المستفيد، أو ما يتعلق بالعاملين أنفسهم الذين يشكلون عصب وشريان هذين القطاعين، فمن يتابع عمل هذين القطاعين وخاصة في الفترة الأخيرة وما أفرزته جائحة كوفيد 19 من تداعيات أدّت إلى ظهور العديد من المشكلات والأزمات لمقدمي الخدمات والعاملين والمستفيدين، وصارت للأسف حديث الشارع الذي من حقه أن يطالب بوضع الحلول وعدم السكوت عليها حتى لا يتضاعف حجمها ومن ثم يصعب إيجاد حل لها!. إنشاء هاتين الجمعيتين من شأنه أن يضع المشكلات التي قد يتعرض لها العاملون أو حتى المستفيدون من الأفراد في سلتيهما، وإيجاد حل لهم بعيون متفحصة وأمينة حتى تحقق العدل والإنصاف لأفرادها العاملين وبالتالي حماية المنظومتين من أي مخاطر داخلية أو خارجية قد تؤثر في الأداء والمخرجات. فكما أن لدينا جمعية للمحامين القطرية وأخرى للمهندسين، وهما تتعلقان بمهن مهمة تُعوّل عليها الدولة كثيراً، فمن حق العاملين في القطاعين الصحي والتعليمي أن يكون لديهم أيضاً (جمعية للعاملين في القطاع الصحي) و(جمعية للمعلمين القطريين)، وبذلك يزيد عدد الجمعيات التي لا شك بأنه سيكون لها دور رائد في تعزيز قطاعاتها وترسيخ دور مؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في دفع عجلة نهضة وتقدم دولتنا الفتية. فاصلة أخيرة إحساس الموظف بأنه ظُلم في ترقيته أو تم خصم علاوة منه أو تعرضه لضغط عمل دون أي تقدير له أو عدم تطويره وتحفيزه، كلها للأسف عوامل تهدم فيه روح العطاء والإنتاجية والعمل بإخلاص وتفان، فلا تكن عزيزي المدير أو المسؤول فوق ظروف الحياة التي لا تعلمونها عن هذا الموظف قُساة عليه وغير منصفين!. [email protected]